الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شركاء في تجارة العرافة والشعوذة

13 أكتوبر 2013 20:57
قرأت أن الذين يأتون إلى السحرة والعرافين والمشعوذين ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: قسم يأتي إليهم فيسألهم من غير أن يُصدقهم، وقسم ثان يأتي إليهم فيسألهم ويُصدقهم، وقسم ثالث يأتي إليهم فيسألهم ليبيّن للناس أنّ عملهم تمويه وتضليل. وأعتقد أن ثمة قسماً رابعاً وهو الذي لا يؤمن ولا يصدق وآخر همّه أن يبيّن للناس، وهو يتألف من الذين لا يترددون بالمتاجرة بالشعوذة والتنجيم وهذا أخطر الأقسام تضليلاً. والأرجح أن وسائل الإعلام التي تكثر من استضافة العرّافين والمنجميّن تنتمي- في الأغلب- إلى القسم الأخير، ومع ذلك من الصعب أن نقدّر الأرقام التي تقف وراء هذه التجارة الرابحة، ولا أدري كيف أمكن الوصول إلى رقم الخمسة مليارات دولار التي تحدث عنها البعض مرة من دون إيضاح إّذا كان المبلغ يشمل حصة وسائل الإعلام من هذه التجارة. قرأت أيضاً عن محاولة لا بأس بها لأحد الباحثين لتقدير قيمة عوائد ما يصفه بأحد القنوات المشهورة بترويج السحر والعرافة والشعوذة من خلال فقط عوائد الاتصالات الهاتفية، حيث توصل إلى أن ريع المكالمات لوحده من حلقة واحدة قد تقارب المليون دولار أميركي في الشهر الواحد، يدفعها المتصلون، الذين ينتمون في الأغلب إلى قسم الذين يأتون إلى العرافين والمشعوذين ويصدقونهم. في نقد هذه الظاهرة غالباً ما يتم- مثلا- تناسي دور شركات الاتصالات الشريكة في جني الأرباح. وعادة ما يتم تركز الشكوى والغضب على الجهل في المجتمع الذي يتيح الانتشار الواسع لهذه الظاهرة. أما النقد القديم- الجديد لوسائل الإعلام، المساعدة على انتشار هذه التجارة، فلم يؤدِ إلى تحّسن يذكر. بعض وسائل الإعلام في بعض الدول العربية، تجرأت أخيراً وتحدّت الهيئات المعنية بتنظيم البث والإعلام المرئي والمسموع وواصلت استقبال العرافين بحفاوة لا مثيل لها. والمراقب لكثير من الفضائيات يمكنه أن يراقب بعض الإعلانات والفقرات الدعائية والمقابلات (الصحفية) الترويجية، أن يقف على بعض جوانب الخطورة الكامن، ليس فقط في حجم الظاهرة بذاتها، وليس في تردّي فنون الدعاية والإعلان والعلاقات العامة، وإنما أيضاً في الدرك السفلي من التدليس والتدنيس والتوظيف التجاري الرخيص للرموز الدينية من أجل الوصول إلى مآرب مالية. هذا النفوذ الصريح يُمارس يومياًّ مع أن بعض وزراء الإعلام العرب كان طالب أكثر من مرة بوقف القنوات التي تروّج السحر والعرافة والشعوذة، مما يجعلنا نرجّح أن وراء الظاهرة أسباباً أخرى- غير وسائل الإعلام وشركات الاتصالات ونسبة الجهل- تتشارك المسؤولية. ولعل أهم المداخل هو الانتباه لأهم قاعدة تستند إليها الظاهرة، أي الجمهور الذي يؤمن بالعرافين والسحرة والمشعوذين، وهو جمهور من ناس متنوعي الثقافة والاهتمام ولا شيء ينتشلهم من التضليل سوى الإقناع الذي يمكن أن يأتي- ويأتي فقط- من خلال عملية رصد منظمة تقوم بها هيئة أو جهة موثوقة ومستقلة تتولى مقارنة أقوال وأفعال العرافين والمشعوذين وتوقعاتهم مع الحقائق والوقائع. ومن دون اقتناع هذا الجمهور»المضلّل» سيجد العرافون والمشعوذون، ومعهم كل الشركاء، منفذاً مستديماً لممارسة نفوذهم وتجارتهم. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©