الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في سوريا.. لمن اليد الطولى؟

12 أكتوبر 2015 23:27
أعلن مسؤولون أميركيون كبار يوم الجمعة الماضي ما وصفوه بأنه «توقف إجرائي» لمسعى غير ناجح لتدريب معارضين سوريين «معتدلين» يقاتلون «داعش». ولم يحظ هذا الإعلان بترحيب إلى حد بعيد. وقد صرح مسؤول بارز من الإدارة الأميركية للصحفيين قائلاً: «إننا نتعقب بالفعل داعش، وهو ما لا تفعله روسيا». وأضاف أن روسيا بدعمها نظام الأسد تغامر بأن «تغرق نفسها في مستنقع». ويرى مسؤولون أميركيون أن روسيا تورط نفسها في حرب عراق خاصة بها، أو بدقة أكثر، تكرر تجربة شبيهة بتدخلها الكارثي في أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي في العهد السوفييتي، ولكن هذا لا يجعل بالضرورة وضع الجيش الأميركي في أرض المعركة أفضل بحال أيضاً. وقد أكد أنطوني كوردسمان، المحلل المختص في الشؤون العسكرية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، أنه «إذا كنا نتندر على أن الروس استُدرجوا إلى مستنقع.. فعلينا أن نتذكر أننا نحن هناك أيضاً». وأضاف أن ثمة متخصصين أميركيين في العمليات والاستخبارات العسكرية في الدهاليز يجدون صعوبة في التعامل مع مهمة تدريب لا تجدي نفعاً، وانقسامات عرقية تتزايد، وحكومة في العراق لا تستطيع فرض سيادتها على كامل البلاد. والآن تأخذ روسيا بزمام المبادرة. وقد أظهرت الأيام القليلة الماضية أن فرص روسيا في الحصول على ما تريده في سوريا أفضل بكثير من الولايات المتحدة. فهل سيكون هذا مكسباً روسيّاً طويل الأمد؟ ليس هذا من المؤكد إلى حد بعيد، ولكنه يثير قلق مسؤولي الدفاع السابقين على المدى القصير. وبدوره يشير كريستوفر هارمر نائب المدير السابق لعمليات الأسطول البحري الأميركي الخامس إلى أن «الشروط لا يمليها الروس.. فلديهم 30 طائرة تحلق في سوريا. ولدينا أكثر من هذا، ويجب ألا يملوا علينا، بل يجب علينا أن نملي عليهم». وقد تعين على طائرتين أميركيتين أن تغيرا مسارهما فوق سوريا الأسبوع الماضي لإيجاد مسافة آمنة بعيداً عن طائرة روسية مقاتلة. ويؤكد «هارمر»، وهو محلل بحري بارز حالياً في معهد دراسة الحرب، أن «هناك اتصالاً بيننا وبين الروس طوال الوقت بشأن سبل تفادي التصادم». ولكن تدخل روسيا يتحدث أيضاً عن جرأتها ورغبتها في إشعار الولايات المتحدة بهذه الجرأة. وعندما شنت روسيا ضربات بصواريخ «كروز» من بحر قزوين على بعد 1500 كلم، وليس من البحر المتوسط، كانت تبعث برسالة إلى الولايات المتحدة مفادها أن «الروس لديهم إمكانية الدخول بلا قيد إلى المجال الجوي الإيراني والعراقي». ويؤكد «هارمر» أن روسيا لديها «وكلاء في صورة جيش النظام السوري وحزب الله والإيرانيين ليقوموا بالقتال الفعلي على الأرض.. وليس لدينا نحن مثل هذا». والآن دخلت روسيا الحلبة. ولم توجه من ضرباتها الجوية ضد «داعش» إلا نسبة 10 في المئة، بحسب تقدير بعض المسؤولين، وباقي الهجمات استهدفت جماعات أخرى معارضة للأسد. ولا يقتصر الهدف من دخول روسيا الحلبة على وقف تقدم قوى المعارضة التي تهدد نظام الأسد ولكن أيضاً التخطيط لهجوم ميداني مضاد لاستعادة أراض انتزعت منه. وقد حذر الجنرال المتقاعد «جون كين» الذي يعمل حالياً في معهد دراسة الحرب في جلسة استماع في الكونجرس الأميركي الأسبوع الماضي من أن الجيش الروسي أقام قاعدة عمليات أمامية في سوريا تتألف مما يتراوح بين ألفين وثلاثة آلاف جندي روسي، بالإضافة إلى طائرات مقاتلة ومروحيات وطائرات بلا طيار وكتيبة جنود. وبينما أعرب مسؤول في البنتاجون هذا الأسبوع عن عدم اكتراثه بإعلان تعاون استخباراتي بين سوريا والعراق وإيران وروسيا إلا أن «كوردسمان»، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، جادل بأن مثل هذا التعاون «يخلق كل أنواع التعقيدات للوجود الأميركي». وبينما تحشد روسيا حلفاءها في الشرق الأوسط خلف الحرب السورية لم تحشد الولايات حلفاءها المناهضين للأسد واختارت بدلاً من هذا محاولة تجنب الوقوع في مستنقع آخر، واكتفت بالتركيز على محاربة «داعش». ويرى «كوردسمان» أن الحلفاء العرب «ينظرون إلينا بمستويات مختلفة من عدم الثقة.. لم نعزز الثقة بين الحلفاء العرب، والروس يستغلون هذا أساساً». أما «هارمر» فيرى أن الروس يتقدمون في سوريا وهم «مطمئنون بدرجة ما إلى أن الأسد سيظل في موضعه في المستقبل المنظور». آنا مارلين* * مراسلة عسكرية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©