الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفساد و«بيع المباريات».. «مرض صامت» في قلب الكرة الآسيوية !!

الفساد و«بيع المباريات».. «مرض صامت» في قلب الكرة الآسيوية !!
27 يناير 2015 01:31
معتز الشامي (سيدني) في إطار البحث عن الحقائق، قررنا أن نخترق الملف الشائك، وأن نفتح باباً لقضية لطالما دخلت في إطار «المسكوت عنه»، لأن الهدف هو إلقاء الضوء على حال الكرة الآسيوية، وكل ما يعيق تقدمها حتى تصل لمرحلة التطور والانطلاقة الحقيقية، بالتزامن مع دخول اللعبة في مرحلة جديدة، حيث يقترب البيت القاري للعبة من دورة انتخابية جديدة مليئة بالتحديات أمام الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم. وقد عرضنا بالأمس تمهيداً لحلقة اليوم، عندما تحدثنا عن انتشار الفقر والعوز في الكثير من الدوريات الآسيوية، وهو ما يعني وجود بيئة خصبة لما يمكن أن نسمية بـ «مافيا التلاعب بنتائج المباريات»، التي لم تتوقف عند الدوريات «المغمورة» آسيوياً، ولكنها تجاوزتها لاختراق دوريات غنية ولها اسمها في القارة الصفراء. وقد هالنا ما وقع بين أيدينا من مستندات خلال رحلة بحث عن مصادر ما يلقب بـ«مافيا التلاعب بالمباريات في آسيا»، التي تشن ضدها حرباً «سرية» من جهات عدة أولها الاتحاد الآسيوي بالتعاون مع الفيفا، والبوليس الدولي «الإنتربول» وأكثر من شركة متخصصة في مكافحة التلاعب في المباريات حول العالم. وأولى الخطوات ما قام به البوليس الدولي بالتنسيق مع الاتحاد الآسيوي و«الفيفا» خلال الأعوام الثلاث الماضية، التي شهدت القيام بـ 2360 مداهمة أمنية في مختلف دول آسيا، وتحديداً الوسط والشرق والجنوب وبعض دول الغرب، وقد أسفرت كلها عن مصادرة 27 مليون دولار «كاش»، بالإضافة إلى إيقاف عمليات تلاعب بمبالغ تقديرية تتراوح بين مليار ونصف المليار إلى ملياري دولار. وقد تأكد بالدليل القاطع انتشار «مافيا» التلاعب والمقامرة على المباريات بطرق غير مشروعة في 10 دوريات بآسيا، أبرزها دوريات كوريا الجنوبية، الصين، سنغافورة، فيتنام، إندونيسيا، ماليزيا، الهند، هونج كونج، ومنغوليا. وتعامل الاتحاد الآسيوي خلال العامين الماضيين مع قضايا التلاعب بشفافية عالية وبحذر بالغ، لا سيما أن انتشار مثل هذا الأمر في القارة الصفراء يعني بالأرقام خسائر مالية للاتحاد القاري تقدر بـ100 مليون دولار، عبارة عن عوائد تسويقية يتوقع أن تتضرر، فضلاً عن تراجع شعبية اللعبة في قارة هي أصلاً تعاني من عدم انتشار اللعبة. أما في بطولات الاتحاد الآسيوي، فتنشط عمليات المقامرة على المباريات في مكاتب المراهنات على بطولات دوري أبطال آسيا وكأس الاتحاد الآسيوي للأندية، وبطولة كأس آسيا، وهي البطولات الكبرى الثلاث التي أخضعها الاتحاد القاري لرقابة أمنية وقانونية، وكان ذلك دافعا للتعاقد مع شركة أمنية متخصصة في مكافحة التلاعب في المباريات، بينما تتجه النية لتعيين شركة أخرى تتخذ من دولة عربية مجاورة مقراً لها، للقيام بمهام مكافحة التلاعب في دوريات آسيا وحماية بطولات القارة الرئيسية من خطر انتشار المافيا المتخصصة في هذا النوع من الجرائم. وكشفت مصادر رسمية في الاتحاد الآسيوي عن أن اتفاقاً قد أبرم بين اللجنة المنظمة لكأس آسيا الحالية والبوليس الدولي تم خلاله توفير ما يقرب من 32 محققاً سرياً، بواقع محققين اثنين مع كل منتخب شارك بالبطولة الحالية، وذلك لفرض الرقابة على تحركات اللاعبين والإداريين، بالإضافة لمراقبة كل من يقترب منهم خلال البطولة. يأتي ذلك في الوقت الذي غرقت فيه كأس آسيا بأستراليا في بحر من المراهنات تخطى حاجز الـ300 مليون دولار في أسبوعين فقط منذ انطلاق البطولة خارج وداخل أستراليا الدولة المستضيفة بحسب مصادر رسمية بالاتحاد الآسيوي، ويتوقع أن يقفز المبلغ مع النهائي إلى 600 مليون. وما يقال عن خطر «مافيا» التلاعب بالنتائج، ومافيا مكاتب المراهنات المنتشرة في العديد من دول القارة، يقال أيضاً عن آفة أخرى وخطر «صامت» آخر، يهدد مستقبل اللعبة وتطويرها، وهو انتشار الفساد الإداري في العديد من الاتحادات الأهلية في آسيا، حيث حققت لجنة النزاهة في «الفيفا» مع عدد لا بأس به من مسؤولي تلك الاتحادات لأسباب تتعلق بذمم مالية وتورط في أعمال يشتبه أنها ذات علاقة بتلاعب في بعض النتائج بمباريات الدوري المحلي. ولعل إيقاف رئيس الاتحاد المنغولي العام الماضي، وأيضاً مسؤولين من الاتحاد الصيني وأندية محلية صينية، وآخرين من كوريا والهند وفيتنام، يثبت أن الأمر بات منتشراً بصورة «مخيفة». وإذا كان الفقر وقلة دخل للاعبين والإداريين في معظم دوريات آسيا، دافعاً وراء التورط في مثل هذه التصرفات «المشينة»، وغير الأخلاقية وغير النزيهة، فالأمر لم يقتصر على مجال مكافحة تلاعب المباريات على قارة آسيا فقط، ولكنه يعتبر أمراً عالمياً ومنتشراً وتعانيه دوريات عالمية، منها الدوري الإيطالي الغني بالصفقات واللاعبون، وأيضاً دوريات في أميركا اللاتينية وأفريقيا. وعلى الرغم من خطر هذه «المافيا»، التي بدأت تنتشر كخلايا السرطان في دوريات آسيوية مختلفة، إلا أن الأمر تقل سلبياته في دوريات الخليج بشكل عام، وبعض دوريات غرب آسيا عموماً، مقارنة بتورط دول عدة من شرق ووسط آسيا ومنطقة الآسيان. مسؤول دولي: «الخليج» في أمان من «مافيا التلاعب» لقوته اقتصادياً وأمنياً سيدني (الاتحاد) كشف مسؤول أمني في الاتحاد الآسيوي، «رفض ذكر اسمه»، ومتخصص في هذا الملف خلال تصريحات لـ«الاتحاد» عن أن هناك قناعة بأن دوريات الخليج محمية بشكل طبيعي من التعرض لاختراقات مثل هذا النوع من الجرائم، رغم الاهتمام بنشر التوعية بين أوساط اللاعبين والإداريين في الدوريات المحترفة بغرب آسيا عموماً والخليج على وجه التحديد. وأضاف: «في الخليج، هناك قوة أمنية لها تأثيرها الإيجابي، وأيضاً قوة اقتصادية للأندية وللدوريات المحترفة وفي عقود اللاعبين، خصوصاً في دوريات الإمارات والسعودية وقطر، التي تعتبر الدوريات الثلاثة الأكثر نزاهة في القارة، والأكثر حماية من تلك المؤثرات السلبية، كونها ليست بيئة حاضنة لمثل هذا النوع من التلاعبات، ويضاف إليها معظم دوريات الغرب ودول الخليج، وذلك باستثناء لبنان التي ضربها بعض أجزاء من هذا (الفيروس) المنتشر في بعض دوريات القارة وأنديتها». وتابع: «رغم ذلك، لا يوجد دوري بمنأى عن تحركات هذه (المافيا) التي يصعب تتبعها بشكل كبير؛ لذلك تتم محاربتها بنشر التوعية بين لاعبي الدوريات المحترفة وأنديتها». وكشف المصدر عن أنه رغم ذلك تقام هناك في بعض مكاتب المراهنات في أوروبا وآسيا، مراهنات تتعلق بمباريات دوريات الخليج بشكل عام مثلها مثل أي دوري آخر في الملعب، بينما لم يتم رصد أي تلاعب من أي نوع طوال السنوات الـ3 الماضية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©