السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبدالله العامري: لو كانت خطتنا صورة للاستعراض لما بذلنا الجهود

عبدالله العامري: لو كانت خطتنا صورة للاستعراض لما بذلنا الجهود
14 مارس 2009 00:19
بين المجمع الثقافي أو مقر هيئة أبوظبي للثقافة والتراث بهندسته البسيطة والمعقدة في آن، وبين قصر الإمارات الفخم بجدرانه المذهبة وأعمدته الضخمة، تنتقل الآلات الموسيقية وتتحرك الفرق الأوركسترالية والمسرحية، وبينهما مسافة قصيرة تتسع طريقها نحو المناطق المختلفة في إمارة أبوظبي في خطة واضحة ومدروسة هدفها انشاء وتربية جيل يقترب من الأرقى في مختلف أنواع الفنون، وتوفير حيز عام يسوده مناخ يشي بأن أبوظبي قد صمّمت، وبإرادة قوية، على تكريس ذاتها عاصمة ثقافية عالمية لأبنائها وللمقيمين فيها· ولا يخفى على أي متابع أن النشاطات التي تقوم بها الهيئة والبرامج وورش العمل هي من النوع المكلف، فالثقافة مكلفة خصوصاً أنها تقوم استناداً إلى خطة وضعت لها حكومة أبوظبي استراتيجية واضحة تمتد إلى عشرين سنة، تتخلّلها 4 خطط مرحلية خمسية· ويكاد مدير إدارة الثقافة والفنون في الهيئة عبدالله العامري، الذي التقينا به في مكتبه وسط تحضيرات الهيئة لمهرجان العين التاسع للموسيقى الكلاسيكية في يوم الافتتاح للمهرجان، أن يجزم بأن ميزانية الثقافة في أبوظبي هي من أعلى الميزانيات التي تصرف على الثقافة في العالم العربي، وأن حكومة أبوظبي والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، قد وضعوا نصب أعينهم استراتيجية ثقافية واضحة تجعل من أبوظبي عاصمة ثقافية ومقصداً لمختلف أنواع الفنون والأعمال الثقافية من خلال دمج المجتمع بالبرامج الثقافية المتنوعة· يقول العامري : ''نحن كهيئة نعمل في الجانب التنفيذي اليوم طالما أن الخطة العامة قد وضعت وحدّدت مواقيتها''، أمَّا الهدف الأبرز لعام ،2009 العام الحالي، فهو دعم قطاع المسرح الذي شهد تراجعاً على المستويين العالمي والعربي، إذ ''يبقى المسرح، على الرغم من رواج التلفزيون والسينما، أباً للفنون كافة والأكثر مباشرة حسياً حيال الجمهور''· الرقي أهي صورة لأبوظبي وحسب؟ يقول العامري: ''ليست صورة وإلا لكننّا اتجهنا في برامجنا نحو الأكثر شعبية وربحاً من الناحية التجارية، ولما كنا أجهدنا أنفسنا في البحث عن الأرقى في مختلف المجالات لتوفيره للجمهور في أبوظبي· ولماذا انتقاد أبوظبي بالقول إنها صورة، فهل الحراك الثقافي أمر محتكر على بلد ما أو على عاصمة من دون أخرى؟ الفنانون في مختلف المجالات ينجذبون إلى حيث الحراك الثقافي، ومثال على ذلك توجه الممثلون إلى مصر حيث أثبتت القاهرة نجاحها في السينما، فهل ننتقد القاهرة لأنها نجحت؟ ومن الغريب هذا التوجه في النظرة إلى تقييم نجاح أي بلد خليجي، وهو افتراء على النجاح الحاصل، فإذا كنّا نستقدم الفرق الأوركسترالية لنوفّر فرصة الاستماع إليها للجميع بدل أن نسافر نحن نحو مواطنها، هل يشكّل الأمر حينها مجرد صورة استعراضية؟ ليس خطأ أن تكون لدينا استراتيجية واضحة نعمل ما بوسعنا من أجل تحقيقها، وإن حققنا النجاح فهذا أمر صحي وهو نجاح للجميع· انتقدنا البعض سابقاً على استقدام اللوفر إلى أبوظبي، وقد سئلت في برنامج تلفزيوني عن المسألة، وأجبت بسؤال آخر وهو ''هل اللوفر تراث فرنسي؟'' ففي الواقع أن اللوفر يحوي تراثاً عربياً إلى جانب التراث الغربي، إنه التاريخ العربي والإسلامي الذي نتحدث عنه، إنها الحضارة الأشورية والكنعانية والفرعونية والإسلامية، وليست حكراً على العرب في فرنسا ومن المفيد توفيرها للجميع في بلد عربي إسلامي· ومن الضرورة أن نوضح أن الثقافة ليست حكراً على أحد، الثقافة دائماً متحركة من بلد إلى آخر، وهي تحتاج إلى العناية والاهتمام والتخطيط والصرف من قبل الحكومات، وهذا ما قامت به الدولة الأموية وكذلك العباسية''· ويضيف: ''حتى لو قيل ذلك، وغالبية من ينتقدون ويصفون الأمر بمجرد استعراض هم من أعداء النجاح، فإن العمل يثبت العكس، لأن الخطة واضحة وما نقوم به يعتبر مميزاً بالفعل ويطال مختلف شرائح المجتمع، ويهدف إلى إنشاء أوركسترا وطنية في أبوظبي أو في الإمارات ككلّ· لابد من تهيئة المناخ العام وتوفير الحوافز ومنح الفرصة للتلاميذ كي تأتي رغبتهم في التعبير الفني نابعة من داخلهم· ولكن من مهامنا الأساسية إتاحة الفرص لأولادنا وشبابنا، وهذا ما نقوم به، حيث إن برامجنا لا تقتصر على تقديم حفلات موسيقية راقية وبمستوى عالمي، إنما تتعداها إلى نشاطات مع التلاميذ في المدارس ومع الشباب والشابات في الجامعات، فنقيم ورش عمل ودورات تدريبية ومحاضرات وندوات وحلقات نقاش· ومثال، ورشة العمل التي تأتي مع عرض مسرحية ''ريتشارد الثالث'' باللغة العربية مع المخرج الكويتي سليمان البسام، والتي ستطال من خلالها شريحة طلابية معنية بالتعاون مع جامعتي الإمارات وزايد· كما لدينا تعاون أو نوع من اتفاق مع معهد شكسبير، في لندن، فننقل النظري إلى التطبيقي، سواء في المجال المسرحي، أو مجال الأدب الإنجليزي عامة''· ويشدّد في معرض الحديث عن برامج الحفلات الموسيقية على ربط المجتمع بهذه البرامج، إذ يقول: ''يواكب كل نشاط نقوم به مشروع أكاديمي يهدف إلى الارتقاء بالطلاب والأطفال نحو فهم مختلف أنواع الفنون بشكل أعمق، وكل ذلك يأتي انطلاقاً من خطة استراتيجية هدفها الأساسي تطوير المجتمع ودمجه بالحراك الثقافي الذي نسعى إليه· ولا ننسى جانباً مادياً يتعلّق بوضع أسعار تشجيعية للجمهور بشكل عام والطلاب بشكل خاص، حيث لم تتجاوز تذكرة مهرجان العين للطلاب الثلاثين درهماً لحضور فرق اوركسترالية عالمية وبرامج عالمية باللغة العربية كانت إضافات قررناها لهذا العام''· تحتشد النشاطات المنبثقة عن هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، فمن ''موسيقى أبوظبي الكلاسيكية'' إلى مهرجان العين التاسع للموسيقى الكلاسيكية''، إلى برنامج ''ووماد'' للرقص والموسيقى إلى ''أنغام من الشرق'' و''مدرسة بيت العود''، باشراف الفنان العوّاد نصير شمّا، التي تعلّم الأولاد العزف على آلة العود، وتطول اللائحة التي تجعل من المجمع الثقافي وقصر الإمارات وقلعة الجاهلي في العين وأماكن عديدة أخرى خلية نحل متواصلة في مكان الهيئة الذي يعتبر مقصداً يومياً للسياح الراغبين في التعرف على الإمارات، وعلى إمارة أبوظبي تحديداً في تاريخها وحاضرها وتطلّعاتها إلى المستقبل· ومن الملفت أن البرامج لا تنقطع حتى في الصيف الذي تستفيد منه الهيئة لتنظيم نشاطات صيفية للأطفال من خلال ''صيف أبوظبي''، كما يشير العامري· ولا ينتهي الصرف على الثقافة، ويقول العامري: ''الصرف على الثقافة أمر دائم وليس آنياً، فقد أبدينا في أبوظبي العناية بقطاعات مختلفة، فتعزز القطاع المالي والاقتصادي والخدماتي، وبتنا مدينة عصرية لا ينقصها إلا الجانب الثقافي الذي نقوم بتعزيزه· تعيش دولتنا اليوم نهضة ثقافية ملفتة، والنجاح الذي تحققه أبوظبي في هذا المجال تعود فائدته على الجميع، وليس فقط على أبوظبي أو على مواطنيها حصراً''· الثقافة والحرية صنوان يضيف العامري: ''أبوظبي تتحوّل شيئاً فشيئاً في دعمها للثقافة وللحراك الثقافي إلى قبلة للمثقفين والفنانين والموسيقيين والشعراء والكتاب، وهي تعمل جاهدة لتوفير مناخ الحرية الذي يحتاج إليه المثقف للتعبير بحرية''· هل تمثل واقعة عدم منع أي عنوان في معارض الكتب مثالاً على الحرية التي يتحدث عنها؟ يجيب العامري: ''صحيح، وهدفنا أن نحوّل معارض الكتب إلى معارض عالمية تسعى دور النشر للمشاركة فيها· وهذا لا يندرج أيضاً في إطار الاستعراض، فنحن نكون حضاريين بقدر ما نملك من علم وثقافة، وهذا هو المقياس لأي بلد في الحضارة، وخطتنا واضحة ومراحلها مدروسة وبعيدة المدى· كل خطة تحتاج إلى مناخ عام مناسب وتسهيلات مرافقة، فكما سعت دبي لتكون مدينة تجارية من خلال تسهيل التعاملات المالية والإدارية والحصول على مخازن ومحال تجارية ونظام ضرائبي يجذب المستثمرين، فإن أبوظبي في خطتها الثقافية تريد استقطاب المثقفين والفنانين من خلال مناخ عام وخلق حيز ثقافي عام، تسوده الحرية، ولكن حين نتحدث عن الحرية لابد من الإشارة إلى أنها ليست حرية مطلقة، فلكل بلد في العالم ضوابطه وأسسه وخطوطه الحمراء، ولا يجوز تجاوزها· وخطوطنا واضحة إذ إن مناخ الحرية لدينا مشرّع طالما أنه ليس هناك ما يمسّ أساسيات مفروغا منها سواء كانت معتقدات دينية أو معتقدات سياسية· وأعتقد، كما يشهد سواي أيضاً، أن هذا المناخ متوفر حالياً في الإمارات، وليس مبالغاً به إذا وصفته بالمناخ المتوازن والمتسامح، والدليل هذه السلاسة في التعامل مع عدد كبير من الجنسيات المقيمة في البلد، ولابد من الإشارة إلى المناخ الأمني المتوفر في ظل توفير مناخ الحرية الذي تحدثت عنه·· فالحرية من دون ضوابط ليست إلا العبث، والعبث مرفوض حتى في دول الغرب التي يشار إليها بمناخها الحر والمنفتح لأنه لا وجود للحرية المطلقة في العالم''· دعم المسرح لدى سؤاله عن حذف مشاهد من المسرحية الراقصة لجولييت بينوش وأكرم خان التي قدمت منذ نحو شهر على مسرح قصر الإمارات، يقول العامري: ''ما حذف لم يكن إلا مشاهد بسيطة تتعارض ومعتقداتنا، إذ إنها تحمل إيحاءات جنسية واضحة، لم تؤثر بأي شكل من الأشكال على العمل ككلّ، وقد وافقت بينوش وخان على حذفها وتعديلها واحترما لرغبتنا لأنها لا تمسّ جوهر العمل''· ويأخذ دعم المسرح المحلي الحيز الأكبر هذا العام من خلال تقديم الدعم المادي واللوجستي، وإعداد ورش عمل للممثلين لتطوير امكانياتهم، وكذلك دعم الفرق المسرحية في مختلف مناطق الإمارة· ويشير العامري إلى أنَّ العمل جار لاستقدام مسرحيات باللغة الأجنبية مع توفير ترجمة على شاشة جانبية خلال العرض، بحيث تظهّر أبوظبي الحراك في قطاع المسرح العربي والغربي معاً· ويؤكد في سياق الحديث عن الفرق في اختيار مكان العروض بين قصر الإمارات والمجمع الثقافي، أن لا فرق في تصنيف الحفلات، على الرغم من أن غالبية العروض في المجمع مجانية ومفتوحة أمام الجمهور، في حين أن حفلات قصر الإمارات لها تذاكرها· ويشير إلى أن تقديراً مبدئياً لحجم الحضور المتوقع هو الذي يفرض اختيار المكان، لأن أوديتوريوم قصر الإمارات أكبر حجماً من أوديتوريوم المجمع، وأعطى مثالاً الإقبال المتوقع لحفل تجري المباحثات في شأنه حالياً مع السيدة فيروز، والذي سيقام من دون شك على مسرح قصر الإمارات· وأشار إلى أن الفنانة ماجدة الرومي ستشارك أيضاً في حفل لها مع الهيئة· موضحاً أن حفل فيروز لم يحسم بسبب الحداد على الفنان الراحل منصور الرحباني
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©