الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مقترحات أوباما الاقتصادية: جيدة ... ولكن!

مقترحات أوباما الاقتصادية: جيدة ... ولكن!
26 يناير 2011 19:34
في خطابه عن "حالة الاتحاد"، أكد أوباما، على ضرورة انفتاح أميركا أمام الأعمال، وأهمية قيامها بفتح أسواق جديدة ومتنامية لصناعة الطاقة البديلة، وعلى ضرورة العمل على تخريج المزيد من العلماء والمهندسين، وبناء خطوط جديدة لقطاراتها فائقة السرعة، والتنافس مع الدول الأخرى في المجال الإلكتروني، والعمل على تعديل ضرائب مؤسساتها وشركاتها بحيث تكون معدلاتها متماشية مع مثيلتها المطبقة في الدول المنافسة لها. هذه المقترحات جيدة في حد ذاتها، ولكن يجب أن نعرف أن جعل أميركا أكثر انفتاحاً أمام الأعمال، لا يعالج سوى جانب واحد من جوانب التراجع الاقتصادي. وأن التحدي الأكبر المطروح علينا هو العمل على جعل مؤسساتنا وشركاتنا أكثر استعداداً لتنفيذ مشروعات داخلها. صحيح أن مؤسسات وشركات قطاع الأعمال في أميركا لن تظل محتفظة بمدخراتها البالغة 2 تريليون دولار في خزائنها للأبد، ولكن ذلك لن يعني أنها، وانطلاقاً من دوافع وطنية بحتة، وليست تجارية ولا نفعية، سوف تستثمر تلك الأموال المكدسة في مشروعات داخل الولايات المتحدة بهدف خلق وظائف للعاطلين عن العمل. فالشيء المنطقي بالنسبة لها هو البحث عن استثمارات مربحة لتلك الأموال سواء في أنشطة غير مولدة للوظائف في الولايات المتحدة(كأن تبيع أسهمها في البورصات بأثمان مرتفعة ثم تعيد شراءها بعض الوقت بعد أن تكون أسعارها قد انخفضت)، أو في مشروعات تحقق لها أرباحاً كبيرة في مناطق أخرى من العالم. السؤال الذي يجب أن نسأله لأنفسنا بعد سماعنا لخطاب أوباما عن "حالة الاتحاد" هو: هل يمكن لمقترحات الرئيس الأميركي، إذا تم وضعها موضع التنفيذ، أن تقود إلى إحياء الاستثمارات الخاصة، بمعنى المساعدة على صعودها مجدداً؟ قبل الإجابة على هذا السؤال، يتعين علينا بداية، أن نعرف أن مشروعات تطوير البنية الأساسية الأميركية سواء البنية الأرضية، أو الفضائية - الإلكترونية، سوف تحتاج إلى مئات المليارات من الدولارات، وأن الشيء المؤكد هو أنها ستؤدي في النهاية إلى توفير المزيد من الوظائف للعاطلين وستؤدي إلى تحسين الإنتاجية. ومما لا شك فيه أيضاً أن مساعدة الجامعات على تخريج أعداد متزايدة من المهندسين والعلماء سوف تؤدي بدورها إلى زيادة الإنتاجية، وإن كانت قدرتنا على القيام بذلك بدرجة يعتد بها تعتمد على قدرة أجهزتنا التنظيمية على الحد من الرواتب الهائلة التي يتقاضاها العاملون - وبالذات المديرون - في الجهاز المصرفي الذي كان معظم خريجي جامعاتنا يتدافعون للعمل فيه خلال العقدين الأخيرين. لا خلاف كــذلك، على أن تخفيض معدل الضرائب المفروض على الشركات عن المعدل الحالي وهو 35 في المئة، مع العمل في نفس الوقت على غلق ثغرات تتيح لبعض الشركات الفرصة للتهرب الضريبي أو دفع معدلات ضرائب أقل مما يفترض أن تدفعه، سوف يؤدي لتبسيط وتحسين قانون الضرائب ويقلل من الاعتراض الذي يثار ضده... أما كون تلك الإجراءات ستؤدي لتحسين الاستثمارات أم لا.. فأمر يمكن أن تختلف فيه الآراء والتوقعات. في المسح الذي أجرته جامعة نورث كارولينا عن معدلات الضرائب التي تدفعها الشركات والمؤسسات الكبيرة المتعددة الجنسيات خلال الفترة ما بين 2003 ـ 2007 والذي تم تضمين نتائجه في تقرير نشرته مجلة"بلومبيرج بيزنس ويك" منذ مدة، بلغت 26 في المئة، في حين كان هذا المعدل في مناطق أخرى في العالم 25 في المئة. هذا في الوقت الذي لم يتجاوز معدل الضرائب الذي تدفعه شركة مثل جنرال إلكتريك عن 11.5 في المـئة ( بلغ معدل الضرائب الذي دفعته الشركة الألمانية المشابهة لجنرال موتورز وهي شركة سيمنس 29 في المئة من دخلها الصافي للحكومة). هل ذلك سيؤدي إلى فرار سيمنس من ألمانيا؟ وهل جنرال موتورز ستقوم بإغلاق مصانعها وفروعها في العالم وتهرع عائدة إلى أميركا؟ لن يحدث هذا بالضبط لأسباب منها أن عدد العاملين في الفروع الخارجية للشركتين أكبر من عدد العاملين لديها في فروعها الأصلية في الوطن. بالإضافة لذلك وقعت سيمنس اتفاقية مع اتحاد العمال في ألمانيا للاحتفاظ بقوتها العاملة العالية الكفاءة - 128 ألف عامل - في وظائفهم. كما توصل الاتحاد المذكور لاتفاقيات أخرى مع كبار المصنعين مثل "بي.إم.دبليو" و"دايملر" إذا ما كنا ننوي إعادة صوغ قانون الضرائب الخاص بنا، فلماذا لا نعيد صوغه بطريقة تتيح مكافأة تلك الشركات، التي تقوم بتشغيل موظفيها وعمالها في وظائف جيدة هنا في الوطن؟ هناك عقبات تحول دون ذلك، أهمها أن اتحادات العمال الأميركية على درجة من الضعف لا تسمح لها بالتوصل لاتفاقيات مثل تلك التي توصل إليها اتحاد العمال الألماني. طالما أن الأمر كذلك، فلماذا لا تقوم سلطاتنا المختصة إذن بالتفرقة بين الشركات التي تقوم بتطوير وتصنيع منتجاتها هنا، وتدفع رواتب مرتفعة لعمالها الأميركيين، وبين تلك التي تذهب إلى الخارج سعيا وراء عمالة أقل أجراً؟ في الوقت الراهن يمكن بالكاد القول إن أميركا قد اقتربت بأي درجة من تغير البنية المؤسسية فيها، على الرغم من الأهمية البالغة لهذا الأمر في تحقيق نهضة اقتصادية كاملة الأوصاف. مع ذلك يمكننا - على الأقل - استخدام آلية التعريفات الجمركية والضرائبية لمكافأة تلك الشركات والمؤسسات التي تستثمر في الوطن ومجازاة تلك التي لا تستثمر من أجل مستقبله. يجب أن نكون قادرين على التمييز بين الصديق والعدو. وفي رأيي أن هذه المقاربة المعتمدة على أسلوب تقديم الجزر للنوع الأول من الشركات واستخدام العصا مع النوع الثاني، هو الشيء الذي تفتقر إليه مقترحات الرئيس الجديرة بالثناء التي تعتبر مقترحات حميدة بقدر ما تستطيع تحقيقه من نتائج على أرض الواقع. هارولد مايرسون محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©