الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«أميركندا»... لمواجهة الصين وروسيا

15 أكتوبر 2013 23:05
تخيل لحظة ليست موغلة في البعد في المستقبل تنجح فيها الشركات الصينية-بعد عقود من السعي لاختراق شركات التنقيب عن النفط والبنوك الكندية- في أن تجعل نفط كندا وحقولها من الغاز الطبيعي مباحاً للنهب. وتصل بعض الأموال على الأقل من هذه الصفقات إلى خزائن الدولة في أوتاوا، وهو أكثر مما تستطيع الحكومة أن تحصل عليه من نفطها في القطب الشمالي، لأن شركات استخراج النفط المدعومة من الحكومة الروسية، انتزعت قسراً حقوق كندا في النفط هناك، وشبكة المواني الصينية تؤمن الخطوط البحرية على امتداد الممر الشمالي الغربي الذي يرسم خط السيادة الكندي، والجيش الكندي الذي أضعفته سنوات من الاعتماد على الولايات المتحدة، لا يستطيع المقاومة. وتتحول كندا فعلياً إلى دولة تابعة لقوى استعمارية جديدة في بكين وموسكو. وهذا السيناريو الكابوسي ليس حبكة قصة خيال علمي، بل صوت أجراس الخطر تدقها «ديان فرانسيس»، الصحفية الاقتصادية المخضرمة بصحيفة «ناشيونال بوست» الكندية، وذلك ضمن إصدار جديد بعنوان «اندماج القرن: لماذا يجب أن تصبح أميركا وكندا دولة واحدة؟». وتقول إن الاتحاد الأميركي الكندي ضروري لمستقبل البلدين اللذين يواجهان تهميشاً اقتصادياً. وقالت «فرانسيس» ، «إن الروس يفرضون سيطرتهم على القطب الشمالي، والصينيون بين آخرين يستهدفون مواردنا». وهي ترى أن الصينيين يلعبون مع النظام بذكاء ويقومون بعمل رائع في إطعام شعبهم وتعليمه، لكن هدفهم هو اختراق أكبر الأسواق وأكثرها ثراء، وهي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ولدى «فرانسيس» قناعة «بأن كندا على أطراف الولايات المتحدة مثل تركيا التي توجد على أطراف الاتحاد الأوروبي، ومن الملحوظ أن الصينيين يبدأون في إبرام صفقات ليس في الاتحاد الأوروبي، لكن على الأطراف مثل بلغاريا وتركيا. وكندا هي الباب الخلفي للدخول إلى السوق الرئيسية التي يريدون حقاً ولوجها لكنهم يمنعون بشكل ما». وتقول إن الولايات المتحدة وكندا حالياً في حالة «عسر» بينما قوتهما العسكرية والدبلوماسية تتراجع نسبياً في باقي العالم. وأضافت «دون تغير حقيقي، فسوف تظل كندا في سبات وعرضة للخطر... وستفلس الولايات المتحدة بسبب شراء النفط من الخارج والسلع الرخيصة من آسيا». وتقول الكاتبة التي تحمل الجنسيتين إن هناك فوائد حقيقية من الاندماج خاصة لكندا. فمع محو الحدود سيكون لدى كندا جيش يحمي مواردها من الانتهاكات الأجنبية، ورأس مال وأيد عاملة لتطوير مشروعات النفط والغاز الطبيعي والتعدين في شمال البلاد التي لم يجر تنميتها بعد. والولايات المتحدة من جانبها ستتمكن من الحصول على ما يقدر بنحو 13 في المئة من الاحتياطي العالمي من النفط، الذي لم يكتشف بعد، و30 في المئة من الغاز الطبيعي في العالم الذي لم يكتشف بعد. وقالت «سيكون أبرز مظاهر التضافر هو التوفيق بين الموارد الكندية المحتملة، التي لم يجر تنميتها مع أموال أميركا وأسواقها وعمالها». وتتخيل «فرانسيس» بعض وسائل الاندماج السياسي: تشتري أميركا كندا كما فعلت في ولاية لويزيانا لتصبح مقاطعات كندا ضمن ولايات أميركية وكفى، أو ربما بطريقة «الكومنوولث» إذا رغبت «كيبك» في أن تحتفظ بحكومة خاصة بها، ويمكن تشكيل كيان اتحادي على غرار ألمانيا الموحدة أو مجلس على غرار النموذج السويسري، أو حكومة منسقة على غرار نموذج الاتحاد الأوروبي. ولم تنحت «فرانسيس» اسماً لدولتها العظمى المحتملة. فإذا أصبحت مقاطعات كندا وولايات أميركية، فإنها قد تُبتلع بسهولة في الولايات المتحدة. ومن حيث المساحة، ستصبح «أميركندا» أكبر دولة في العالم لتتفوق على روسيا ولتصبح أكبر من قارة أميركا الجنوبية برمتها. وسوف يكون اقتصادها أكبر من الاتحاد الأوروبي. ولأن كل بلد هي الشريك التجاري الأكبر للبلد الآخر، فعجز الميزان التجاري سيتقلص. ورقابة الكنديين على الاحتياط الاتحادي ستضفي استقراراً على المصارف الأميركية. ومع توافر كل احتياجاتها المحلية من الطاقة، فإن «أميركندا» ستصبح دولة تصدر النفط للدول النامية. وتراهن «فرانسيس» على أن الحوافز الاقتصادية طويلة الأمد ستفوق ما ستقدمه كندا. وتقول «فرانسيس» إن الكتاب ليس إلا بداية للحوار وتعترف أنها متفائلة للغاية، وتقارن الاتحاد بين البلدين بإعادة توحيد ألمانيا والاتحاد المحتمل للكوريتين. وفكرة «فرانسيس» ليست الأولى، فقد جاء كاتب آخر بفكرة مماثلة عن جانب آخر من العالم. ففي عام 1985، عرض إبراهيم إبراهيم، الأستاذ بجامعة جورج تاون اقتراحاً عن وحدة بين مصر والسودان وليبيا. فالتعداد السكاني الكبير والتقدم التكنولوجي في مصر قد يوفر قوة دفع لتحويل السودان إلى «سلة خبز» للمنطقة وتنجو ليبيا في الوحدة السياسية من «مكائد التاريخ». والخطة تشبه مقترح فرانسيس. وكانت الفكرة مثل مقترح فرانسيس غريبة سياسياً لكنها معقولة اقتصادياً. فبعد مرور 28 عاماً وبعد حالة اليأس السياسية والاقتصادية التي أتت بالثورات في مصر وليبيا بينما انقسم السودان دون تنمية، فهل كان من الممكن تجنب هذا التدهور؟ ترى «فرانسيس» أيضاً احتمالات وخيمة ربما تكون عاطفية ومبالغ فيها لمستقبل تستنزف فيه القوى الصاعدة موارد كندا وأميركا في نهاية المطاف. وقالت «فرانسيس»: «أنا لا أحاول أن أكون مثيرة للتحذيرات، أو مرتابة في النوايا، أو أؤمن بالفكر التآمري لكن روسيا والصين تقومان بعملهما الاقتصادي فحسب لكنهما كبيرتان ومنظمتان». جي. دانا ستوستر مساعد رئيس تحرير مجلة «فورين بوليسي» ينشر بترتيب مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©