الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إرهاب «الحوثي والمخلوع» يغتال الطفولة اليمنية

إرهاب «الحوثي والمخلوع» يغتال الطفولة اليمنية
12 أكتوبر 2015 10:44
ابتهال الصالحي (عدن) في انتهاك صارخ للطفولة، قامت ميلشيات الحوثي الإرهابية بتجنيد الأطفال في اليمن، والزج بهم في صراعات مسلحة، ورميهم في أتون الحرب، لتكون النتيجة إما قتلاً أو معاقين أو أسرى، ومن هو سعيد الحظ قد يعاني أزمات نفسية شديدة قد تستمر معه طوال الحياة. وفي حرب جماعات الحوثي المسلحة والموالين للمخلوع صالح، استخدمت مئات الأطفال وزجت بهم في حرب خاسرة، استهدفت كل شيء جميل فيها، حتى براة الطفولة قامت بتشويهها. ومنذ الأيام الأولى للحرب، أسرت المقاومة الشعبية والجيش الوطني الموالي للشرعية عشرات من هؤلاء الأطفال الذين حملوا السلاح بعد إيهامهم أن مشاركتهم في هذه الحرب هو هدف مقدس، وأنهم سيقاتلون أعداء الله، وحسب شهادات الأطفال، فقد كان الحوثيون يوهمونهم بأنهم سيقاتلون الدواعش والتكفيريين والأميركيين والإسرائيليين! في مقر الاحتجاز يقدمون لهم الطعام والشراب الكافي، يغتسلون بشكل يومي، واستخدام الحمام في أي وقت يشاؤون، حسب ما قال لنا كل الأطفال المجندين الذين التقيناهم. يوجد قرابة 30 طفلاً أسيراً لدى المقاومة من المجندين مع جماعات الحوثي والمخلوع المسلحة في حربهم على عدن، وليس هذا هو العدد الكامل للأطفال الذين شاركوا في الحرب معهم، حيث هناك أطفال مجندون سلموا أنفسهم للأهالي في مناطق مختلفة من عدن، والأهالي قاموا بالتواصل مع أهاليهم وتسليمهم إياهم، كما أن هناك أطفالاً مجندين كثر لقوا حتفهم أثناء الحرب وتبادل إطلاق النيران، كما أن بعضهم قد قتلوا بأيدي الجماعات الحوثية والموالية للمخلوع أنفسهم، كما قال بعض هؤلاء الأطفال عندما كان ينشب خلاف بينهم بعد كل هزيمة يتلقونها في جبهات القتال، كما أن الكثير من الأطفال المجندين مع هذه الجماعات قد استغلوا جنسياً حسب ما أفاد به المسؤولون عن احتجازهم، وبسبب حساسية الأمر رفضوا التصريح لنا بشكل مباشر بهذا الأمر، الكثير منهم يعانون حالات نفسية سيئة بسبب ما شاهدوه من هذه الجماعات أثناء الحرب، بل إن الكثير منهم كان يتبول لا إرادياً، المسؤولون عن احتجازهم قاموا بعرضهم على أطباء نفسانيين واجتماعيين للتخفيف من الحالات النفسية التي كانوا يعانون منها، كما أنهم كانوا يعانون أمراضاً جلدية ومعوية. وقد قاموا بإغرائهم بالمال والسلاح والوظيفة العسكرية، ولأن معظم الأطفال المجندين في صفوف هذه الجماعات الضالة ينحدر من أسر فقيرة، فقد كانت المشاركة في هذه الحرب بارقة أمل لهم في تحسين وضعهم وأسرهم المادي، حالمين بمستقبل أفضل، فقد عانوا كثيراً أثناء حكم المخلوع الذي عمل على تجهيلهم وإفقارهم وحصرهم في دائرة البحث عن لقمة العيش مهما كلفهم الثمن. «الاتحاد» نزلت إلى مراكز احتجاز هؤلاء الأطفال المجندين لتلتقي بهم ولتستمع منهم.. معاذ وعقيل وغيرهم العشرات، نموذج لقصص مأساوية تعيشها الطفولة في اليمن، تقوم هذه الجماعات باستغلالها أبشع استغلال، كما أن لجوء جماعات الحوثي والمخلوع إلى تجنيد الأطفال في معاركهم، يعكس خسارتهم لكثير من جنودهم الذين رعتهم إيران تسليحاً وتدريباً على مدى سنوات. لقاؤنا الأول كان مع أول طفل أسرته المقاومة «معاذ منصر يحيى عوضه»، 13 سنة، في الصف الثامن ابتدائي، معاذ الأخير في الترتيب بين إخوته الخمسة، جاء من عمران إلى عدن عبر صنعاء في 20 رجب بعد أن قابل أشخاصاً قدموا من عدن كانوا ضمن مليشيات الحوثي وصالح، وقالوا له إنهم سيعطونه مالاً وسلاحاً وسيرقم عسكرياً، وأنهم مسيطرون على كل شيء في عدن. معاذ نزل إلى عدن وهو يعلم أن هناك حرباً، ولكنهم وعدوه أنه لن يكون في جبهات القتال، وأنه فقط سيكون في نقاط التأمين، وفي عمليات التفتيش في النقاط فقط، يقول معاذ «فكرت أنني بالمال الذي سيعطونني إياه سأشتري كل ما أحلم به من ثياب جديدة وطعام كثير لي ولإخوتي، وبما معه من مال استأجر سيارة «هايلوكس» هو ومن كان معه، ولكنه حين وصل إلى عدن أحس بالانزعاج الشديد من الحر والخوف أيضاً، فالشوارع خالية وشبح الموت في كل مكان، فقرر العودة، ولكنهم لم يعطوه أي نقود، وبعد خمسة أيام من وصوله إلى عدن، وعندما قرر سائق «الهايلوكس» الذي نزل معه، والذي كان يتردد على النقطة التي تمترس فيها معاذ، العودة إلى صنعاء، حاول معاذ استعطافه بأن يأخذه معه، وبالفعل وافق على طلبه، ولكنهم أسروا جميعاً، وهم في الطريق». يقول معاذ على مدى الأيام الخمسة التي قضاها مع جماعة الحوثي والمخلوع، كنت أترجاهم أن يعيروني تلفوناتهم لأتصل بأمي وأبي، ولكنهم كانوا يرفضون طلبي، وبعد أن تم أسري من قبل المقاومة، استطعت التواصل تلفونياً مع أبي وأمي وإخوتي أكثر من مرة، وعرفوا أنني في عدن وأسير لدى المقاومة. يقول معاذ كغيره من الأطفال الذي التقيناهم، إن المقاومة التي تحتجزهم تعاملهم جيداً، ولكنه مشتاق جداً لأبيه وأمه وإخوته، ويتمنى العودة في أسرع وقت، وأنه سيعود ويكمل دراسته ولن يغادر المدينة أبداً بعد الآن. معاذ هو أول طفل أسير تم أسره وإيداعه في الحجز لدى المقاومة، وقد قال لنا أحد الشباب الذين يتولون رعايتهم وحراستهم، إنه كان كثير البكاء في أول الأمر، ولكنه الآن لم يعد يبكي. الطفل المقاتل يختلف الطفل «ط. ع. ط»، في الصف السابع ابتدائي عن غيره من الأطفال الذي التقينا بهم، وعلى الرغم من سنه الصغير «14 عاماً»، إلى أن القوة كانت واضحة على ملامح وجهه، فلم يكن يشعر بالخوف أو الندم على ما فعله، ولكنه كان يشعر بالندم لأنه وقع في الأسر، كما قال!! وقال «جئت إلى عدن لأقاتل مع الحق ضد الدواعش»! نزل إلى عدن في 26 رمضان برفقة أصدقائه وعدد من الأشخاص، بعد أن خسرت هذه الجماعات أفراداً كثر في عدن، وأرادوا تعزيز قواتهم هناك، وحسب روايته، أن أسرته لم تكن تعلم بنزوله وأنه أبلغهم فقط عندما وصل عدن، وأن أباه قد بدأ يبحث عنه بعد مغادرته صنعاء، حيث نزل وتمترس في نقطة تفتيش في كريتر، ثم انتقل إلى قصر المعاشيق. حكاية الأسر حسب روايته، أن المحاصرة كانت شديدة، حيث استمرت 8 أيام من 27 رمضان حتى 5 شوال، قضى 3 أيام منها من دون طعام نهائياً. «عندما دخلت المقاومة، البعض قاوم حتى قتل، والبعض الآخر استسلم»، هكذا قال، وهو من ضمن من استسلم، وعندما سألناه هل تشعر أن نزولك كان قراراً صائباً؟، قال «أنتم انتصرتم، والحق دائماً منتصر». في مقر الاحتجاز حسب روايته، كانت المعاملة طيبة، قدموا لهم الماء البارد والطعام، وأعطوهم الأمان، وافهموهم أنهم هنا مؤقتاً لحين يتم تبديلهم بأسرى جنوبيين، يتمنى أن يعود لأهله ويجتمع بهم عما قريب، ويضيف أنه سيكمل دراسته وسيكون مع الحق مهما كان وفي أي مكان، حتى لو تطلب حمل السلاح مجدداً. ثلث المقاتلين أطفال أشارت ممثلة اليونيسيف لدى اليمن جوليان هارنيس، إلى أن ثلث المقاتلين في صفوف جماعة الحوثي هم من الأطفال، وقالت في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية، إن معدلات تجنيد الأطفال ارتفعت بشكل كبير، مشيرة إلى أن الأطفال مستقبل اليمن، ويجب أن يحصلوا على الحماية في جميع الأوقات، وينبغي إبعادهم عن الخطر، وأن مكانهم الطبيعي هو في مدارسهم يتعلمون، وليس على الخطوط الأمامية يحاولون تفادي الرصاص. وكانت منظمة حقوق الإنسان قد حذرت في تقرير صادر في مايو من العام الحالي، من أن «جماعة الحوثي المسلحة في اليمن كثفت من عملياتها لتجنيد الأطفال وتدريبهم ونشرهم، في انتهاك للقانون الدولي». وبحسب التقرير، فإنه منذ سبتمبر 2014، وعند استيلاء الحوثيين على العاصمة صنعاء، تزايد استخدامهم للأطفال ككشافة وحراس وسعاة ومقاتلين، مع تعريض بعض الأطفال للإصابة والقتل. كوابيس لصور الجرحى وحلم بحضن الأم همدان مطر أحمد ناجي، 13 سنة، من محافظة عمران في الصف الثالث الابتدائي نزل إلى عدن في 20 رمضان وتم أسره في منطقة العريش في 28 رمضان، همدان نزل برفقة مجموعة من الأفراد الذين قالوا له، إنهم سيعطونه مالاً وسلاحاً، وسيتم ترقيمهم، يقول همدان إنه على الرغم من وعود الجماعة التي قامت بتجنيده بأنها ستعطيه سلاحاً ومالاً، إلا أنهم لم يعطوه شيئاً بعد أن وصل إلى عدن، نزل همدان ولم يعطوه أي شيء، وعندما طالبهم بالسلاح قالوا له، إن مخازن السلاح قد استهدفتها طائرات التحالف، ولكنهم كانوا يوفرون له الطعام والشراب والدخان!! تمترس همدان في نقطة في العريش، وكانوا يأتون بجرحى المليشيات إلى عندهم، ويقوم هو بمساعدة المسعفين تمهيداً لنقلهم إلى مستشفى مخفية حسب تعبير همدان، وعندما سألته عن شعوره عندما كان يشاهد الجرحى قال «كنت خائفاً جداً من منظرهم، والدماء تخرج من كل مكان، وكنت عندما أنام أتخيل أنني جرحت وتقطعت أقدامي، وكنت أصحو مفزوعاً، وعندها يضحك الجنود الكبار علي!». همدان قال إنه كان في النقطة وإن الميليشيات كانت تمنع المواطنين من الدخول، خاصة من الذين ينقلون المواد الغذائية والخضراوات، وإنهم كانوا يمنعون الأسر من المرور، ولكنه كان في بعض الأوقات يسمح لهم بالمرور في غفلة عن الجنود الكبار. في النقطة التي كان فيها همدان، كان موجوداً برفقته طفلان آخران من ذمار، وفي 28 رمضان اشتدت هجمات المقاومة والطيران، وشاهد دبابة المقاومة تضرب النقطة التي كانوا يتمترسون فيها، وشاهد عدداً من عناصر الميليشيات تقتل «تطايروا مثل الذبان»، كما وصفهم. وبعدها «جهزوا سلاح البازوكة لضرب المقاومة، ولكنهم أخطأوا التصويب»، وحينها أحس همدان والطفلان الذي معه بالخوف الشديد، وقاموا بالهرب إلى إحدى البنايات الفارغة من السكان، واختبؤوا فيها قرابة 6 ساعات، وبعدها جاءت المقاومة وفتشت المبنى، لتجدهم مختبئين هناك وسلموا أنفسهم. همدان يقول، إنه يحلم بأمه كل ليلة، وكيف سيقوم بحضنها عندما يعود، ويتمنى من الله أن يسامحه على ما فعله بنفسه وبالمواطنين في عدن. أمل مشاهدة البحر كاد يفقده حياته يختلف الطفل «عقيل علي الحبسي»، 15 سنة، عن غيره من الأطفال الذي شاركوا في هذه الحرب طمعاً في المال والسلاح والوظيفة، فقد كان حلم عقيل، وهو القادم من أسرة ميسورة الحال، إلى عدن فقط ليشاهد البحر عن قرب، عقيل في الصف الثامن الابتدائي من محافظة البيضاء مديرية رداع وهو الثالث بين سبعة إخوة، 3 أولاد و4 بنات. لم يغرر بعقيل سماسرة جماعة الحوثي، ولكن خاله من فعل، خاله الذي كان يؤمن بمعتقدات السيد عبدالملك الحوثي هو من أقنع عقيل بالنزول إلى عدن، وخفية عن أسرته، لأنه يعلم أنهم سيرفضون هذا القرار، كما يقول، عقيل نزل إلى عدن في 25 رمضان برفقة خاله وبعض الأفراد من المنطقة، وعندما وصل عدن اتصل بوالده، وأبلغه بأنه في عدن، وقام الأب بمعاتبته، وأمره بالرجوع فوراً، وساعتها أحس عقيل بالندم على قرار النزول إلى عدن، وحسب كلامه، أنه كان دائماً الإلحاح على خاله بتدبير سيارة للرجوع، ولكن عقيل لم يستطع الرجوع. وفي اليوم الثاني 27 رمضان، انقطعت الاتصالات بعد استهداف هذه الجماعات أبراج الاتصالات في عدن، وبدأ حصار المقاومة لقصر المعاشيق، واستمر الحصار حتى 5 شوال، وخلال هذه الأيام كان هناك نقص شديد في الطعام والشراب، وفي صباح اليوم الخامس من شوال، ضرب طيران التحالف قصر المعاشيق، وطلب خال عقيل منه النزول إلى البحر والاختباء وهو سيلحقه، ولكن خاله قتل في غارة الطيران، اختبئ عقيل في البحر، ومن شدة خوفه كان يدخل رأسه في الماء حتى لا تراه الطائرات وكاد أن يغرق، بعدها بلحظات جاء اثنان من عناصر الميليشيات الذين فروا من القصر ومن ضربات الطائرة، وأنقذوه وأخرجوه إلى الشاطئ ورحلوا، مكث عقيل فترة حتى استرد أنفاسه، وصعد السلالم المؤدية إلى القصر، وعندما وصل وجد هناك أفراد المقاومة الجنوبية، وسلم نفسه وأعطوه الأمان، أخذوه إلى مقر الاحتجاز، وأعطوه الماء والطعام، فيما بعد تواصل والده تلفونياً مع إدارة الحجز، وطلب منهم أن يتكلم مع ابنه عقيل، وحدثهم أن أمه أصيبت بجلطة، وتريد أن تتحدث مع ابنها، وبالفعل تحدث عقيل مع أمه واطمئن عليها واطمأنت عليه. يشعر عقيل بندم كبير، لأنه كما يقول اتخذ قراراً كاد قد يفقده حياته، عقيل يتمنى أن يعود لأهله في أقرب وقت ممكن، وأنه سيترك السياسة للكبار، ويلتفت لمستقبله ودراسته، فهو كما يقول كان من المتفوقين دراسياً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©