الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صدامات جامعة كراتشي: أحزاب وعرقيات

26 يناير 2011 19:39
اخُتتم الفصل الدراسي الأخير في جامعة كراتشي، التي تعتبر واحدة من أكبر الجامعات الباكستانية، على وقع العنف والفوضى بعد سلسلة من الصدامات بين منظمات طلابية مسلحة وإضراب الأساتذة ضد العنف المتنامي داخل الحرم الجامعي، وتأجيل موعد الامتحانات أكثر من مرة، بالإضافة إلى تفجير أودى بحياة بعض الطلبة. لكن بعد هذه المشاكل انطلق الفصل الدراسي الجديد بالجامعة تحت رقابة عناصر الجيش التي انتشرت بكثافة ملحوظة داخل الجامعة لمنع تدهور الوضع واندلاع الصدامات الدامية. وفي الوقت الذي يتحدث فيه بعض الطلبة والأساتذة عن الأمل في عودة الحياة الأكاديمية إلى وضعها الطبيعي واستئناف الدروس والتحصيل العلمي، مازال البعض يستشعر الخوف، مشيرين إلى المحرضين على العنف بعبارة مخففة تصفهم بـ"الناشطين"، فيما هم في الحقيقة أجنحة للأحزاب السياسية تلجأ إلى العنف والإكراه لبسط النفوذ داخل الحرم الجامعي. وقد أشار الأساتذة أكثر من مرة إلى الوضع الأمني الهش في الجامعة، مؤكدين أن ما يجري هو صورة مصغرة للصراعات الإثنية التي تخترق مدينة مثل كراتشي تعتبر قاطرة البلاد الاقتصادية، بعدد سكان يبلغ 18 مليون نسمة. فالمدينة مقسمة بين أطراف سياسية متناحرة تتسابق على الأرض والنفوذ السياسي الذي تضمنه أصوات الطبقة الوسطى، هذا في الوقت الذي تبدو فيه السلطات الأمنية عاجزة، أو غير راغبة في إيقاف التدهور الأمني. وبدلاً من الانعتاق من ربقة هذا التناحر السياسي يبدو أن الأجيال الجديدة ممثلة في طلاب الجامعات ورثت الصراعات، وهو ما يعبر عنه "خالد عراقي"، أستاذ الإدارة العامة في الجامعة، قائلاً: "بدلاً من النقاش يسود جو من القلق والاحتقان، ولا أحد يريد مواجهة المتسببين في العنف". فعلى مدى الأيام الأخيرة قُتل ما لا يقل عن 40 شخصاً فيما وصفته السلطات بالاغتيالات السياسية التي تستهدف الخصوم، وهو ما استدعى فرض حظر للتجول والدعوة إلى تدخل الجيش لوضع حد للانفلات. وقد كانت حوادث القتل الأخيرة في سلسلة من موجات العنف التي أودت بحياة أكثر من 750 شخصاً خلال السنة الماضية مسجلة ارتفاعاً بثلاث مرات مقارنة بالعام 2009 حسب لجنة حقوق الإنسان الباكستانية. ورغم تحول كراتشي إلى مخبأ لعناصر من حركة "طالبان"، إلا أن العنف في المدينة يرجع إلى الصراعات الديموغرافية المتجذرة بين العرقيات المختلفة التي تقطن المدينة، فالقوى السياسية التي سيطرت على كراتشي لفترة طويلة هي حركة "متحدة قوامي" التي تمثل المهاجرين الذين هربوا من الهند بعد التقسيم ويتحدثون اللغة الأوردية، لكن الحركة تتعرض لتحديات حقيقية من الوافدين الجدد من المناطق البشتونية شمال غرب البلاد بسبب العنف المندلع هناك والمزارعين القادمين من إقليم السند المجاور، وهو ما يعمق من حدة الشرخ في المدينة ويقوي العناصر المسلحة. وبالنسبة لجامعة كراتشي فقد كانت على الدوام المكان المفضل لنشاط الطبقة الوسطى الباكستانية، بالإضافة إلى كونها ساحة الصراعات السياسية التي يخوضها الطلبة نيابة عن الأحزاب السياسية. وبعدما رفعت الحكومة حظرها على النشاط السياسي للطلبة في الجامعة خلال 2008 عادت أعمال العنف التي خلفت ثلاثة قتلى في صفوف الطلبة، غير أن الأساتذة والطاقم الإداري لاحظوا تنامياً متزايداً لأعمال العنف التي يحركها التعصب السياسي بين الطلبة، محذرين من تقويض العمل الأكاديمي في الجامعة وعرقلة سيره العادي، وعن هذا العنف المستشري يقول "عبيد حسنين" الذي يترأس جمعية الأساتذة في جامعة كراتشي، "إن الطلبة ينحدرون من المجتمع الذي نعيش فيه، هذا المجتمع يفرز لنا قيم عدم التسامح على جميع المستويات". وفي إحدى الحوادث اقتحم أعضاء من جمعية طلابية نافذة قاعة كان يجتمع فيها الإداريون لاختيار الأساتذة الجدد بعدما تناهى إلى أسماعهم أن مرشحيهم المفضلين لتولي مناصب التدريس لم يقع عليهم الاختيار، وهو ما اعتبروه تطوراً غير مقبول ما دام سيقلل من تأثيرهم على الأساتذة لمنحهم درجات النجاح. ورغم العدد القليل نسبياً لأعضاء تلك الجمعيات الطلابية في جامعة كراتشي بسبب غلبة العنصر النسوي على الجسم الطلابي عامة، إلا أنها تستند إلى الأحزاب في الشارع السياسي التي تعتبر امتداداً لها. هذا وتمارس الجمعيات الطلابية المسيسة نفوذاً قوياً على إدارة الجامعة التي ينتمي العديد من أفرادها أيضا إلى الأحزاب السياسية، وتنفرد حركة "متحدة قوامي" بنفوذ كبير سواء في الجامعة أم في الشارع، بل يُنظر إليها على أنها المسؤولة عن تعطيل اجتماع اختيار الطاقم التدريسي الجديد. ولم يقتصر الأمر على التعطيل بل امتد إلى أعمال عنف دموية مثلما حصل في أواخر شهر ديسمبر المنصرم عندما انفجرت قنبلة مزروعة تحت شجرة كان يصلي بالقرب منها طلبة شيعة. ولمواجهة حدة العنف المتصاعد قالت "شاهانا أوروج"، من إدارة الجامعة، إن السلطة رفعت عدد أفراد الجيش والحرس الخاص منذ أحداث ديسمبر الماضي، مضيفة أن الإدارة طلبت من الأحزاب السياسية ضبط عناصرها من الطلاب، إلا أنها نفت أية علاقة لها بهم. وقد تباينت تعليقات الطلبة حول ما يجري داخل الحرم الجامعي من اضطرابات وتراوحت بين نظرية المؤامرة التي تحيكها الإدارة للسيطرة على الطلبة، وبين معترف بحجم المشكلة التي يرجعها إلى طبيعة المجتمع غير المتسامحة. كارين برويارد كراتشي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©