الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

«صوِّر بإيجابية»..حملة مجتمعية تدعو إلى احترام خصوصية الغير

«صوِّر بإيجابية»..حملة مجتمعية تدعو إلى احترام خصوصية الغير
12 أكتوبر 2015 05:04
نسرين درزي (أبوظبي) تلقى حملة «صوِّر بإيجابية» التي أطلقتها جريدة «الاتحاد» قبل أيام، صدى واسعاً من قبل الجمهور، وذلك للأهداف النبيلة التي تتبناها وتدعم احترام خصوصية الآخرين وعدم التداول بها ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وتتوجه هذه المبادرة الاجتماعية والأخلاقية من خلال شبكة الإنترنت بنشر مجموعة من المواد الإعلامية مصورة تكشف بشاعة أن يستغل البعض اللحظات الحرجة أو الخاصة في حياة الآخرين. وأن يعمدوا بقصد أو بغير قصد إلى نشر صور أو مقاطع فيديو من غير علم أصحابها، ما يتسبب بخدش مشاعرهم، ويضعهم في مواقف حرجة. ملاحقة قانونية مشاهد من واقع الحياة تتكرر يومياً في الشوارع والمطاعم وداخل المراكز التجارية، هي ملك لأصحابها فقط، ولا يحق لأي إنسان أن يكون طرفاً فيها. شجار بين زوجين من غير المقبول تصويره، وردود الأفعال الحادة التي تصدر عن أي حادث مفاجئ هي شأن أصحاب العلاقة، ومن المعيب المساهمة بفضحها. وأن يتقصد أحدهم تصوير أي جلسة ودية بين رجل وامرأة ونشرها بقصد «خراب البيوت»، فهذا ليس من حقه، وفعلته تترتب عليها أضرار أسرية، قد لا تحمد عقباها. ومن يقتحم خصوصيات الناس وينشرها إلكترونياً، فإن سلوكياته ليست معيبة وحسب، وإنما تجره إلى الملاحقة القانونية. وهذا ما تسعى «الاتحاد» إلى تأكيده باللغة الإلكترونية نفسها، حيث تكشف مقاطع الفيديو التي أعدتها لهذه الغاية سيناريوهات تمثيلية عدة قد يقع فيها أي منا أو يصادف وجوده في أماكن حدوثها. ومراعاة لحقوق الأشخاص، تهدف «الاتحاد» من خلال حملتها الإلكترونية إلى التوعية المجتمعية، وتدعو إلى ضرورة احترام حرية الآخرين أثناء وجودهم في الأماكن العامة كما الخاصة. وتؤكد بذلك ضرورة تطبيق القوانين المرعية داخل الدولة التي تجرم كل من يتسبب عبر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي بإيذاء الغير أو نشر الشائعات أو الفضائح عموماً. جُرم جزائي عن أهمية المبادرة المجتمعية التي تتبناها «الاتحاد» عبر «صور بإيجابية»، تحدث الخبير القانوني ومدير مجموعة مكاتب المحاماة عبدالرحمن بن حماد، معتبراً أنها جاءت في الوقت المناسب مع إساءة البعض لاستخدام شبكة الإنترنت. وذكر أنه بغض النظر عن القانون الذي يعاقب كل من ينتهك خصوصية الآخرين عبر شبكات الإنترنت والتواصل الاجتماعي وسواها من الوسائل، فإن الأخلاق العامة تحتم على الناس الابتعاد عن حرمات الغير. وسأل «هل يرضى من يصور امرأة سقط حجابها بفعل حادث سير، أن يقوم أحدهم بالتقاط الصور لأمه أو أخته أو ابنته؟» وأشار بذلك إلى الفيديو التوعوي الذي نشرته «الاتحاد»، لتكشف ما يمكن أن يشعر به ناشطو التواصل الاجتماعي لو أنهم كانوا ضحية لمواقف مشابهة. وقال بن حماد إن تصوير أي مشهد خاص حتى وإنْ لم يكن محرجاً، ونشره عبر أي وسيلة ورقية أو رقمية من دون علم صاحبه، يعتبر جرماً جزائياً يحاسب عليه قانون الدولة بالتغريم أو الحبس أو كليهما معاً. وأكد أن هذا الإجراء ينطبق على المسلمين وغير المسلمين ممن يتسببون بضرر معنوي لأي شخص عبر نشر خصوصيته. وتتخذ الإجراءات اللازمة بمجرد أن يقوم الشخص الذي تم نشر صوره بتقديم بلاغ في الشرطة، ومن بعدها تحويل قضيته إلى المحكمة الجزائية ومن ثم إلى النيابة العامة، حيث يصدر القاضي الحكم في القضية. ويرى بن حماد أن العقوبات فيما يخص هتك الحرمات من خلال الوسائل الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، لا بد أن تكون مشددة ورادعة لأنها في غاية الخطورة، وتسهم في تدمير المجتمعات وبث الذعر بين الناس بمجرد وجودهم في أماكن عامة قد تعرضهم إلى عدسات التصوير السلبي. مشيراً إلى أن القانون يمنع تصوير أي مكان خاص من دون موافقة صاحب الأمر. تشويه وإحراج واعتبر الخبير الإعلامي رمزي النجار أن نشر الصور الخاصة أمر في غاية السوء، ونواياه ليست بريئة أبداً. وذكر أن القوانين العربية عموماً لابد وأن تتشدد في مسألة العقوبات، لأن مثل هذه الأفعال تؤثر سلباً ليس فقط على نفسية الشخص الذي التقطت صوره، وإنما كذلك على أفراد عائلته، وتعرضه للإحراج من قبل المجتمع والمحيطين به، سواء في جهة العمل أو الدراسة، وقد تصل إلى تشويه سمعته لاحقاً من دون أي وجه حق. وذكر أنه عند الحديث عن الخصوصية، لا يقتصر الأمر على كشف العورات أو اختراق حرمات البيوت وملاحقة المشاهير. انتهاك أخلاقي وأورد الدكتور أنس قصار، الباحث والواعظ في الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، أن تصوير الناس خلسة ونشر صورهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي يعد انتهاكاً أخلاقياً يرفضه الدين وتنبذه العادات والقيم. وقال إن هذا السلوك يصبح أكثر جرماً إذا كان بقصد تتبع العورات واستغلالها لمساومة الآخرين أو هتك أعراضهم لغايات دنيئة في نفس المصور. وذكر قصار أن هذه التصرفات بات يستهان بها عند البعض، علماً بأن عرض المسلم وحرماته أشد حرمة من الكعبة المشرفة بحسب الحديث الشريف الذي أكد هذا المعنى، بالقول إن كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه. وجاء في خطبة الوداع في عرفات قول رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا. وأكد الدكتور أنس قصار، الباحث والواعظ في الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، أن على من يشارك بنشر مثل هذه الصور الخاصة عبر الإنترنت، أن يعلم بأنه سيتحمل وزرها ووزر من سينشرها عن طريقه من بعده. إذ إن حقوق العباد لا تغفر إلا بالاستحلال، أي بطلب المسامحة من صاحب العلاقة، وقد يتعذر الأمر وتبقى في ذمة الفاعل الذي يقاضى عليها يوم القيامة. اهتمام واسع حملة جريدة الاتحاد «صوِّر بإيجابية»، أثارت اهتمام فئة واسعة من جمهور مواقع التواصل الاجتماعي ممن يعترضون بالمبدأ على تطفل البعض بنشر مواد رقمية لا فائدة منها، سوى أنها تؤذي أصحابها. فقال الناشط الإلكتروني هيثم البدوي، إنه من المستغرب القيام بتصوير الآخرين من دون استئذانهم، ومن ثم التلذذ بعرضهم عبر شبكة الإنترنت وتحويلهم إلى مادة للسخرية. واعتبر أن هذا التصرف ينم عن خلل في نفسية من يقدم على هذا الفعل. وذكرت عائشة يوسف، صاحبة مدونة سياحية، أنها تفاءلت عندما شاهدت مقاطع الفيديو التي يبثها الموقع الإلكتروني لجريدة الاتحاد. ورأت أنها خطوة إيجابية لابد من دعمها مجتمعياً لتنقية الشارع المعلوماتي من أصحاب النفوس الضعيفة. وتحدثت الناشطة عبر «إنستجرام» أمل التميمي، عن استيائها من مشاهدة مثل هذه الصور التي يتقصد ملتقطوها التسبب بإيذاء الآخرين. وقالت إنها تدعم حملة «الاتحاد» وتعتبرها بداية جيدة لتغيير الفكر السلبي للصور وتداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ إن نشر مقاطع الفيديو واللقطات الخاصة، يمكن أن يكون إيجابياً ويتضمن مواد إنسانية قيمة تفيد المتداولين بدلاً من أن تدخلهم في أمور لا علاقة لهم بها من قريب أو بعيد. آداب عامة يعاقب القانون داخل دولة الإمارات كل من ابتز أو هدد شخصاً آخر لحمله على القيام بفعل أو الامتناع عنه، وذلك باستخدام شبكة معلوماتية، أو وسيلة تقنية معلومات. وتجريم كل من بث أو أرسل أو نشر أو أعاد نشر مواد إباحية أو المساس بالآداب العامة عن طريق الشبكة المعلوماتية. ليست للعرض يرافق حملة «صوِّر بإيجابية» التي أطلقتها «الاتحاد»، وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حديثاً توعوياً بصوت الفنان حسين الجسمي يقول فيه: «حياة الآخرين ليست للعرض، صوِّر بإيجابية وساهم في الحملة المجتمعية لجريدة الاتحاد».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©