الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ليبيا والحاجة إلى الدعم الخارجي

ليبيا والحاجة إلى الدعم الخارجي
15 أكتوبر 2013 23:04
في وقت مبكر من يوم الخميس الماضي، اُختطف رئيس الوزراء الليبي علي زيدان من الفندق الذي يقيم فيه تحت تهديد السلاح. ورغم أنه أفرج عنه بعد ذلك بساعات، لكن الخطف علامة محزنة على الحالة التي انحدرت إليها ليبيا في العامين الماضيين منذ مقتل القذافي ونذير شؤوم على المستقبل. ويشير خطف زيدان أيضاً إلى الصعوبات التي تشوب علاقات الغرب بالدولة التي ساعدتها طائرات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في التحرير من القذافي عام 2011. والتاريخ زاخر بالأمثلة التي تشير إلى أنه ما لم تتحسن الأوضاع الأمنية بعد الحروب الأهلية، فمن شبه المستحيل تحقيق تقدم اقتصادي وسياسي. وهذا ما حدث بالضبط في ليبيا منذ انتهاء حربها قبل عامين. وحرية ليبيا التي انتزعت بصعوبة من القذافي، تنهار بسبب انهيار جهود إدماج ونزع أسلحة مئات الميليشيات المسلحة التي تهيم في البلاد. ومن غير المرجح أن تخرج ليبيا من حالة الفوضى دون بعض المساعدة على الأقل من الخارج. وقد تعهد حلف شمال الأطلسي بإسقاط القذافي، وبالتالي فعليه أن يلعب دوراً واضحاً في تدريب قوات الأمن الحكومية. ويجب على الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أن ترعى أيضاً مؤتمراً لنزع الأسلحة على مستوى البلاد للتصدي للميليشيات التي تزعزع استقرار البلاد. ويجب على الفاعلين الثلاثة هؤلاء أن يبدأوا تخطيطاً للطوارئ ضد احتمال نشوب حرب أهلية أخرى حتى يقوموا بما يستطيعون لتفاديها. ومنذ نهاية حرب عام 2011، قتل بضعة آلاف من الناس في اشتباكات بين الميليشيات. وانتشرت الهجمات الإرهابية وتلك التي تتم بطريقة حرب العصابات. وفي بداية الأمر اقتصر عدم الأمن والعنف على المناطق الجنوبية والشرقية، لكنه انتشر لاحقاً في العاصمة نفسها حيث تتصارع الجماعات المسلحة القوية فيما بينها. والحكومة لا تسيطر على قواتها، فالجماعة التي خطفت زيدان تعمل من الناحية النظرية تحت إمرة وزارة الداخلية، لكنها في الناحية الفعلية هي سيدة قرارها. وأجبرت الحكومة المنتخبة على القيام بعملها تحت تهديد العنف من الجماعات المسلحة، التي تدور حول المؤتمر الوطني العام، وأحياناً اقتحمت المبنى أو احتجزت زعماء سياسيين تحت تهديد السلاح. وإذا لم تتخذ إجراءات للتحكم في الأمن، فليس هناك إلا القليل من الأمل في مستقبل ليبيا. وقد يتحقق تحذير القذافي المشؤوم بأن ليبيا من دونه ستصبح صومالًا على البحر المتوسط. والاستثمار الذي قام به حلف شمال الأطلسي وشركاؤه في الإطاحة بالقذافي قد يذهب سدى. والضجيج الإعلامي عن العملية الأميركية التي اعتقل فيها القيادي في تنظيم «القاعدة» أبو أنس الليبي في طرابلس في وقت سابق هذا الشهر، يؤكد على الصعوبات التي يواجهها الزعماء الليبيون في تحقيق التوازن بين السيادة والحاجة الماسة لمزيد من المساعدة من المجتمع الدولي. وهذه المخاوف جعلت من الصعب جداً على الحكومة أن تطلب مساعدة، وخاصة فيما يتعلق بالأمن. وهذا يعرقل التعاون الذي تحتاجه ليبيا بشدة، كي تشق طريقها إلى السلام والاستقرار. وستستمر هذه المخاوف وتتفاقم لذا يتعين على الفور تقديم المزيد من الجهود الدولية لمساعدة ليبيا في الخروج من المأزق. ولحسن الحظ، تعهد بالفعل عدد من دول حلف شمال الأطلسي بتدريب القوات الليبية في الشرطة والجيش حتى يكون لدى الحكومة بعض قواتها التي يمكن الاعتماد عليها. والتدريب لن يكون سهلاً، فهناك صعوبات في اختيار المرشحين اللائقين والوقت الذي يستغرقه الأمر لوضع البرامج والعمل بها. فقد انهارت جهود سابقة لتدريب الشرطة الليبية في الأردن. ويتعين على الحكومة الليبية وشركائها الدوليين وحلف شمال الأطلسي بخاصة تسريع إيقاع خطط التدريب الحالية. لكن تدريب القوات الحكومية ليس كافياً، وفي الحقيقة، فتعزيز الحكومة لجيشها قد يؤدي إلى نتائج عكسية إذا اعتبرته الميليشيات تهديداً. وبدلاً من أن تيأس الحكومة الليبية من التدريب، فعليها أن تطلب من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي أن يرعيا مؤتمراً لنزع الأسلحة يجمع أكبر عدد من الميليشيات لإجراء مشاورات عن مستقبل البلاد. والأهم من ذلك هو مشاركة الميليشيات الكبيرة في طرابلس وبنغازي ومصراتة والزنتان. ويخدم مثل هذا المؤتمر ثلاثة أغراض: أولاً: سوف يحسن فهم الجميع للأهداف والأغراض الرئيسية للميليشيات التي تسيطر على البلاد حالياً. ثانياً: سوف يقلل عدد الأسلحة المنتشرة في البلاد. وتحقيق تقدم في هذا المضمار وحده يستحق تحمل مشاق المؤتمر. وسوف يستهدف المؤتمر أيضاً قطع التعهدات بعدم استخدام القوة في الجدل السياسي الليبي- بمعنى وضع «قواعد متفق عليها للعبة» تقرير مستقبل ليبيا. ثالثاً: سيبني الثقة وسط الميليشيات وبين الميليشيات والحكومة. وهذا يساعد في تقليص نفوذ الميليشيات الليبية القوية، ويؤدي إلى تحسن قوات الأمن الوطني، وتقليص احتمالات انزلاق ليبيا مرة أخرى إلى صراع. وسيعزز الدعم الدولي للمؤتمر هذه الثقة. ومن المبالغ فيه توقع أن يتمخض هذا المؤتمر عن نزع أسلحة على الفور، وإعادة إدماج كل الميليشيات الليبية، لكنه قد يمثل خطوة أولى نحو هذه الغاية من خلال تقديم إطار عمل متفق عليه، يخلق مساحة لتفاوض سياسي حقيقي دون تهديد القوة. وإذا أمكن بناء الأمن في ليبيا، فسيكون هناك أمل في أن تصبح قوة إيجابية للاستقرار في منطقة مضطربة من العالم. وستحصل الدول الأوروبية على مصالح كثيرة من استقرار ليبيا. (ومن الأمثلة الصارخة: الوفاة المأساوية لبضع مئات من المهاجرين الليبيين قبالة الساحل الإيطالي الأسبوع الماضي) وللولايات المتحدة نصيب في النتيجة أيضاً خاصة في ضمان ألا ينتهي الحال بليبيا بأن يحل طغيان الحرب الدائمة محل طغيان القذافي. كريستوفر تشفيس خبير سياسي في مؤسسة «راند» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©