الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

التحلية بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة أفضل حلول ندرة المياه العذبة

التحلية بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة أفضل حلول ندرة المياه العذبة
7 يناير 2016 21:29
أبوظبي (الاتحاد) تعمل «مصدر» على تطوير محطات تحلية مياه البحر في دولة الإمارات التي تعمل بالطاقة المتجددة على أن يتم تسويقها تجاريا بحلول عام 2020. وأبرمت «مصدر» شراكات مع أبرز مطوري تكنولوجيا تحلية المياه عالميا مثل أبينجوا، وديجريمون، وسيديم فيوليا، وتريفي سيستمز، لإطلاق مشروع تجريبي لاختبار وتجربة تقنيات تحلية مياه البحر تتميز بكفاءة عالية في استخدام الطاقة. ويتضمن المشروع التجريبي أربع محطات جرى تركيبها بمنطقة غنتوت في أبوظبي تعمل لمدة 18 شهراً. وتهدف كل محطة إلى تخفيض استهلاك الطاقة بشكل كبير من خلال الربط ما بين تقنيات تحلية المياه الواعدة التي يجري تطويرها في الجامعات ومراكز الأبحاث العالمية والتطبيقات الصناعية واسعة النطاق التي تعمل من خلال الطاقة المتجددة. وفي هذا الإطار، يؤكد الدكتور أحمد عبد الله بالهول الرئيس التنفيذي لـ«مصدر» أن المنهجية بعيدة الأمد التي تعتمدها «مصدر» في مشروع غنتوت لتحلية مياه البحر تلقي الضوء على التزام الشركة بتحقيق رؤية أبوظبي 2030. وقال في بيان صحفي أمس « إن تأمين مصادر المياه مستقبلًا يمثل واحدة من أكبر التحديات التي تواجه دولة الإمارات ودول مجلس التعاون والعالم على حد سواء»، موضحاً أن مشروع غنتوت لتحلية مياه البحر باستخدام الطاقة المتجددة يجسد مثالا بارزاً على أهمية التعاون بين مختلف القطاعات ودورها في تأمين مصادر المياه العذبة مستقبلا فضلا عن مواصلة مسيرة النمو الاقتصادي. «ويشير الدكتور بالهول إلى أن «مصدر» تتطلع من خلال المشروع التجريبي هذا إلى جسر الهوة ما بين البحوث والتقنيات المتقدمة لتقديم حلول ذات جدوى تجارية يمكن تنفيذها عالمياً. واضاف «كما تسهم هذه الشراكات بين مختلف الجهات المشاركة في المشروع في تعزيز نقل وتبادل المعرفة، ومن جانب آخر تعمل مشاريع البحوث والتطوير في معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا في تعزيز التفاعل المباشر ما بين طلبة المعهد والشركاء الدوليين في مشروع غنتوت لتحلية مياه البحر». ويلفت بالهول إلى أن «مصدر» ستوظف خبرتها الواسعة ومكانتها الرائدة عالميا في قطاع الطاقة المتجددة لتحقيق المزيد من الابتكارات في حلول التكنولوجيا المستدامة لتعزيز كفاءة استهلاك الطاقة في مشاريع تحلية المياه». ويمثل أمن المياه أحد أبرز التحديات التي تواجه الدول والمجتمعات بالعالم في الوقت الحالي خاصة إذا ما أخذنا بالاعتبار أن نسبة المياه الصالحة للشرب لا تتعدى ثلاثة في المائة من إجمالي المياه المتوافرة حاليا مع توقعات تشير بوصول عدد سكان الأرض قرابة 9.1 مليار نسمة بحلول عام 2050. ويفرض مثل هذا الأمر الكثير من التحديات والضغوطات على كافة الأطراف والجهات ذات الصلة مثل الحكومات والقطاعين العام والخاص للبحث عن المزيد من الحلول المبتكرة وتعزيز التعاون لضمان أمن المياه حاضراً ومستقبلًا. وتواجه دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية باعتبارها واحدة من المناطق التي تعاني ندرة المياه في العالم تحديا في ظل النمو السكاني المتزايد فضلا عن عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة التي تشهدها دول المنطقة وتتمثل بإقامة المئات من مشاريع البنية التحتية العملاقة إلى جانب الطلب المطرد على المياه لأغراض الري والزراعة. وفي خطوة تدل على قراءة متأنية ودقيقة لتحديات المستقبل اتخذت القيادة الرشيدة لدولة الإمارات عدة مبادرات استباقية للتعامل مع مسائل ندرة المياه العذبة. وجاءت هذه الخطوات تماشيا مع رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه مؤسس الدولة الذي كان حريصاً ومهتما بالبيئة ومواردها الطبيعية حيث كان يؤكد دائما بالقول «إننا نولي بيئتنا جل اهتمامنا لأنها جزء عضوي من بلادنا وتاريخنا وتراثنا، لقد عاش آباؤنا وأجدادنا على هذه الأرض وتعايشوا مع بيئتها في البر والبحر وأدركوا بالفطرة وبالحس المرهف الحاجة للمحافظة عليها وأن يأخذوا منها قدر احتياجهم فقط ويتركوا فيها ما تجد فيه الأجيال القادمة مصدرا للخير ونبعا للعطاء». ومثل هذا الاهتمام بالمصادر الطبيعية خاصة المياه أكد عليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة - عقب محاضرة أقيمت في مجلس سموه حول موضوع المياه العذبة في العالم حيث قال سموه «إن المياه تشكل أهمية كبرى تفوق أهمية النفط بالنسبة إلى الإمارات»، مشيرا إلى أن «المنطقة تواجه مشكلة جدية ونحن منشغلون بها نظرا لأنها في غاية الأهمية «. كما قال سموه في إحدى المداخلات «أعتقد أن ذلك يعود إلى أن السكان في شبه الجزيرة العربية في تزايد لذا يتوجب علينا تركيز الجهود على إجراء الدراسات والبحوث ووضع الخطط والاستراتيجيات والحلول الملائمة التي من شأنها إيجاد السبل الكفيلة بتلبية احتياجات المستقبل وحفظ الموارد الطبيعية وصونها لأجيالنا المقبلة.» ووضعت أبوظبي كفاءة طاقة التحلية على جدول أعمال القمة العالمية للمياه التي تقام تحت مظلة أسبوع أبوظبي للاستدامة في دورتها لهذا العام والتي ستركز على آليات تسريع العمل في تطوير الاستراتيجيات والتقنيات المستدامة في قطاع المياه. وباتت الحاجة لإدارة المصادر الطبيعية على نحو أكثر كفاءة ملحة بنحو أكبر من السابق خاصة إن أبوظبي تواجه طلبا متناميا على المياه العذبة بواقع 5 الى 6% سنويا الأمر الذي يعني إنتاج 900 مليون جالون من المياه الصالحة للشرب يوميا من خلال عمليات تحلية المياه باستخدام الوقود الاحفوري. وقامت العديد من المؤسسات الحكومية ذات الصلة بتنفيذ استراتيجيات هادفة للتعامل مع ندرة المياه الصالحة للشرب للوفاء باحتياجات العديد من القطاعات الرئيسية، فعلى سبيل المثال أطلقت هيئة البيئة - أبوظبي نظام مراقبة ذكيا لأكثر من 228 ألف هكتار من الغابات الخاضعة لإدارة الهيئة بهدف تقليل استهلاك المياه الجوفية بنسبة 30 في المائة بحلول عام 2030. وتمثل تحلية المياه الطريقة الرئيسية لتأمين احتياجات دولة الإمارات من المياه العذبة طوال العقود الماضية. وتواجه جدوى هذا الحل الكثير من التساؤلات على المدى البعيد بسبب ارتفاع مستوى الطاقة التي يتم استهلاكها في عملية إنتاج المياه الصالحة للشرب والتي تعادل عشرة أضعاف بالمقارنة مع عملية إنتاج المياه العذبة السطحية على الرغم من التطورات الكبيرة التي شهدها قطاع تكنولوجيا تحلية المياه، غير أن استهلاك مصادر الطاقة بشكل كبير لا يمثل الجانب السلبي الوحيد فعملية تحلية المياه وتوليد الطاقة الكهربائية تتسبب بنسبة تقارب 30% من انبعاثات غازات الدفيئة في أبوظبي ولتكون بذلك ثاني أكبر مساهم في هذه الانبعاثات بعد التصنيع والبناء. وعلى الصعيد البيئي تفرض عملية تحلية المياه تحديات كبيرة حيث تتسرب المحاليل الملحية والمياه المستخدمة في عمليات التبريد صوب البحر لتزيد بدورها من نسبة ملوحته مما يهدد تنوع الاحياء البحرية إضافة إلى تغيير درجة حرارة النظام البيئي المحيط بها. من جانب آخر تفرض تحلية المياه تحديات اقتصادية مع توقعات تشير إلى ارتفاع التكلفة بواقع 300% على الرغم من انخفاض سعر الوقود الأحفوري. وفي خطوة تلقي الضوء على إدراكها للعلاقة الوثيقة ما بين المياه والطاقة عالميا استثمرت حكومة أبوظبي من خلال «مصدر» مبادرة أبوظبي متعددة الأوجه للطاقة المتجددة في أحدث التقنيات لتحسين كفاءة إنتاج المياه وتقليل التأثيرات البيئية الناجمة عن عمليات تحلية المياه في المشاريع المزمع تنفيذها في دولة الإمارات وخارجها. ويوفر مشروع غنتوت لتحلية مياه البحر عندما يعمل بالكامل ألفا و500 متر مكعب من المياه الصالحة للشرب يوميا إلى بنية المياه التحتية في أبوظبي حيث تلبي هذه الكمية متطلبات 500 منزل تقريبا. ومن جانب آخر، يتيح هذا المشروع عند اكتماله 4 حلول مجدية كاستخدام الطاقة بكفاءة عالية أثناء عملية تحلية المياه ويسهم في تنويع مصادر الطاقة بشكل أكبر ويعمل على تقليل التكاليف المطلوبة في عملية تحلية المياه إضافة إلى تقليل الآثار السلبية على البيئة بصورة عامة. ومع أن معدلات استهلاك الطاقة التي تتطلبها تقنيات التحلية قد انخفضت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، تعد محطات التحلية بما فيها الأكثر والأحدث تطورا مصدرا عاليا في استهلاك الطاقة لذلك تقدم تقنيات الطاقة المتجددة حلولا عملية لتخفيض معدل البصمة الكربونية خلال عمليات التحلية. ويتوقع لمشروع محطات غنتوت لتحلية مياه البحر بالطاقة المتجددة أن يسهم بتخفيض كبير في استهلاك الطاقة عندما يتم تشغيل المحطات بالكامل. وفي حال تلبية 15% من احتياجات أبوظبي لمحطات التحلية الجديدة مستقبلا من خلال تقنيات تحلية المياه بالطاقة المستدامة فإنها ستسهم في التوفير السنوي بما يقارب 94 مليون دولار أميركي بدءا من العام 2020. وتستغرق الفترة التجريبية في مشروع غنتوت لتحلية مياه البحر 18 شهرا للتعرف عن كثب على أكثر تقنيات التحلية الجديدة كفاءة وموثوقية خلال تلك الفترة التجريبية. وتتضمن المرحلة الثانية من المشروع عمليات تقييم لمدة 12 شهرا تقرر بعدها «مصدر» الجدوى الاقتصادية لتنفيذ مشاريع كبيرة لتقنيات تحلية المياه بالطاقة المتجددة في دولة الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. قيمة قطاع تحلية المياه عالميا تتضاعف 4 مرات أبوظبي (الاتحاد) يسهم مشروع غنتوت في الارتقاء بمكانة أبوظبي باعتبارها رقما بارزا ورائدا في الجيل القادم من تقنيات تحلية المياه المستدامة. ويتوقع أن تتضاعف قيمة قطاع تحلية المياه عالميا أربع مرات لتصل إلى 52.5 مليار دولار بحلول عام 2020 بالمقارنة مع 12.5 مليون دولار عام 2010 تستحوذ دول مجلس التعاون الخليجي حصة الأسد منها وبواقع 63%. وفي الوقت الذي يبرهن فيه مشروع غنتوت لتحلية مياه البحر الذي أطلقته «مصدر» على الجدوى الاقتصادية لمشاريع تحلية المياه باستخدام مصادر الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة تتطلب حلول تأمين المياه الصالحة للشرب بشكل مستدام ومجد تجاريا المزيد من التعاون ما بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع الأكاديمي. من جانب آخر فإن تلبية التحدي المتمثل بتأمين المياه الصالحة للشرب يفتح الباب على مصراعيه لفرص جديدة لأن توسيع وزيادة تقنيات تحلية المياه الجديدة العاملة بمصادر الطاقة المتجددة يؤسس لشركات جديدة ويعمل في الوقت ذاته على الارتقاء بمكانة أبوظبي باعتبارها مركزا رائدا للبحوث والابتكارات في مجال التكنولوجيا النظيفة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©