الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بوتين والحركة المناهضة لأميركا

29 أكتوبر 2014 23:25
غمرتني مشاعر متضاربة بينما كنت أقرأ إعلان الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» الأخير عن حرب باردة جديدة، وذلك أثناء الخطاب الذي ألقاه أمام نادي «فالدي» للخبراء الروس. وقد ألقى «بوتين» باللوم على الولايات المتحدة لما يراه انهياراً للنظام الأمني العالمي، وحذر أميركا من إحداث فوضى مع روسيا. واتفق مع «بوتين» في الرأي، خاصة في نقاط عديدة من حديثه، لكن من المستحيل التصديق كلية على رسالته. وفي حين أعلنت الولايات المتحدة، من جانب واحد، نفسها الفائز في الحرب الباردة، فإن روسيا لن تعترف مطلقاً بهزيمتها، حتى ولو بصورة شبه رسمية: بالنسبة للرئيس السابق «بوريس يلتسين»، فإن انهيار الاتحاد السوفييتي كان بمثابة تحرر من الأيديولوجية الشيوعية المعوقة، والتي منعت روسيا من الانضمام للعالم المتحضر. وكما أشار «بوتين»، فإن الحرب الباردة لم تنتهِ بأي شكل من أشكال معاهدة السلام. وقد ترك ذلك الحرية للولايات المتحدة للتصرف بشكل أحادي، فلم تكن دائماً تستخدم القوة بحكمة. فالعراق وأفغانستان ليست أفضل حالاً بعد التدخلات الأميركية، كما أن ما يصفه بوتين بـ»توسيع مساحة الفوضى» في الشرق الأوسط هو في جزء منه نتاج للسياسات الأميركية. ويقول «بوتين» إن الولايات المتحدة «تحارب نتائج سياستها الخاصة، وترمي بقدرتها لإزالة المخاطر التي أحدثتها، وتدفع ثمناً متزايداً لذلك»، هناك بعض الحقيقة في ذلك. كما تحدث «بوتين» عن العقوبات المفروضة بدوافع سياسية، والتي تقوض العولمة الليبرالية والقائمة على السوق. وفي الواقع، فإن العقوبات الغبية المفروضة على روسيا تخلق تشوهات اقتصادية وتؤذي الأبرياء. فقد ساهمت هذه العقوبات في انخفاض قيمة العملة وإحداث تضخم جامح في روسيا، وفي أوروبا، جعلت من الصعب إعادة تنشيط النمو الاقتصادي. وكما هو الحال في تصريحات «بوتين»، كان خطاب الأسبوع الماضي يحمل مزيجاً من الحقائق، وأنصاف الحقائق، والكذب الصريح. فعلى سبيل المثال، ليس صحيحاً أن قرار الولايات المتحدة عام 2002 بالتخلي عن معاهدة الدفاع المضاد للصواريخ مع الاتحاد السوفييتي قد جعل المزيد من الدول تطور قدراتها النووية. ولم يكن كذلك قرار الاتحاد الأوروبي بإبرام اتفاق تجارة مع أوكرانيا هو الذي أشعل «حرباً أهلية مع خسائر كبيرة». لكن المشكلة الرئيسية تكمن في محاولات «بوتين» أن يقدم بديلاً للهيمنة الأميركية. بينما أعلن أن روسيا لا تريد أن تكون قوة عظمى، حاول أن يدعي القيادة الأخلاقية، حيث قال: «لسنا بحاجة للتدخل في أي مكان أو إعطاء أوامر لأحد، لكن ارفعوا أيديكم عنا ولا تتظاهرون بحكم مصير العالم بأسره. وإذا كان هناك وجود للقيادة الروسية، فإنها تدافع عن قواعد القانون الدولي». قد تستطيع روسيا، بزعامة «بوتين»، أن تكون قوة عظمى – وهي الآن مخيفة أكثر من أي وقت مضى منذ اختفاء الاتحاد السوفييتي. لكن ليس هذا نوع السلطة التي يريدها «بوتين» إنه يرى نفسه كحاكم موقر للنزاعات الدولية، وقوة أخلاقية لتنفيذ القواعد. لكن مسيرته لا تجعله مؤهلاً لهذا الدور. ومن السهل تحدي الولايات المتحدة على أسس أخلاقية، واتهامها بعدم الكفاءة في الشؤون الدولية. لكن القائد الأخلاقي يجب أن يكون قدوة. وقد يكون العالم في حاجة إلى قوى لتتحدى الولايات المتحدة. لكن روسيا «بوتين» والصين»شي جين بينج» لا تصلحان لهذا الدور. ليونيد بيرشيدسكي كاتب روسي مقيم في برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©