الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخليج العربي ومولي إزارد

الخليج العربي ومولي إزارد
28 فبراير 2008 04:48
نشرت مولي إزارد في سنة 1979 رحلتها ''الخليج: مقاربات غربية لشبه الجزيرة العربية'' الذي يصوّر ظهور ثلاث دول وهي الإمارات والكويت والبحرين في سياق تقلّص نفوذ شركات النفط البريطانية، وتدافع إيران والعراق من أجل التفوق والسيطرة· ورحلتها هذه مليئة بالتحيزات وسوء الفهم الذي يرد بالدرجة الأولى إلى عقدتها بسبب وقوعها خارج الأضواء الإعلامية البريطانية، وسعيها المتصل من أجل جذب الانتباه· ومضمون رحلتها مضلل جدا، ويسبب الحيرة، نتيجة تأرجحها بين أدب الرحلات والتأريخ السياسي، إذ أنها لم تتمثل جماليات المكان المحلي تمثيلا حيويا، مثلما فعلت في كتابها المؤلف سنة 1959 بعنوان ''تضوّع النسائم عن لبنان وسوريا''· ويمكن الإشارة بأنها وصلت في أواسط الستينيات، وحاولت فهم المكان والإنسان في الخليج العربي، لكنها لم تنجح، ومن ثم لم تجن خبرة تؤهلها بأن تكتب عنها كتابة عميقة مثل بقية الرحالة· وذلك يعود إلى أنها كانت تفتقر للخبرة وإلى الدعم المؤسساتي، الأمر الذي جعلها تلجأ إلى التاريخ السياسي المليء بالمغالطات، فتتحول مجمل تدويناتها إلى ما يشبه التقارير السياسية الصحفية· ولا أعرف كم قضت تحديدا في الخليج، لكن يمكن أن يشار بأنها وصلت بصحبة زوجها رالف إزارد الصحفي الشهير لجريدة ''الديلي ميل'' في مهمة إعلامية· ويستطيع القارئ أن يجزم بأنها كانت تهرب من التمثيلات التي تدخل في أدب الرحلات إلى الأحكام العامة· وبإمكانه أيضا أن يكتشف عدم تمكّنها من إيجاد دليل خبير يقودها في رحلتها هذه إلى عمق المكان الخليجي، واكتشافه من منظور ذاتي نظرا لطبيعة الجغرافيا الصحراوية، تلك التي لا يمكن أن يكتشفها الإنسان بدون دعم مالي ورؤية منظمة· ويبدو أنها تشبه رحّالة أخرى وهي أدنا أوبرين التي وصلت إلى أبوظبي في بدايات السبعينات، لكنها مثل مولي لم تنجح في اكتشاف أرضية مشتركة تربطها بالمكان، وهذا ما جعلها تعاني من الصدمة الثقافية، التي يتعرض لها الرحالة عندما لم تتوفر له العناصر التي تساعد في اكتشاف المكان· وبإمكاننا القول بأنها كانت لا تصور المكان الحيوي في الخليج، وإنما تهتم بوصف الصور الفوتوغرافية والمنحوتات والأشكال المستوردة من الخارج، علاوة على أنها لم تقدم رؤية ذاتية للإنسان الخليجي، وإنما وصفت الغرب المقيم في الخليج· وكنت أقول لنفسي وأنا أقرأ رحلة مولي بأنها مهمة، خاصة وأن هناك رحلات قليلة جدا قامت بها النساء الغربيات إلى الخليج· فتساءلت: كيف رأت المرأة الغربية النساء المحليات؟ وللأسف فإن مولي كانت تنظر نظرة متحيزة مبنية على المركزية الأوروبية، تلك التي ترى بتفوق الإنسان والمكان في العالم الأول على الإنسان والمكان في الشرق الأوسط، ولذلك كان عنوان كتابها يحاول تسليط الضوء على الغرب أكثر من الإنسان الخليجي، وهذا جعلها تمعن في النظرة السلبية للثقافة الخليجية حتى تعلي من شأن الثقافة الغربية التي تستحضرها في مجمل مقارناتها·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©