وسط تلك الخشبة وكلُّ ما حولي فراغ، أرى إضاءةً سُلِّطَت عَلَيَّ مِنَ الأعلى، رُكِّزَت في المنتصف على شكل دائرة، أنا مَركزها وهي تُحيط بي، تُشَكّل تِلكَ المساحة الصغيرة التي لا يَرى من في الكرسيّ الأحمر غيرها.
تصفيق حار، بقوّة، بعد كُلِّ كَلِمةٍ تُقال فوق هذه الخشبة الفارِغة، بعد كل ما يؤثر في قائلها والمُستَمِع، بعد كُلّ الطاقة المنطلقة مِمَن يُمثّل الواقع والخيال، الكوميديا والرعب، المتعة والاستفادة.
جُمهور، مُخرِج، مُمَثل، مؤلف، خلف الكواليس، الإضاءة، الصوت، نص المسرحية، المَشاهد والتوقيت، كَم هي متناسقة مترابطة، وكلٌّ يقوم بها في الحياة، كُلّ من في الأرض يُسَمّى ممثلاً، ليس بالضرورة أن يكون معروفاً يُمارِس تمثيلهُ على خشبة المسرح، إنما في الواقع، المنزل، المدرسة، المشفى وحتّى في المجلس، فالمسرح.. حياة مُصَغّرة، والحياة.. مسرح كبير، كُلُّ من به ممثل، بِنَصٍّ مفتوح لا يَتَقَيّد به، واقفٌ أمام جمهور يَتَغَيّر في كُلِّ لحظة.
بيت للمعرفة والمرح، المسرح بيت، والبيت لا يخلو من عائلة، لكن هذه العائلة مُختَلِفة، فَلَيسوا بالقبيلة نفسها ولا اسم الوالد، ولا إخوةً حقيقيين، إنّما عائلة مسرحية، ممثل، مؤلّف، مخرج، أسرة مترابطة لتوصل المتعة، ولنشر رسالة ولبناء مجتمع.. «وسيبقى المسرح ما بقيت الحياة».
مريم علي الشالوبي