الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

انطلاق عروض مسابقة أفلام من الإمارات

انطلاق عروض مسابقة أفلام من الإمارات
16 أكتوبر 2011 09:18
(أبوظبي) - انطلقت مساء أمس الأول في مجمع المارينا مول، وفي اليوم الثاني من أيام مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي، أولى الأفلام الداخلة ضمن (مسابقة أفلام من الإمارات) التي احتفلت هذا العام بمرور عشر سنوات على ولادتها عندما احتضنها المجمع الثقافي بأبوظبي في العام 2001 ضمن انتباه مبكر وواع لأهمية وقيمة الفن السابع وقدرته على خلق حيوية بصرية شابة وناهضة، وسط حقول وفنون مجاورة وراسخة في المشهد الثقافي الإماراتي، وذلك قبل أن تتحول المسابقة نفسها إلى ظاهرة فنية ملفتة في المكان ومتوفرة في ذات الوقت ـ ومن خلال حماس وطموح الشباب المساهمين في إنتاج أفلامها ـ على قدر كبير من الوعود والبشائر السينمائية التي انتشر صوتها وصيتها في بلدان المنطقة المجاورة، وكان لزاما أن يكون لصناع الأفلام الخليجية دورا وتأثيرا في هذا التوجه الفني الجديد، ليكتمل بذلك النسيج الإبداعي الواسع لهذا التجمع السينمائي المشترك والمتقارب شكلا وموضوعا. جاءت مشاركات هذا العام من الكويت والبحرين وقطر والسعودية، مع حضور قوي ومكثف للأفلام الإماراتية نظرا للنضج والتجديد والتنويع الذي دائما ما يرافق المشاركة الإماراتية في أي مهرجان خليجي أو أي مسابقة إقليمية. وما يميز مسابقة أفلام من الإمارات هو اهتمامها بالتصنيفات المختلفة والأنماط المتعددة التي تقدمها السينما كونها فنا يحتمل التجريب ويتسع للبحث في طاقة وقدرة الصورة على اكتشاف مناطق تعبيرية مدهشة وحافلة بامكاناتها البصرية وأنساقها الثقافية، ويبرز من هذه الأنماط التعبيرية الفيلم الروائي القصير الذي يستحوذ على نصيب الأسد من المشاركات، ويليه الفيلم التسجيلي أو الوثائقي الذي ينقل نبض الحياة وإشكالاتها بكاميرا حية وحقيقية وصادمة في أغلب الأحيان، ثم يأتي دور أفلام الطلبة وهي رغم ما يعتريها من قصور وارتباك إلا إنها ولكونها تجارب أولى ومبكرة يمكن أن تكشف عن أصوات ومواهب جديدة وواعدة تضمن الاستمرار والثراء للحركة السينمائية في المنطقة. والأفلام الروائية القصيرة المشاركة في أولى عروض مسابقة أفلام من الإمارات هي: “الحياة تحتاج إلى رفقة” للمخرج الإماراتي عبدالله النيادي، و”دوائر” للمخرج العماني عبدالعزيز البطاشي، و”البعد” للمخرج السعودي ذياب الدوسري، و”روح” للمخرجة الإماراتية فاطمة عبدالله علي، و”قبل الغروب” للمخرج العماني عيسى الصبحي، و”عتمة” للمخرج الإماراتي أحمد زين، وأخيرا “لولوة” للمخرج البحريني أسامة آل سيف. ففي فيلم “الحياة تحتاج إلى رفقة” يختصر المخرج فكرة العزلة القاحلة وما يقابلها من مشاركة أو رفقة مبهجة من خلال مشاهد مكثفة وصامتة لوردة في أصيص شفاف يتحول الماء الذي يسقيها إلى ماء داكن وقاتم مع مرور الوقت، وعندما يقوم الشخص الذي يرعاها بوضع وردة أخرى وبلون مختلف في ذات الأصيص فإن الماء يحافظ على نقائه وشفافيته، ورغم بساطة الفكرة وتقليديتها، إلا أن المخرج أراد أن يمنحها شكلا رمزيا مكثفا يخرجها من إطار التقليدية، ولكن عنوان الفيلم أفسد على المتفرج المحتوي الضمني والخفي الذي لا يحتاج إلى كشف وتوضيح من عنوان معاكس لمناخ وفضاء الفيلم. وعلى النقيض من ذلك قدم المخرج عبدالعزيز البطاشي في فيلمه “دوائر” صورة متوائمة جدا مع العنوان ولكن إشكالية الفيلم تمثلت في أسلوب المعالجة الخالية من التوتر الدرامي المطلوب لصياغة قصة ذات لغة تعبيرية مكتنزة ولصيقة بهوية الفيلم الروائي القصير، وخلا الفيلم تماما من حالة قصصية مغرية رغم الجماليات المتوفرة في المكان، ورغم ملامسة الفيلم لعالم الطفولة المفتقد والمتواري في دهاليز الذاكرة. وفي فيلم “البعد” حاول المخرج السعودي الشاب ذياب الدوسري أن يمزج بين تقنية الجرافيك والأداء البشري في فيلم ينتقد الجشع المادي والتطور العمراني الذي غيّب ودمّر العلاقات الإنسانية القائمة على مشاعر أصيلة ونقية، ولكن ما عاب على الفيلم هو مثاليته المفرطة وخطابه المباشر الذي لا يترك مكانا للتأويل أو التفسير القادم من الرؤية والذائقة الذاتية للمتفرج. في فيلم “روح” وهو الأول للقاصة والروائية الإماراتية فاطمة عبدالله يتخذ الفيلم من القالب أو الفضاء المسرحي ما يمكن أن نطلق عليه (العبث المعتنى به جيدا) أو (الفوضى الأنيقة) ذلك أن الفيلم كان منفذا فنيا بطريقة جيدة خصوصا فيما يتعلق بزوايا التصوير والكادر البصري الموظف لخدمة الفكرة ولكن إشكالية الفيلم الكبرى تمثلت في موضوعه وفي السيناريو المخصص له الذي جاء أقرب للنص المسرحي المتناغم مع سينوغرافيا الخشبة، وليس مع بنية الفيلم الروائي القصير المعتمد على تقنية القطع والمونتاج المقتضب، والمحتوى البصري المكثف، والذي يمكن أن يقدم قصة الفيلم المتمحورة هنا حول فكرة الموت والخلود كأرضية خصبة وكأساس داعم لصياغة سيناريو محكم ومتماسك وأمين لشروط ومتطلبات الفيلم القصير، وهو ما افتقده هنا فيلم “روح” رغم الجهود التقنية الكبيرة التي بذلت لتنفيذه. فيلم “عتمة” للمخرج الإماراتي كان قريبا جدا من الجو الشعبي المحلي الذي ينهض من ركام زمن بعيد، عندما كانت الرسائل البريدية تنتقل للأهالي من خلال موظف يحمل على كاهله مسؤولية إيصال مشاعر الحنين والفقدان والوله التي تتضمنها هذه الرسائل إلى الأهالي المنتظرين بشوق معرفة أخبار أحبائهم وأصدقائهم البعيدين، وعندما يبدأ هذا الموظف (يقوم بدوره الممثل المعروف حبيب غلوم) بفقدان بصره تدريجيا فإنه يبدأ في ذات الوقت بفقدان قيمة ومعنى حياته، لأن مصدر دخله الأساسي بات مهددا وموشكا على النفاذ والقطع النهائي، وبدلا من تركيز النص على هذه البؤرة المقلقة من الصراع الذاتي مع الفكرة المرعبة للعماء المطلق أو العتمة الكلية، إلا أنه وعلى عكس ذلك يشتبك مع مسارات سردية متشعبة وزائدة عن حاجة الفيلم ومن دون مبررات درامية وموضوعية واضحة، وكان من الأجدر للمخرج أحمد زين أن يتخلص من هذه الزوائد كي يمنح فيلمه القصير هذا ما يستحقه من تكثيف واحتشاد وتركيز على فكرة واضحة وقوية وفي أقل زمن ممكن. هذه الإشكالية في التعامل مع الزمن وقع فيها أيضا فيلم “لولوة” للمخرج البحريني أسامة آل سيف الذي ورّط فيلمه بأحداث وشخصيات كثيرة، لم تكن مساحة الصراع الدرامي الضيق بحاجة لازدحامها البصري وحواراتها الزائدة، أراد الفيلم أن يصل لفكرة الظلم والاستبداد الذي يلتصق بشخصية القوي والمهيمن على الضعفاء المحيطين به، من خلال هوس الاغتصاب الذي يصاب به تاجر كبير في قرية بحرينية صغيرة مطلة على البحر وتتماوج فيها صراعات ومآس شخصية وعامة ابتلت بها القرية وسببت لها الكثير من القلاقل التي أفرزت بدورها ضغائن وإشاعات ورغبات داكنة من الثأر والانتقام من مسبباتها المجهولة والغامضة. وتقوم الفنانة فاطمة عبدالرحيم بدور الفتاة المضطهدة (لولوة) التي تخلص القرية في النهاية من السبب الرئيسي لمعاناتها وجرح أهاليها الذي وصلوا لحافة اليأس المطلق والفوضى العارمة، وهي فوضي انعكست كما يبدو على الأسلوب الإخراجي الذي اتبعه المخرج والذي غلبت عليه المشاهد البطيئة والمكررة وزوايا التصوير الخاطئة والموسيقا الميلودرامية العالية التي تحولت إلى ضجيج وإزعاج وتشويش سمعي أثّر في النهاية على فيلم كان يمكن أن يتحول إلى فيلم روائي طويل ولكنه كان بحاجة إلى تماسك واشتغال أكثر على النص وعلى دراسة واعية للشخصية ودورها وتأثيرها في تعزيز مسارات القصة واستثمار طاقتها السردية والجمالية الكامنة فيها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©