الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخليجيون أمة الشعر..

الخليجيون أمة الشعر..
4 أكتوبر 2012
في أمسيته الثقافية بعنوان “المشهد الروائي في الإمارات العربية المتحدة” قال المدير التنفيذي لمؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية الدكتور عبد الإله عبدالقادر أن الرواية كجنس أدبي لم تستطع تشكيل حضور أمام حركة الشعر في الخليج عموما والإمارات خاصة كما عاشت على هامش قريب من القصة القصيرة ونمت وتعددت أصواتها ونتاجها حتى استطاعت أن تحتل مكانا موازيا لحركة الشعر المعاصر. اعتبر إن الشعر أصل الرواية في الإمارات بنوعيه النبطي والفصيح وقال “الخليجيون أمة الشعر”. وأضاف: إن الاستقرار السياسي الذي تنعم به دولة الإمارات العربية المتحدة والدعم الكبير الذي تقدمه الدولة، ساهم في تنشيط الحراك الثقافي في مختلف المجالات، وأن نشوء المؤسسات الثقافية واتحاد كتاب الإمارات ولا مركزية الدعم ساعد على التطور بشكل استثنائي. الرواية الرائدة وخاطب عبدالقادر نخبة من المثقفين حضروا الأمسية التي نظمها منتدى شومان الثقافي بعمّان بالقول أن بعض النتاج الروائي جاء من باب التجريب لبعض الشعراء وكتاب القصة وهواة الكتابة وأن يتيمة راشد عبدالله “شاهندة” التي كتبها عام 1971 هي الرواية الرائدة في دولة الإمارات. ووصف راشد عبدالله بأنه الذي رمى أول حجر في البحر وعقدت له الريادة رغم عمله الدبلوماسي الذي سرقه من الساحة الأدبية، تبعه محمد غباش، لافتا إلى أن 24 كاتبا أصدروا حتى منتصف العام الحالي 55 رواية، وسجل علي أبو الريش الذي أصدر 13 رواية ومجموعة قصصية ونصا شعريا ومسرحيتين حصة الأسد في الإصدارات، فيما لم تزد أعمال تسع روائيات على 15 رواية. وبعد ان قال نحن أمام تجربة جديدة لم تستكمل أبعادها وإن فرزت بعض التميز لبعض الكتاب، تساءل أين موقع التجربة بالإمارات بين التجارب العربية؟ وهل خرجت من مراحلها الجنينية أم هي امتداد لمرحلة تجريب أو مخاض؟ وما هي العوامل الأساسية التي أدت لاختفاء التجربة الروائية طيلة هذه السنين وظهورها بحكم التطور الاجتماعي ودخول رأس المال في الحياة الاقتصادية؟. محاولات جادة وتحدث الدكتور عبدالقادر عن ظهور الرواية التاريخية التي تحاول إظهار صورة الشخصية الخليجية عبر أبعادها التاريخية وصراعاتها المرحلية السابقة في البحث عن جذور للشخصية المعاصرة عبر تراكمات الماضي وصراعاته وقواه الخارجية. وقال إن المشهد الروائي في الإمارات يؤشر لمحاولات جادة ودؤوبة لإيجاد مكان متميز بين أجناس الأدب الأخرى التي توارثت بالمنطقة بعضها، كالشعر بشقيه النبطي والفصيح، والقص الذي دخل بقوة وحضور منذ منتصف الستينات، إلا أن الرواية دخلت بخجل شديد عبر “شاهندة” يتيمة راشد عبدالله عام 1971 وتجربة تأخر نشرها لمحمد عبيد غباش “دائما يحدث في الليل”. ولفت إلى ظاهرة انتقال أدباء عرفوا بانتمائهم لأجناس أدبية معينة للرواية في محاولة للتطور الذاتي أو التجريب أو إثبات القدرات الذاتية أو لأسباب أخرى تتعلق بالمنتج، مشيرا بذلك إلى الشاعرة والتشكيلية ميسون صقر القاسمي وناصر الظاهري وناصر جبران والدكتور مانع سعيد العتيبة وكريم معتوق وثاني السويدي وباسمة يونس وأسماء الزرعوني، وقبل هؤلاء جميعا صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بوصفه باحثا ومسرحيا. واعتبر إن علي أبو الريش الذي بدأ قاصا وتحول إلى روائي يمثل نافذة مفتوحة على الحياة العامة والتحولات التي واجهت الإنسان في وطنه الإمارات على طرفي البيئة المحلية بين البحر والبر موردا بعض الاقتياسات منه، مثل: “لا أحقد على المدينة فانا أعيش فيما يشبه المدينة لكنني لم اشعر بأنها الملهمة في الكتابة”. أين الأسئلة؟ وقال الدكتور عبد الإله عبدالقادر: إن المشهد الروائي ظل حتى التسعينات بعيدا عن طرح أسئلته التي ينبغي أن تتوالد مع كل ما تعرضت له المنطقة من تحولات جذرية طالت حتى بنى التربية والعادات والتقاليد الاجتماعية بعكس القصة القصيرة التي سبقت الرواية في طرح أسئلتها الملحة ابتداء من الكتابات الجنينية التي تطورت مع عبدالحميد أحمد، ومريم جمعة فرج، وسلمى مطر سيف، ومحمد المر، وناصر جبران، وناصر الظاهري، وسعاد العريمي. ومن وجهة نظر الدكتور عبدالقادر فإن اتجاهات الرواية التاريخية كانت من أهم الإفرازات الطبيعية التي صاحبت المشهد الروائي لانتشار الوعي القومي الوطني الذي يمتاز به المجتمع الإماراتي عموما الذي انعكس في القصة والمسرحية والرواية على مدى مسيرة الدولة من قبل تأسيسها وحتى الآن متأثرة بالمد القومي الذي كان مهيمنا على العقل العربي خلال القرن المنصرم. كما شهد المشهد الروائي أصواتا أدبية شكلت بمجموعها مشهدا جديدا ومتنوعا، لكنها كما قال الدكتور عبدالقادر تجارب لم تخضع لتراكم النوع والفرز ولا تشي بنضوج تجربة ما لأننا لا نملك الكم الذي نستند إليه بقدر ما هو موجود في الواقع وهي ظاهرة عامة في الساحة الأدبية. وأضاف: إن المشهد وإن كان شابا بنشأته إلا أنه سريع في عملية النمو والتلاقح والتواجد.. يحاول الاجتهاد ليطور أدواته وفنونه ويراهن بقوة على المستقبل. واعتبر أن الأدب اليوم يمكن أن يشكل انفتاحا كبيرا بين الأجناس ذاتها خاصة وان بعضها يلتقي بالآخر من حيث التوصيفات الفنية إلى جانب كونها وسائل تعبير متاحة للمبدع في استغلالها وتوظيفها. روايات واقعية وقال الدكتور عبدالإله عبدالقادر أن معظم الروايات اتجهت نحو الواقعية بمختلف اتجاهاتها في محاولة لتشكيل أسئلتها اللحوحة عبر ما تعرضت له المنطقة من تغيرات جذرية بهدف البحث عن الشخصية الوطنية فيما ركزت الرواية التاريخية على الانتماء العربي الجذري أمام هجرات بالجملة لقوميات مختلفة أو كما أسماه تسلل الأجانب للمجتمع الإماراتي ممّا أخل بالتركيبة السكانية وهدد الهوية الشخصية وقيمها وتقاليدها وأخلاقها وطبيعة حياتها وانتماءها القومي والديني. وبهذا الشأن استعرض الدكتور عبدالاله تجارب ثاني السويدي في “الديزل”، وكريم معتوق “حدث في اسطنبول”، وأمنيات سالم في نصها “حلم كزرقة ليل”، وناصر جبران “سيح المهب”، ومحمد عبيد غباش “دائما يحدث في الليل” التي تناقش أزمة المثقفين الذين واجهوا المتغيرات لا بأسئلتهم فقط بل بالرفض في مواجهة الانفتاح المفاجئ والسريع على العالم. لا أدب جاهليا وفي رده على مداخلة قال الدكتور عبدالقادر أن النفط ساعد على تنشيط الحالة الثقافية وإثرائها لكن لدينا مشاكلنا وطموحاتنا وإبداعنا ورسالتنا الثقافية المرتبطة بالأدب العربي وتوصيفاته العامة فالمنطقة ليست مقطوعة الجذور.. نحن الذين قصرنا في معرفتها والاستعمار البريطاني عزلها وكان يمنع المدرسين الفلسطينيين والمصريين من الحضور لتعليم أبنائها. ورفض قبول مقولة الأدب الجاهلي واستعاض عنه بأدب ما قبل الإسلام وقال هناك رواية عربية وليس سورية أو عراقية أو مصرية أو أردنية رافضا بذلك ما أفرزته سايكس بيكو جغرافيا على الخريطة العربية. وكان الناقد الدكتور غسان عبدالخالق طرح أثناء إدارته الأمسية الثقافية تساؤلا مفاده لماذا المشهد الروائي بدولة الإمارات العربية؟ وقال إن ما يحدث في عواصم عربية هو مشهد روائي ملحمي والرواية العربية بشكل من الأشكال تخوض في صلب رياح التغيير التي تعصف في الوطن العربي. وقال “الرواية ملحمة الطبقة المتوسطة بالوطن العربي التي تبحث عن مستقبلها وتطرح أسئلة قبل نصف قرن”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©