الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

اللاندكروزر

26 يناير 2011 21:28
قد اتحمل تكاليف عنوان المقال بعاليه على اعتبار أنه يشبه الإعلان، ولكن حياتنا في مجملها مجموعة إعلانات قد أعلن عن غضبي أو أعلن عن فرحي أو غيرهما من المشاعر التي تخالجنا وبالتالي أدت إلى المفهوم الترويجي ذاته. واليابان ليست مجرد دولة نتنافس معها حياتياً ومالياً وسياسياً ورياضياً وفي كرة القدم على وجه الخصوص، بل هي وجدت لتكون مثالا قائما بيننا على قدرة الإنسان لاعادة صياغة نفسه والتأقلم والمثابرة والجد والكسب. اليابان ليست دولة عادية حتى نذكرها ذكر مرور الكرام على اقصوصة ما في ليلة سرى ظلامها على سوالف دارجة، بل هي نموذج للإنسان الذي مات ثم عاد ليبعث الحياة في كل الأموات. هي درس من دروس علم النفس لمن أصابه مصيبة على كيفية العيش بعدها منذ أول صرخة لهيروشيما وناكزاكي، بل أول حالة إبادة عاشتها أمة في العصر الذي لانزال نمارس فيه خاصية “الكلام” ولاشيء غيره. هذه الدولة التي ولدت من جديد صنعت ما لم يصنعه أحد فهل يحتاج البقية من العالم لقنبلة نووية حتى يستقظوا؟.. ربما فقد تحولت إلى وحش رحيم يمر على كل شيء فيجعله في حالة انبهار ودهشة وترقب. لقد حضرت آخر الركب وتحولت بين عشية وضحاها في مقدمة الدنيا، بل هي الدنيا الجديدة لأناس فضلوا العيش بالعمل على العيش بالكلام ويا قهر من كلام كله مبني على الظنون السيئة وعلى عدم الاستيعاب والمعرفة، بل كلام يأتي هكذا ارتجاليا ليؤسس مفهوم شعراء المحاورة في كرة القدم والسياسة والاقتصاد. لقد بلغت اليابان النهائي وقد تبلغ الكأس ومعها الضيف الثقيل الذي لم ينتظر طويلا كي يصل نحو المباراة النهائية فقد أسس حضوره قبل أربعة أعوام ثم أتى ليخطف بذرة حرث أرضها واسقاها فحق له أن يحصد الا وهو أستراليا. وأستراليا التي كانت إلى العهد القريب مجرد منفى تحولت إلى وجهة للعالم بل غذت أطراف الدنيا بالمبتكرين والعارفين والمهمين لتشكل مع اليابان حالة أخرى من درس جديد يفترض أن نقوم له اجلالا واحتراما فخلاصته قدرة الناس على احالة حياة العدم إلى عطاء وحياة القهر إلى رضاء وحياة الاقصاء إلى احتواء. كأس آسيا الكروي فيه درس حياتي للذين يريدون ان يبلغوا متعة الحياة وللذين يستفيقون مع تباشير النهار حينما يتسلل الفجر المشرق إلى الشرفات يتسابقون نحو العمل للنجاح وليس العمل للمال والعمل للعطاء وليس العمل للأخذ. اما عن سبب اطلاق مسمى “لاند كروزر” وهي سيارة من نوع الدفع الرباعي يابانية الصنع فهذا يعني ان اليابان يكفيها في العالم شرفا ولو لم تقم بأي عمل انها صنعت هذه المفخرة كتأكيد بأن قدرتها أبعد مما نتصور. الم اقل لكم سلفا إن كرة القدم هي ابنة الحرب والحب فها هي تقدم لنا في الدوحة درسا مهما يجب أن نحفظه جيدا ونستوعبه كي نؤسس للاجيال القادمة أرضية خصبة لمنافسة أقرانهم من العالم دون جلد ذواتهم نتيجة “سهر في الليل وذل في النهار”. فواز الشريف (السعودية) | fawfaz@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©