الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المصريون يصممون على إحياء مظاهر وتقاليد العيد

المصريون يصممون على إحياء مظاهر وتقاليد العيد
15 أكتوبر 2013 00:30
الزائر لمصر خلال أيام عيد الأضحى يلحظ تغيراً كاملاً في نمط الحياة، وظهور عادات وتقاليد تعكس حرص المصريين على استقبال العيد «الكبير»، كما يحلو لهم تسميته بفرحه مهما كانت الصعاب والأزمات السياسية والاقتصادية التي تمر بهم، وعدم التجاوب مع دعوات بعض القوى السياسية، التي تريد إفساد فرحتهم بالعيد بالمظاهرات أو بالمسيرات. كثير من المصريين، دعوا لتجاوز كل تلك الصراعات واستقبال عيد الأضحى بفرحة والحرص على استمرار وترسيخ قيم التكافل والتضامن الاجتماعي وصلة الأرحام و تبادل الزيارات بين الأسر خلال أيام العيد، وهي طقوس يتوارثونها منذ مئات السنين، تبدأ في الساعات الأولى بأداء صلاة «العيد»، حيث يخصص مسئوولو المدن والقرى ساحات لتمكين الناس من أداء الصلاة لاسيما أن المساجد رغم كثرة عددها واتساع مساحتها لا تكفي كل المصلين، الذين يقدر عددهم بالملايين وبعدها يحرص فريق من الأسر المصرية على تبادل التهاني بالعيد مع أقاربهم وأصدقائهم في الأماكن البعيدة عنهم عبر الهاتف، ومن خلال رسائل sms، والتي يتفنن المصريون في كتابتها ما بين عبارات تهان مباشرة، وأخرى تحمل إسقاطات سياسية واقتصادية موحية بما تمر به مصر من أزمات كتلك الرسالة، التي تقول كلماتها: عيدكم «سيسي» بعد مبارك ما خلص وإياك تقول ميرسى على العيدية»! رسائل تهنئة وحسب الخبير الاقتصادي د. حمدي عبدالعظيم فإن المصريين خلال عيد الأضحى يتبادلون فيما بينهم رسائل تهنئة تتراوح ما بين 600 و750 مليون رسالة تبلغ تكلفتها في المتوسط 250 مليون جنيه. ومن المظاهر المميزة في احتفال المصريين بعيد الأضحى تلك المتعلقة بتوقف الحركة في الشوارع والميادين طيلة ساعات الصباح، فعملية ذبح وسلخ الأضحية وإعداد الطعام تجري على قدم وساق في غالبية البيوت وسط فرحة كبيرة من الأطفال وصرخات البعض منهم، وهم يطالعون مشهد ذبح وإراقة دماء الأضحية للمرة الأولى، ويعمل الآباء على أن يتجاوز أطفالهم حاجز الخوف بدعوتهم لمساعدتهم في عملية سلخ الأضحية وتنظيف المكان من الدماء. الأسر التي يفتقد أبناؤها خبرة الذبح تستعين بجزار يتكفل بالعملية مقابل مبلغ مالي يختلف حسب نوع الأضحية، فالماعز والخراف من 100 إلى 200 جنيه، ويتضاعف المبلغ إلى 500 جنيه بالنسبة للبقر والجاموس والجمال، وينخرط أفراد الأسرة في تقطيع لحم الأضحية وتعبئتها في أكياس يتكفل الصبية والشباب بتوزيعها على الأقارب والفقراء التي لم تقدم أضحية، ومن ثم تبدأ نساء كل أسرة التعاون لإعداد وجبة الطعام الخاصة بعيد الأضحى، والتي تشتمل إلى جانب لحم الأضحية على الفتة، وهي «مزيج من الخبز وشوربة اللحم» ثم تضع أعلاها طبقة رقيقة من الأرز، وهناك أطباق أخرى من الكوارع والمبار والكباب والكبدة المقلية والمخ بالتوابل والبهارات. وتبذل نساء الأسر المصرية جهداً كبيراً في إعداد كل تلك الوجبات إلى جانب تنظيف البيت من أثار دماء الأضحية ومخلفاتها. منح «العيدية» للأطفال وتقول منال ياسين «موظفة»: نبذل في الساعات الأولى من أيام عيد الأضحى مجهوداً كبيراً ما بين تنظيف الأضحية وإعداد أطباق الطعام من لحومها وما يتبع ذلك من تنظيف المائدة وغسيل الأطباق، ومن ثم استبدال ملابس الأطفال المتسخة بدماء الأضحية بأخرى نظيفة تتناسب مع فرحة العيد، ولكن كل هذا يهون طالما أرى الفرحة على وجوه أبنائي وزوجي. ومن المظاهر الاحتفالية بعيد الأضحى في مصر حرص الأسر على منح الأطفال «العيدية»، وهي مبلغ من المال يختلف مقداره من شخص لآخر، حيث يقوم جيل الكبار لاسيما الرجال والعجائز في أثناء ترددهم على منازل الأقارب والأصدقاء والجيران بمنحه إلى أطفال تلك الأسرة لتمكينهم من شراء ما يحلو لهم والاستمتاع بفرحة العيد، وهي تزيد كل عام بقدر يتناسب مع ارتفاع الأسعار ويتفاخر الأطفال بمقدار ما حصلوا عليه من «عيدية» وبحالة الأوراق المالية، وهل هي جديدة أم قديمة ومتهالكة؟ حيث يحرص جيل الآباء على التردد على البنوك قبل العيد لاستبدال الأوراق المالية القديمة بأخرى جديدة كطقس لابد منه من أجل إدخال الفرح والسرور على الأطفال، ولكن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر هذا العام حالت دون زيادة «العيدية» عند بعض الأسر بما يتناسب مع ارتفاع الأسعار بل تم تخفيضها إلى أقل مبلغ ممكن وجعلها مجرد معنى رمزي مكمل لفرحة العيد. الأزمات الاقتصادية ويقول علي فرغلي (44 عاماً)، محاسب: الذهاب إلى الأقارب وصلة الأرحام ومنح الأطفال عيدية مناسبة ضرورة في العيد لإدخال الفرحة على قلوب الصغار قبل الكبار، ولكن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر وغلاء الأسعار جعل كثيراً من الآباء في الأسر المتوسطة والفقيرة يتراجعون عن زيادة فلوس العيدية التي تمنح للأطفال، وجعلها تقتصر على الأوراق المالية الصغيرة من فئة الخمسة جنيهات والعشرة بدلاً من الفئات الأكبر كالعشرين والخمسين والمئة. وأضاف: الأطفال لا يدركون معاناة الكبار في ظل الأزمات الاقتصادية وضعف الرواتب، ولذا قررت الاكتفاء بمنح كل طفل ورقة من فئة خمسة جنيهات رغم أنني كنت في العام الماضي أمنحهم عيدية من فئة عشرة جنيهات، وكانوا ينتظرون مني هذا العام أن أزيدها ولذا فقد هداني التفكير إلى أن أقول لمن يبدي تذمراً منهم ولو بنظرة العين إن هذا عيد لتناول اللحوم وليس للفسحة والتنزه والألعاب، ولذا فإن العيدية فيه تكون بسيطة لكن العيدية الكبيرة في عيد الفطر. الخروج إلى الحدائق ومن عادات المصريين في أيام عيد الأضحى الخروج إلى المتنزهات والحدائق والتردد على دور السينما والمسارح، وتعد الرحلات النيلية ومشاهد اكتظاظ كورنيش النيل بأسر من مختلف الطبقات وشباب من الجنسين من المشاهد المألوفة في الأعياد لاسيما عيد الأضحى. ولا يقتصر ذلك على سكان القاهرة فقط،‏ بل هناك أسر اعتادت أن تأتي من المحافظات المجاورة لزيارة معالم القاهرة المختلفة، فمنهم من يفضل القيام برحلة نيلية للقناطر الخيرية والاستمتاع بالطبيعة الخلابة والحدائق والنيل أو مشاهدة القاهرة وقت الغروب من أعلى قمة برج القاهرة. ومنهم من يتردد على منطقة الأهرامات الثلاثة وأبوالهول وقلعة صلاح الدين والاستمتاع بقضاء العيد بين الآثار التاريخية. كما يحلو للبعض زيارة برج القاهرة والاستمتاع برؤية كل معالم القاهرة من أعلى طابق في البرج. ويتميز عيد الأضحى في مصر بالطابع العائلي، حيث يفضل كثير من المصريون الاحتفال به وسط عائلاتهم وأسرهم، لاسيما المنتمين منهم للريف للمشاركة في أجواء ذبح الأضحية وتقطيع لحمها وتناول الطعام مع الأسرة في تلك المناسبة، وما يدلل على ذلك هو الازدحام الشديد الذي تشهده وسائل المواصلات العامة والطرق في الأيام التي تسبق العيد، حيث يحرص الغالبية من أبناء الريف الذين يعيشون في المدن الكبرى كالقاهرة والإسكندرية على زيارة تلك القرى في إجازة العيد للاحتفال به وسط الأسرة، وهذا العام لم يمنع حظر التجوال ولا توقف عمل القطارات المصريين من زيارة أقاربهم في قرى الدلتا وصعيد مصر. فرصة لكسب الرزق ما يميز عيد الأضحى في مصر تلك المهن التي تزدهر خلال أيام العيد وتمثل مصدر دخل لفريق من الناس، لاسيما الشباب العاطل عن العمل والذي يجد في احتياج بعض الأسر لجزار يقوم بذبح وسلخ وتقطيع لحم الأضحية فرصة لكسب الرزق، مما يدخل فرحة العيد على قلوبهم، ومن هؤلاء وليد عبدالمقصود وهو شاب في الثلاثينيات من العمر تخرج في كلية الآداب قسم فلسفة قبل 7 سنوات ولم يجد عملاً ثابتاً يتناسب مع مؤهلة، ولذا فهو يساعد والده في تجارة الماشية، وفي موسم عيد الأضحى يتفرغ لتلبية احتياجات الأسر التي لا تجيد ذبح الاضاحي فيتولى هو هذا العمل بمقابل مادي، كما يحصل على جلود الاضاحي ويتولى توريدها إلى المدابغ بمقابل مالي يتراوح ما بين 75 و200 جنيه حسب نوع الجلد، فالبقري والجملي أغلى من الماعز والضان. كما أن هناك مهناً أخرى ترتبط باستقبال المصريين لعيد الأضحى كتلك المتعلقة بتجارة شوايات الفحم وشحذ السكاكين وبيع الأواني الفخارية والتوابل التي تحتاج إليها ربات البيوت في إعداد أطباق اللحوم.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©