السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

القدس.. في وجدان العرب والمسلمين

القدس.. في وجدان العرب والمسلمين
8 أكتوبر 2015 22:50
فلسطين بقعة مباركة، بل هي من أقدس البلاد وأشرفها، ولها في قلوب المسلمين جميعاً مكانة سامية، ولا تخفى مكانة فلسطين في الكتاب والسنة على كلّ من له إلمام بالعلوم الدينية والدراسات الإسلامية، فيعرف حتماً - من غير شك ولا ريب - أن فلسطين جزء من بلاد الإسلام، وفيها المسجد الأقصى المبارك الذي شرّفه الله تعالى بالتقديس وجمع فيه الأنبياء والمرسلين - عليهم الصلاة والسلام - في ليلة الإسراء والمعراج؛ تكريماً لنبينا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم-، كما في قوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)، «سورة الإسراء: الآية 1». مهبط الرسالات فالمسجد الأقصى مباركٌ في ذاته مباركة الأرض التي حوله، وهي أرض فلسطين، وسرّ هذه البركة أن تلك الأرض هي مهبط الرسالات السماوية ومهد الكثير من الأنبياء والمرسلين- عليهم الصلاة والسلام-، وأفضلها «القدس»، حيث المسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى نبينا- صلى الله عليه وسلم- ومعراجه. ولفلسطين، وغرة جبينها القدس ولؤلؤتها المسجد الأقصى المبارك، مكانة عظيمة في الإسلام، جاء التنويه بها في القرآن الكريم وفي السنة النبوية الشريفة، وتجلَّت كذلك في مشاعر المسلمين وعواطفهم الدينية وفي تعلقهم القلبي والروحي بهذه البلاد المباركة، وظهرت هذه المكانة أيضاً عبر التاريخ من خلال حرص المسلمين على فتح فلسطين عامة والقدس خاصة، وذلك في خلافة عمر بن الخطاب ثم في أيام صلاح الدين الأيوبي، كما عملوا على صيانة معالمها والمحافظة عليها، ففلسطين أرض النبوات، وتاريخها مرتبط بسير الرسل الكرام - عليهم الصلاة والسلام-، وهي عزيزة علينا، دنيا وديناً، قديماً وحديثاً. مكانة مميزة ومن المعلوم أن مدينة القدس تحتل مكانة مميزة في نفوس العرب والمسلمين، فهي المدينة التي تهفو إليها نفوس المسلمين، وَتُشدّ إليها الرحال من كل أنحاء المعمورة، وعند زيارتنا المسجد الأقصى المبارك نجد أن كل ركن في المسجد ينطق بماضِ للإسلام غالٍ عريق: هنا: كانت نهاية الإسراء. ومن هنا: عُرج بمحمد - صلى الله عليه وسلم- إلى السماء. وإلى هنا: جاء عمر بن الخطاب، وأبو عبيدة عامر بن الجراح، وخالد بن الوليد، وسعد بن أبي وقاص، وعبادة بن الصامت، ومعاذ بن جبل، وسلمان الفارسي، وغيرهم من الصحابة الكرام - رضي الله عنهم أجمعين-. وهنا: علّم شداد بن أوس - رضي الله عنه- «معلّم هذه الأمة». وهنا: قَضَى عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - بين الناس. وهنا: نُودي بمعاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه- خليفة للمسلمين. وإلى هذه الرحاب الطاهرة جاء أئمة العلم يعظون ويدرسون ويتعبّدون: الإمام الأوزاعي فقيه أهل الشام، وسفيان الثوري إمام أهل العراق، والليث بن سعد إمام مصر، ومحمد إدريس الشافعي مؤسس المذهب الشافعي، وحجة الإسلام الإمام الغزالي الذي ألف كُتُباً في المدينة المقدسة بعد أن آثر البقاء فيها ومجاورة مسجدها الأقصى، ومن بين مؤلفاته بها كتاب «إحياء علوم الدين»، الذي قال عنه علماء عصره ومن تبعهم من العلماء: «من لم يقرأ كتاب الإحياء، فهو ليس من الأحياء»، وقد ألفه تحت قبة في ساحات المسجد تسمى اليوم بالقبة الغزالية. أشد المحن إن مدينة القدس في هذه الأيام تتعرض لمحنة من أشد المحن وأخطرها، فالمؤسسات فيها تُغلق، والشخصيات الوطنية تُلاحق، وآلاف المقدسيين يُطردون، وتقام الحدائق التلمودية في محاولة لتزييف التاريخ والحضارة، وكل معلم عربي يتعرض لخطر الإبادة والتهويد، كما أن الاقتحامات المتكررة التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي للمسجد الأقصى المبارك وبشكل شبه يومي، لتؤكد سعي سلطات الاحتلال لتطبيق وفرض مخطط التقسيم الزماني في المسجد الأقصى، من خلال إغلاق المسجد في الفترة الصباحية أمام المسلمين، والاعتداء والتضييق على رُوّاده من المصلين والمعتكفين والمرابطين وطلبة مصاطب العلم ، وذلك بمنعهم من دخول المسجد الأقصى واعتقال بعضهم ومصادرة هوياتهم، وبالمقابل السماح للمستوطنين بدخوله في تلك الأوقات وتوفير الحماية لهم. وبهذه المناسبة، فإننا نتوجه بالتحية والتقدير إلى أهلنا في مدينة القدس وفلسطينيي الداخل، على دورهم المُمَيَّز في الدفاع عن مسرى النبي - صلى الله عليه وسلم - والمدينة المقدسة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©