الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صح النوم ايقظت الأشواق الصاخبة

صح النوم ايقظت الأشواق الصاخبة
28 فبراير 2008 04:54
بين 28 /1 و5/ 2 قدمت السيدة فيروز وفرقتها 8 عروض لمسرحية ''صح النوم'' في العاصمة السورية دمشق، وذلك في إطار احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية، ومع أن البرنامج ضم 5 حفلات في الأصل، إلا أنه جرى التمديد لحفلتين إضافيتين نظراً للإقبال المنقطع النظير، إضافة إلى عرض ختامي خصص للأطفال والشباب· منذ أعلن عن مجيء فيروز إلى دمشق بعد انقطاع دام أكثر من 20 عاماً المرة الأخيرة كانت في مهرجان بصرى 1987 وهي التي تملك تلك العلاقة الخاصة مع دمشق وتتمتع بشعبية في أوساط السوريين لاتضاهيها في أي بلد آخر، حتى بدأت الشائعات تتصاعد، ما إذا كانت فيروز ستأتي أم لا، كما جرى تسييس الحدث الفني من قبل أطراف لبنانية مناهضة لسوريا، لكن الفنانة الكبيرة لم تلق بالاً لهذا الجو المشحون، وتصرفت كما يليق بفنانة أصيلة أكبر من الخلافات العابرة، ومن ناحية أخرى لم يعلن عن أسعار البطاقات حتى قبل بدء الحفلات بأيام قليلة، مما فتح الباب للمبالغات والتقديرات العشوائية في الأسعار، وانتشرت ثرثرات عن أن البطاقات بيعت قبل الإعلان الرسمي عن بدء بيعها لكن الأمانة العامة للاحتفالية، ممثلة بالدكتورة حنان قصاب حسن، وضعت حداً لكل ذلك بالإعلان الصريح عبر وسائل الإعلام أن بطاقة واحدة لم تبع بعد، وأعلنت الأسعار الحقيقية التي تراوحت بين 200 دولار و20 دولاراً، كما جرى التوضيح لطريقة الشراء ومواعيده· وعلى الرغم من أن ازدحاماً شديداً شهدته مداخل دار الأوبرا حيث عرضت المسرحية، وحيث جرى بيع البطاقات، إلا أن من أصر على الحصول على بطاقة استطاع ذلك، ومع كون فئة الـ 20 دولاراً هي الأكبر، فقد استطاع محدودو الدخل من المواطنين تحقيق حلمهم ومشاهدة الملكة ربما للمرة الأولى في حياتهم· أما العرض الختامي فكانت جميع بطاقاته بـ 10 دولارات· والجدير بالذكر أن ريع الحفلات سيذهب لتمويل مركز ثقافي سيجري افتتاحه في أحد بيوت دمشق القديمة· الأمينة العامة للاحتفالية د· حنان قصاب حسن وعدت أنها ستحاول تنظيم حفلات غنائية لفيروز أواخر الصيف، المقبل في إطار حفلات معرض دمشق الدولي، ليتاح لمن فاته حضور ''صح النوم'' الاستماع إلى فيروز، ولوصل ما انقطع من تقليد سنوي درج عليه الرحابنة بإقامة حفلات في معرض دمشق الدولي طيلة عقود· العرض الأول شهد حضوراً رسمياً لافتاً تقدمه السيد فاروق الشرع نائب رئيس الجمهورية، ووزير الثقافة رياض نعسان آغا، وعدد من الوزراء والمسؤولين الحاليين والسابقين· أوبريت غنائية ''صح النوم'' التي قدمت للمرة الأولى في العام ،1969 مسرحية غنائية (أوبريت) من تأليف الأخوين رحباني، أعاد توزيعها موسيقياً الفنان زياد رحباني، ومن دون أن يجري عليها تغييرات كبيرة، حيث قدمت أولاً في قاعة البيال في بيروت العام الماضي، كما تجولت في عدة دول منها الأردن· المسرحية الغنائية من إخراج بيرج فازليان وبطولة فيروز، أنطوان كرباج، إيلي شويري· وهي تقوم على حكاية بسيطة عن السلطة البيروقراطية المترهلة، إذ ينام الحاكم (كرباج) ولا يصحو إلا في مطلع الشهر لينجز المعاملات الرسمية المتراكمة للمواطنين، وهو ينجز ما يستطيع إنجازه (لا يزيد الأمر عن ختم الأوراق) ويؤجل ما يبقى إلى الشهر التالي، وبذلك تتعطل مصالح المواطنين تبعاً لمزاجية الحاكم وكسله، وعملياً تتعطل الحياة ويتوقف التقدم ويجمد العمران· الفتاة قرنفل (فيروز) تطلب الموافقة على بناء سقف لبيتها، لكن معاملتها تؤجل دائماً لأن (صوتها عالٍ)، لذلك تبقى الشمسية في يد قرنفل لتذكرنا باستمرار أن قضيتها لم تحل· تسرق قرنفل الختم في غفلة من الوالي، وتختم معاملتها ومعاملات الناس، فتتحرك الحياة في القرية، ويصحو الوالي فيفاجأ أن القرية تغيرت وأن الختم قد سرق، يجري المستشار زيدون (شويري) تحرياته، وتحوم الشكوك حول قرنفل التي تكون قد أخفت الختم في البئر، فتضطر للنزول إلى قاع البئر بعد أن تدان مع الوعد بالعفو عنها، يخشى الوالي أن يغرق الختم الذي هو الدولة، لكن الدولة لا تغرق لأنها من خشب، وهذا التعليق أثار عاصفة من التصفيق من الجمهور السوري الحاضر في المسرح· انبهار ما ان ارتفعت الستارة حتى ظهرت فيروز تحمل الشمسية وتدير ظهرها للجمهور الذي لم يتبينها، ومع التفاتتها ونطقها بأولى الكلمات انتشرت حمى من التصفيق والصراخ لم تشهد له قاعة الأوبرا في دار الأسد للثقافة والفنون مثيلاً، وعلى الرغم من أن فيروز غنت بطريقة البلاي باك إلا أن ذلك لم ينقص من انبهار الجمهور السوري الذي يعتبر فيروز رمزاً مقدساً· تتقاطع ''صح النوم'' مع العديد من أعمال الرحابنة التي تعتمد حكاية بسيطة عن السلطة، وتتشابه بطلتها قرنفل مع بطلات أعمال رحبانية أخرى في كونها تمثل الصوت الصارخ بوجه الظلم، المشاغب، والذي لا يعرف عبر الأنوثة وقصص الحب· لكن ''صح النوم'' تستمد قيمتها الكبيرة من التأليف الموسيقي، ومن تعبيرية موسيقاها المنسجمة مع المحتوى والمواقف المختلفة· لذلك لا تقدم ''صح النوم'' الكثير حتى مسرحياً، وبإخراجها الحالي فهي عمل غنائي بالدرجة الأولى، على الرغم من أنها لا تضم أياً من أغنيات فيروز الشهيرة· الصحافة السورية مكتوبة ومرئية ومسموعة احتفت بالضيفة الكبيرة بشكل لم نشهد له مثيلاً، انتشرت لوحات طرقية مرحبة برعاية إحدى الإذاعات الخاصة، ولم تنقطع المقالات عن فيروز في الصحف اليومية، كما لم يتوقف بث التقارير عنها في التلفزيون، أما الإذاعات السورية التي تبدأ صباحها أصلاً بفيروز فقد تحولت إلى إذاعات فيروزية·
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©