يضيق الصدر بما يرتد إليه من فواجع ورعشات حزن، والوضع الرياضي بالشقيقة مصر في حالة من التردي الفظيع جراء قرار صدر ذات وقت بوقف دوري كرة القدم لاحتواء ما كان من احتقان، من شغب وأيضاً من خروج عن النص.
نتفهم أن بلداً في حالة من الثورة، يعيش فورة نوعية أو لنقل زلزالاً سيعيد نحث التضاريس السياسية لـ”أم الدنيا”، يوقف النشاط الرياضي إلى حين استتباب الأمن، وشيوع الهدوء، والتأكد من خلو المجال من صناع الفتنة.
نتفهم ذلك رغم أن هذا التوقف الاضطراري كلما طال أمده إلا وخنق الشريان، بل وهدد حركة رياضية بالكامل بالسكتة القلبية، ولكن كان لا بد من طرح هذا السؤال. إلى متى تستطيع الرياضة المصرية أن تصبر على الحال المائلة؟ أن يتعطل دوري كرة القدم؟ أن تستمر الأندية في تعليق يافطة «الخدمة معلقة» على واجهاتها؟ أن تستمر الآلاف من العائلات التي تعيش وتقتات من الرياضة في الصبر على ضنك العيش وفي مد اليد طلباً لما يسد الرمق؟
بالأمس خرج المصريون من الذين يعيشون بالرياضة ومن الذين تمثل لهم مباريات كرة القدم مصدر رزق وحتى فسحة فرجة تزيل ما بالقلب من هم ومن غم، متظاهرين بشكل حضاري ليوصلوا إلى أصحاب الشأن رسالة فيها شكوى من استمرار الحال البئيسة، وفيها رجاء لإنقاذ عائلات تعاني ضنك العيش، وفيها تنبيه إلى أن مصادرة الفعل الرياضي ستكون لها تداعيات خطيرة على الرياضة المصرية أولاً، وعلى الحياة الاجتماعية والاقتصادية ثانياً.
وأنا على يقين بأن الحكومة المصرية تعلم بفحوى الرسالة من قبل حتى أن يتظاهر آلاف المصريين من رياضيين وعاشقين لإيصال فحواها، وموقن أيضاً بأن المانع من رفع الحظر وحجب المصادرة هو أن لا تجد الحكومة ما يكفي من الدلائل على أن الحياة إن عادت للحركة الرياضية المصرية لا تهدد أمن وسلامة الأشخاص والمؤسسات والمرافق.
هو إذن قرار على درجة كبيرة من الخطورة ومن الحساسية، وما يضفي عليه طابع الخطورة أنه قرار يبنى على أنقاض عشرات القرارات الخاطئة والمتهورة التي جاءت لتشنجها وانفعالها وعدم حضور الحكمة عند صياغتها بنتائج عكسية دمرت الثقة المتبادلة، فمن قرر في وقت ما أن يصدر الوجه البشع والسيئ والانتقامي إلى الرياضة، ليسفك الدماء ويزهق الأرواح البريئة، ومن فكر مرضي في الانتصار لروح القبلية بإشاعة الفتنة في ملاعب، وبتشنج وقرر الرد على ذلك بأبشع طريقة هو من حكم على الرياضة المصرية خصوصاً على كرة القدم بأن تكون كالمعلقة.. حتماً سينجلي ليل الهم وعندها يكون للمقام مقال.
بدر الدين الأدريسي | drissi44@yahoo.fr
عدد اليوم
