الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«قضية ظل الحمار».. كوميديا صناعة الرأي العام

«قضية ظل الحمار».. كوميديا صناعة الرأي العام
12 أكتوبر 2015 23:54
عصام أبو القاسم (الشارقة) انطلقت أول أمس فاعليات الدورة الرابعة لمهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة الذي تنظمه إدارة المسرح في دائرة الثقافة والإعلام في الإمارة بمسرح المركز الثقافي لمدينة كلباء ويستمر إلى الخامس عشر من الشهر الجاري. وعقب حفل الافتتاح الذي شهد جملة من الفقرات، قُدم عرض لمسرحية «قضية ظل الحمار» تأليف فردريش دورينمات (1921 1990) وإخراج أنس عبدالله، بمشاركة نحو 16 ممثلاً أظهروا حماسة عالية على مدار العرض، وحولوا خشبة المسرح والصالة، بحيويتهم الأدائية، إلى دائرة واسعة من الفرجة الفكهة، ودائرة تهدر بالأصوات والألوان وقرعات الطبول. على رغم اختصاره أجزاء عدة منه، فإن الفنان السوداني الشاب، أفلح في الحفاظ على جوهر النص الذي تُرجم إلى العربية ثمانينيات القرن الماضي وعرض عشرات المرات في المسارح العربية، ولكنه ظل متجدداً وقابلاً للعمل عليه في كل مرة. يستند العمل على خلاف وقع بين «طبيب الأسنان» شرتسيون، قام بدوره كامران كنجو، و«صاحب الحمار» أنتراكس، وقام بدوره أحمد رجب، حول ظل حمار، فالأول استأجر الحمار ليتنقل به إلى قرية تبعد قليلاً عن المدينة في سفرة لعلاج مريض، وفي منتصف الطريق حين اشتد الحر، طلب من صاحب الحمار أن تتوقف الرحلة ليستظل بظل الحمار، فرفض صاحب الحمار أن يوافق على طلب الطبيب، إلا بعد أن يدفع الأخير، أجرة إضافية، لظهر الحمار أجره، ولظله أجر آخر! وتصاعد الخلاف بين الاثنين واضطرا للذهاب إلى المحكمة، وهناك يتعقد الأمر أكثر، بخاصة حين تتبدل الوقفة أمام القاضي من مطالبة بالحق إلى الإزدراء بالطرف الآخر والتقليل من قيمته، وذلك من باب التأثير على القاضي وكسب ميله، فالطبيب، وبحكم مكانته في المجتمع، ينظر من علٍ، إلى صاحب الحمار، وينعته تحقيراً وتنقيصاً، والأخير ينظر بدوره في حنق إلى الأول ولا يتردد في السخرية منه. وتبدأ الأمور في التفاقم بين الاثنين إلى أن يحار القاضي في الحكم بينهما، وما تلبث الأمور أن تبلغ طوراً أكثر تعقيداً حين يلجأ الخصمان إلى محاميين للدفاع عنهما، وصحبة المحاميين، يتزاحم في المحكمة شهود الخبرة والهيئات والجمعيات وباعة الخضر والفاكهة والأقمشة، على كل شكل ولون. وتنقسم المدينة، فثمة قسم يدافع عن الطبيب ويرى أن استئجار الحمار يعني التمتع بظله أيضاً، فيما يرى القسم الآخر أن على الطبيب دفع أجرة إضافية إذا أراد الاستظلال بظل الحمار زيادة على ركوبه ظهره. هكذا، يتحول الخلاف بين الطبيب وصاحب الحمار، الذي بدا بسيطاً وهيناً، إلى قضية رأي عام. وأظهر عبدالله جرأة لافتة في تعاطيه مع النص، الذي يصور عبر حواراته المطولة، البليغة والمشغولة بتوابل الإقناع وبهارات التأثير، كيف أن لكل مدينة مشاكلها الثاوية والمبطنة أو المطوية التي تحتاج إلى مجرد خلاف صغير لتنفجر وتكشف الأسرار والسرائر، إذ قام بموضعة شخصية الراوي (قام بالدور محمد إسحق)، بصفة أساسية، ليتخلص أو يلخص عبر سردياته وتعليقاته، مشاهد أو لوحات عدة في بداية النص ونهايته، حتى يتجلى النص فوق الخشبة، كثيفاً وبلا فجوات أو فراغات ولكن أيضاً حتى يكون قصيراً كما ينبغي ولا يثقل على الممثلين. منذ البداية، مضى العمل، الذي لم تزد مدته على نصف ساعة، إلى إضفاء جو هزلي سوداوي على وقائعه، عبر حلول وتقنيات أدائية، داخلت وربطت بين زمكان النص وزمكان العرض، سواء من خلال استثمار بعض الالحان والموتيفات والتعبيرات الصوتية التي كرستها، أخيراً، حركات التظاهر السياسي في بعض البلدان العربية، أو عبر الأزياء التي لعبت دورين مزدوجين، فهي ميزت بين الشخصيات من حيث مواقعها ومواقفها كما بدت كاركاتورية وهزلية، وخصوصاً في ألوانها وتصميماتها. وشارك في العمل أيضاً: عبدالله الشعساني، محمود النجار، فارس زياد، حميد محمد عبدالله، فيصل موسى على، مرسال إسماعيل فرج، أنس إحسان، جاسم سامي غريب، محمد حسين، شهاب علي أحمد، حمد عبدالله حسين، عادل حسين محمد، أحمد حلمي، ناصر جلال علي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©