الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حبيبي بين الأسد والأرنب والكرسي

حبيبي بين الأسد والأرنب والكرسي
28 فبراير 2008 04:51
محمد حبيبي شاعر من السعودية أصدر ثلاث مجموعات شعرية وأعمالاً شعرية بصرية حديثة تقترب لـ''الفيديو آرت''، يقول عن أول كتاب قرأه: لن أنسى مطلقاً، كلما أمسكت بكتاب جديد، تلك الرسوم الملونة بقصة ''الأسد والأرنب''، الذي خلص حيوانات الغابة من شره بذكائه، وأسقطه في البئر· هي أول أوراق بين دفتي كتاب قرأته بمحض اختياري· لا أذكر عنوان القصة لكنها مازالت منغرسة في ذاكرتي· أمتعتني وأعطتني الثقة في نفسي، بإمكانية التغلب على كل البدناء الأقوياء في الحارة والمدرسة برغم جسدي النحيل جداً·· تلك اللحظات التي عدت فيها بذلك الكتاب، أغرقتني في هذه اللعبة·· حيث استمررت أستعير القصة تلو الأخرى من مكتبة المدرسة· ويقول عن الكتاب الذي يقرأه الآن وهو ''الكرسي'' للشاعر شيركو بيكه س: الآن وأنا أقرأ كتاب ''الكرسي'' للشاعر الكردستاني شيركو بيكه س، وهو يتجول بالكرسي، هذه الكتلة الجامدة، التي بالكاد يلتفت لها أحد، أتأمل كيف استطاع الشاعر أن يرسم ويخلّق من جماد بسيط مئات العوالم·· من مروا على هذا الكرسي، من الكتّاب، والحرفيين، والبيروقراطيين·· العودة به للخشبة الأم التي صنع منها الكرسي، الغابة التي كان فيها، أقارب الكرسي من الأغصان الأخرى، مصير كل غصن، من صار (وضما) عند جزار، الجدة التي صارت رفّاً بحمام·· عوالم عديدة تشتت فيها أقارب وأصدقاء ذلك الكرسي الذي شعر في إحدى التقاطات الشاعر بالامتعاض عندما جلس عليه مرة مندوب أميركي، ولم يعد له شعوره بالراحة، سوى عندما استعاد حلمه بمجاورة طاولة يجلس إليهما كاتب·· لا يعني ذلك خلو الكتاب ''الكرسي'' من بعض مناطق التفلت من الكاتب، لكن بالمقابل الكتاب علاوة على دهشة الفكرة الأساسية واستمرارية تصعيد الفكرة وتفريعها في مقدار كبير من الكتاب (كرسي تصنع منه كل تلك العوالم)· بالمقابل، فإن هناك اشتغال تجريبي، حيث النص ينفتح على عدة أجناس قاسمها الأساس الشعر الحديث، إلى جانب السرد والمقاطع المسرحية، ومناطق اشتغال أخرى تظل غائبة عنّا كقراء خارج اللغة الأصلية الكردستانية للشاعر، وموروثه الشفاهي الشعبي الذي وظّف كثيراً من سماته الصوتية - اللفظية، وكثيراً من مرموزات تراثه الثقافي·· يقول محمد حبيبي عن المسافة المعرفية بين هذين الكتابين وهذا العمر الممتد بينهما: ما بين العالمين عالم ''قصة الأسد والأرنب'' و''كرسي'' شيكو بيكه س، وفي هذه اللحظات التالية مباشرة للانتهاء من قراءة الأخير، لا أعرف بحق كيف أصف (الثراء أو الفارق المعرفي بين الكتابين) سوى استمتاعي بالقراءة·· وغيرتي الشديدة من هذا الشاعر·· الذي نجح في إعادتي لتلك اللحظات طفلاً مع أول كتاب أقرأه بمتعة·· وكأن هذا الكتاب (الأخير هو ذلك الكتاب الأول) قلة من الكتب (ولاسيما الإبداعية منها) تفعل بك هذا الفعل·
المصدر: الخبر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©