الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سعيد الناجي: تجارب المسرح الخليجي ناجحة

سعيد الناجي: تجارب المسرح الخليجي ناجحة
26 يناير 2011 19:49
بارتياح كبير، تلقّى أهل المسرح هنا في المغرب، قرار دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، نشر نصوص مسرحية مغربية ضمن مشروع “المكتبة المسرحية” التي ترعاها الدائرة. وبهذه المناسبة تحدثنا إلى الدكتور سعيد الناجي الأكاديمي المعروف وأستاذ الدراسات المسرحية ورئيس جمعية نقاد المسرح بالمغرب. ومن أبرز الكتب التي أثرى بها الدكتور الناجي المكتبة المسرحية العربية نذكر: “قلق المسرح العربي”، “التجريب في المسرح”، “البهلوان الأخير”. يقول الناجي: كلنا نعرف بأن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة تقود مشروع نشر النصوص المسرحية في العالم العربي، وهو مشروع رائد ويدفع في اتجاه ترسيخ بنية احترافية للكتابة المسرحية. نحن نحترم اختيارات الإخوة في دائرة الإعلام بالشارقة، ولكني اعتقد أن الهدف من نشر نصوص مسرحية مغربية، كانت الغاية العميقة منه هي التعرف على المشهد الحالي للمسرح المغربي. وعن دور جمعية نقاد المسرح التي يترأسها يقول: الجمعية إطار لتجميع الجهود المبذولة على صعيد النقد المسرحي من جهة، والتي حققت تراكماً على الصعيد العربي والمغربي، ومن جهة أخرى، دفعنا إلى تأسيس جمعية النقاد الرغبة الطموحة في أن يمتلك النقد المسرحي بعدا مهنيا، وأن يساهم في احترافية الممارسة المسرحية، لأنه لا معنى أن نطالب بمهنية ما للمسرح ولا نمنح للنقد المسرحي بعده المهني والاعتراف المادي والرمزي الذي يستحقه. ويضيف: النقد المسرحي طرف في مؤسسة المسرح، ولا يمكن أن يتم الاعتراف بدوره الحقيقي إلا إذا كانت المؤسسة المسرحية مستقلة ومنتجة لفائض القيمة. ولهذا نعتبر مشروعنا في عمقه يبحث عن المساهمة في صنع مؤسسات إنتاج مسرحية قوية، تخلق سوقا لتداول الفرجة المسرحية وللصناعات الثقافية عموما. وفي هذا الصدد، نحن قلقون بخصوص بقاء المسرح المغربي عبارة عن ممارسة تتلقى الدعم، بل إن الثقافة كلها ما تزال تعبيرات ثقافية للمجتمع المغربي، ولم تتحول إلى قطاع إنتاجي يوفر فرص الشغل ويخلق سوقا لتداول المنتجات الثقافية. إن بلدا مثل المغرب، يعتمد اقتصادا ليبراليا مفتوحا، ويراهن على السياحة كمجال استثماري أول، إن بلدا مثل هذا مطالب بخلق بنيات إنتاج ثقافية قادرة تستطيع استقطاب استثمارات هائلة، والربط بين المنتج الثقافي والمنتجات التراثية والأثرية. وفي صناعة مثل هذه تحتل الفنون من مسرح وموسيقى وسينما الدور الريادي، وهذا النموذج ينطبق على عديد من الدول العربية. وعن الدور الذي يمكن أن يقوم به المسرح في مجتمع عربي ما يزال يعاني من مشكلة الأمية والفقر، يقول: للمسرح في ظل هذا المشهد المأساوي دور مهم للغاية، فلا وسيلة مثل المسرح لمحاربة الأمية، بشقيها الأمية التعليمية والثقافية، وله دور مهم في تحسيس الناس بعدد من القضايا المهمة والخطيرة، إلى درجة أن هناك مسارح تتخصص في مسرح التحسيس الموجه للطفل وللشباب. لهذا فدور المسرح في المجتمعات العربية مهم للغاية، خاصة إنها مجتمعات رغم ما تعج به من ثروات لم تؤسس لصناعات الفرجة والمسرح بشكل حقيقي إلا في بعض البلدان القليلة جداً. إن ما يسمى بـ”اقتصاد المتعة” ضعيف للغاية في العالم العربي، وهو اقتصاد أصبح أساسياً في زمن العولمة. وبسؤاله عن مقولة “نهاية عصر المسرح” يجيب: لا أؤمن بخطاب النهايات، لأنه لم يثبت جدواه في النهاية، بل إن المجتمعات التي حاولت أن تحقق قطيعة نهائية مع الماضي، اصطدمت بعودة تفاصيل كثيرة من الماضي للظهور بعد سيادة اليقين من اندثارها. إن صعوبة تداول الأدب والفن يتم التعبير عنه أحيانا بخطاب النهايات الفارغ. النهايات الحقيقية نشاهدها في الأنظمة الشمولية التي تحاول لجم الأدب والفن، نهاية النظام الشيوعي في مرحلة، ثم الأزمة العالمية التي أعلنت نهاية الليبرالية المصرفية والمالية التي تتعامل مع الفن باعتباره سلعة. هذه هي النهايات الحقيقية، أما الفن عموما فباق إلى الأبد لأن الإنسان لا يعيش بالخبز وحده. وبرأي سعيد الناجي أنه “لا يمكن أن نصدر حكم قيمة على المسرح العربي برمته، ربما لأنه مطلوب منا أن نعيد النظر في هذا المصطلح: المسرح العربي، ماذا نقصد به؟ فالمسرح العربي مسارح متعددة وشديدة الاختلاف، ولا يمكن بأي حال الجمع بينها هكذا، بين المغرب والجزائر والإمارات ومصر وسوريا هناك وتائر مسرحية مختلفة، وآن الأوان لكي نفهم عروبتنا من داخل الاختلاف لا من خلال وحدة وهمية بين بلدان ومسارح متعددة. ما يمكنني أن أقول إن التجارب المسرحية متنوعة في العالم العربي، ولا تختلف كثيرا عما يجري في حوض المتوسط الشمالي، فهي تجارب تجريبية حقيقة، ربما تفتقد سبل التواصل والتبادل في العالم، ولكنها تجارب مسرحية حقيقية ورائعة”. أما لماذا تقدم المسرح الغربي وتأخر مسرحنا فيجيب: يذكرني هذا السؤال بذلك الذي طرحه شكيب أرسلان خلال عصر النهضة: لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟ وهذا يعني أننا ما زلنا واقفين عند أسئلة النهضة العربية. والغريب أننا واقفون عندها على صعيد السياسة والاجتماع والثقافة. ما زلنا عند نفس الأسئلة: لماذا تأخرنا سياسيا؟ وما هو النظام السياسي الذي يصلح لنا، هل الديمقراطية أم الشورى؟ وما هي خصوصية مجتمعاتنا: الأصالة أو المعاصرة؟ وما زلنا ندور في فلك هذه الأسئلة بطريقة مأساوية ومحبطة، ونتعامل مع الغرب بدونكيشوتية رهيبة: نستعمل كل منتجاته وابتكاراته الصناعية والتكنولوجية، ونصفه بأبشع الأوصاف ونعتبر أنفسنا أكثر أصالة منه، وأكثر أخلاقاً.. على صعيد المسرح أتساءل: هل كان المسرح العربي متقدما يوما ما، حتى نلاحظ تأخره الآن؟ لا أعتقد. المسرح العربي فن حديث ومعاصر، ونمارسه بنفس أسلوب المسرح الغربي، إن لم أقل أساليب المسرح الغربي. والفرق في تقديري يتمثل في وجود صناعة مسرحية في أوروبا، وغيابها في العالم العربي. وعن ظاهرة الاقتباس التي أضحت ملفتة للانتباه، يقول: هذه المسألة ينبغي أن نعيد فيها النظر لأن الاقتباس كان ظاهرة موجودة في المسرح العربي منذ بدايته خلال القرن التاسع عشر، فلماذا نطرح هذا الإشكال الآن؟ ربما لأنه لدينا تراكم مسرحي متحقق، ولكن هذا لا يكفي. المسألة في تقديري مرتبطة بظاهرة في المسرح العالمي، وهي أن العولمة ويسر وسائط التواصل والسفر والسياحة خلق نوعا من التبادل المسرحي العالمي، حيث أصبحت الفرق المسرحية تقدم عروضها في أبعد نقطة من المعمور، وبدأت تتشكل ممارسة مسرحية بمواصفات عالمية تلغي من حسابها الخصوصيات المحلية بحثاً عن التواصل مع جمهور عالمي. بل إن ممارسي المسرح نفسه أصبحوا قادمين من شعوب وثقافات مختلفة ويمارسون مسرحاً بمواصفات عالمية في أوروبا وأميركا. ولهذا هناك نزوع لممارسة مسرح متعارف عليه دوليا. وهذا سؤال بدأ يقلق فلاسفة المسرح ومفكريه، أمام طغيان جماليات عالمية على المسرح، وبالتالي نصوص عالمية عليه، مقابل تهميش المواصفات المحلية. والمسرح العربي يقع في قلب هذه القضية العالمية. ويضيف: لا يمكن أن نجزم بتراجع شامل للخصوصيات المحلية في المسرح، ولكن هناك توجها نحو بعد عالمي أصبح حثيثاً وملاحظاً، حتى بدأ يشغل بال المنشغلين بمستقبل المسرح، وبال النقاد كذلك. ولكن، ما تزال الخصوصيات المحلية هي رهان العالمية في النهاية، أي الجسر نحو بلورة هوية مسرحية تقدمنا للعالم وتقدم له صورة حقيقية عنا. إن التقاذف الذي تتحدث عنه بين تيارات فكرية وفلسفية مختلفة ضروري ومهم جداً لكي يكون لمشهدنا المسرحي والفني بشكل عام صورة متنوعة وغنية. وصناعة المسرح تتطلب تنويع المنتجات المسرحية، بمعنى عدم التوقف عند ما نمسيه “مسرح ثقافي” أو مسرح جاد، فالصناعة الثقافية في حد ذاتها ينبغي أن تلبي كل الحاجات الثقافية للمجتمع، ولكننا نعاني من نقص الاعتراف بالممارسة المسرحية في المجتمع، أي أننا مجتمعات يمكن أن تعيش بدون مسرح، وهذا ما يخيف أمام ما يجري من تحولات سريعة في العالم. وعن علاقته بالمسرح المشرقي وخاصة المسرح الإماراتي، يقول: أقرأ نصوصاً مسرحية إماراتية وأوجه طلبتي للاشتغال عليها في ماستر المسرح بالجامعة. ويضيف: أتتبع المسرح العربي وتحولاته، ولكني أعتقد أن المشرق يتوفر على فرصة ذهبية لتطوير المسرح، حيث تتقارب العواصم العربية هناك بشكل ممتاز، لا تفضل القاهرة عن عمان عن دمشق عن الرياض غير ساعات معدودة، ولهذا هناك فرصة لتحقيق تواصل مسرحي أكبر. من جهة أخرى، وبخصوص المسرح الإماراتي، رأيت بعض المسرحيات القليلة، ولكني أقرأ نصوصاً مسرحية إماراتية وأوجه طلبتي للاشتغال عليها لنيل شهادات عليا في المسرح بالجامعة، وذلك لأني أعتقد أن المسرح الخليجي، يقدم تجارب مضيئة ومختلفة، وبإمكانها أن تشكل استثناء في المشهد المسرحي العربي. يذكر أنه بعد صدور كتابه “البهلوان الأخير”، صدر له في طبعة ثانية كتاب “التجريب في المسرح” ضمن منشورات دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©