الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

مؤتمر واشنطن يبحث «خريطة طريق» لترسيخ التسامح والسلم

مؤتمر واشنطن يبحث «خريطة طريق» لترسيخ التسامح والسلم
8 فبراير 2018 02:34
واشنطن (الاتحاد) تواصلت أعمال «مؤتمر واشنطن» في يومه الثاني برعاية «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة» من أجل التوصل إلى خريطة طريق للتحالف بين الأديان في العالم، بغرض ترسيخ ثقافة التسامح وتعزيز السلم العالمي وحماية مستقبل البشرية. وانطلقت الفعاليات بحضور المئات من القساوسة الإنجيليين والحاخامات والأئمة من أكبر أربعين مدينة أميركية، إلى جانب نخبة من العلماء والمفكرين وممثلي الأديان في مختلف بلدان العالم، في فندق «ماريوت- جوجتاون» في واشنطن العاصمة. واستهل الجلسة الافتتاحية الشيخ عبدالله بن بيه رئيس «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة»، والتي شارك فيها العلماء والقساوسة والحاخامات والأئمة ومحمد بن عبد الكريم العيسى أمين عام رابطة العالم الإسلامي، وسفير الولايات المتحدة لحرية الأديان سام براون، ووزير خارجية فنلندا تام سوينك شوين، الذي يشارك في مؤتمر واشنطن بصفة رسمية، ممثلاً حكومة بلاده، وداعما لنشاط قافلة السلام الأميركية. وقدم ابن بيه تصور أولياً لمرحلة ما بعد «مؤتمر واشنطن»، مؤطراً للصيغة التي يُفترض أن يقوم وفقها نشاط قافلة السلام، في ضوء ما تحقق من نتائج إيجابية، واقترح مرتكزات تؤسس لانطلاق «حلف الفضول الجديد» للتحالف بين الأديان والفلسفات معاً، وان جوهر المشروع يقوم على أبعاد إنسانية على كل المستويات الأخلاقية والدينية. وتحدث ابن بيه عن دور «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة» منذ انطلاقته مؤكداً أن عمله يقوم على شقين: شق يبحث في ظاهرة العنف وجذورها، والآخر يقوم على المبادرات والتعاون مع الأصدقاء الباحثين عن السلام، دون أن ينفي بروز العديد من المشاكل الفكرية في الشق الأول، وخاصة فيما يتعلق بأسئلة مثل: هل الدين سبب ظاهرة العنف، أم العنف ناشئ عن عوامل أخرى، والدين وسيلة؟ وأضاف ابن بيه أن منتدى تعزيز السلم يقدم الرواية والرؤية، رؤية الإسلام في دعوته للسلام والتسامح، اعتماداً على النصوص، والتأويل الصحيح، بعكس الرواية المحرفة على يد الغلاة، الخارجين عن الضبط الديني والعقلي، وخلص إلى أن الأديان تدعو إلى الحب والتسامح والعفو والترابط والتكافل. وتحدث ابن بيه عن إعلان مراكش لحقوق الأقليات ليس في الشرق الأوسط ولكن في العالم كله، وقد استلهمنا فيه إحياء وثيقة تاريخية هي «صحيفة المدينة المنورة»، التي مثلت أول دستور في العهد النبوي، ينظم العيش المشترك، ويجسد المواطنة بين أقوام من مختلف الديانات والأعراق بلغة العصر، الذي كتبت فيه. وقد وضع إعلان مراكش الأسس المعرفية والشرعية لإمكانية خطاب التعايش المؤصل في أفق المواطنة بين مختلف المجتمعات المسلمة. ملاحظاً أنه «بعد أربعين سنة على «وثيقة هلسنكي»، هاهم المسلمون يقدمون من رحم تاريخهم وثيقة لحرية التدين وحقوق المواطنة المتساوية. معبراً عن سعادته لأن «بعضكم كانوا شهوداً على تلك اللحظة التاريخية»، منوهاً بأن الإعلان حظي، لحسن الحظ، بقبول واسع من المنظمات الدولية والجامعات، واعترفت به «منظمة التعاون الإسلامي» في قمة إسطنبول في أبريل 2016. وأكد ابن بيه أن «مؤتمر واشنطن» هو تتويج لهذه اللقاءات والمشاورات، ولأن يشارك الجميع بأفكارهم وبدعواتهم الإيمانية، بل أن يكون نموذجاً لكل أتباع الديانات والفلسفات، ولإظهار الدين كقوة للسلام وعامل جذب بين المختلفين، وليس عامل حروب، وإثبات أن ذلك ممكن فعلاً، فديناميكية المحبة تتغلب على الكراهية، فالمحبة والسلام والصداقة، هي رسالتنا إلى البشرية، وهي شعارنا. وأعلن ابن بيه عن مبادرة «إطعام الطعام» للمحتاجين من كل الأعراق والأديان، نستضيفهم على مائدة العائلة الإبراهيمية، لأن هذه المبادرة بالإضافة إلى أنها عمل خير، فإنها أيضاً سنة أبينا إبراهيم عليه السلام، فقد كان يطعم الضيف، وأن نتحالف حلف الخير، حلف الفضول، الذي زكاه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. وهو حلف مفتوح لكل الديانات والأعراق. وتحدث سام براون سفير الولايات المتحدة لحرية الأديان، وأكد أن المجتمع الإنساني بأمس الحاجة لتعزيز ثقافة التسامح وتعزيز السلم. وأكد الحاجة إلى أن تتوافق الأديان على مشروع سلام شامل يخدم البشرية. وأشار براون إلى إعلان مراكش، الذي شكل الأساس لمؤتمر واشنطن، معتبراً أنه في غاية الأهمية ليس لأنه يحمي الأقليات فقط، وإنما لأنه يؤسس لثقافة إنسانية أكثر تأثيراً على الأجيال المقبلة، كما هو حال مشروع قافلة السلام التي يرعاها الشيخ ابن بيه. وأكد أنه على أتم الاستعداد للتعاون في هذا المشروع، لأن النهوض بمهمة تعزيز الحريات الدينية في العالم، هو في صلب اهتمام حكومة الولايات المتحدة، وأن دوره سوف يساند وزارة الخارجية، للقيام في هذه المهمة. من جانبه، أكد تام سوينك وزير الخارجية الفنلندي، أن ما تقوم به قافلة السلام هو في غاية الأهمية، وهو عمل مقدر عالياً من الحكومة الفنلندية، ولذلك «أنقل إليكم دعمنا ومؤازرتنا على كل المستويات»، مشدداً على أن لقاء اليوم هو مصدر إلهام للقيام بالخطوة اللاحقة على مستوى تحالف الأديان، مؤكداً أن مثل هذا الكيان سيقوم «بدور جوهري في ترسيخ ثقافة التسامح، لأنني أعتقد أنه إذا كان الدين جزءا من المشكلة، فهو بالتأكيد جزء من الحل». بدوره، قال محمد مطر الكعبي أمين عام «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة» إن الأديان فاعل أساسي في تعزيز السلم، وأن تعاونها يمثل سدا منيعا ضد ثقافة الكراهية وخطاب العنف والتطرف، وهو ما يتوجب أن تتضافر جهود عقلاء الأديان لتشييد لبنات هذا الصرح، حفظا للإنسان والأديان والأوطان على حد سواء. وحتى يكون هذا التعاون واقعا حقيقيا يُفترض البحث عن المشترك في أفق إقامة تحالف للقيم، وحلف فضول عالمي يكون مرجعا للعالم كله، ونموذجا دينيا وحضاريا وإنسانيا، يثبت أن الإرادة القوية والنية الصادقة والإيمان بالسلام والجهد الفاعل، أركان هذا العمل، الذي يأوي إليه الجميع، والمظلة التي يستظل بها، وهو ما خلصنا إليه في الملتقى الرابع الذي نظمه منتدى تعزيز السلم بأبوظبي في ديسمبر 2017 تحت عنوان: «السلام العالمي والخوف من الإسلام: قطع الطريق أمام التطرف». وأضاف الكعبي أن الأنبياء والرسل جاؤوا برسالة السلام، وحَقٌّ على أتباعهم أن يكونوا دعاة سلام ورحمة، أن يكونوا أنصارا للمظلومين، وأن يكونوا حماة للإنسان والأديان، وإننا نطمح لأن نصل حلفا عالمي للأديان لما نملك من إمكانيات التعاون والتعايش ما يمكن أن نقدم من خلاله حلولا واعية بالواقع العالمي وتركيباته المعقدة ومتغيراته وإكراهاته، نستثمرها لإحداث الأثر الصالح في النفوس والعقليات في هذا العالم الذي تتلاطم فيه أمواج التكتلات المتصارعة، وذلك بأن يكون تكتلا يجمع ولا يفرق، يقارب ولا يباعد، يوحد ولا يشتت، يبشر ولا ينفر. وأكد الكعبي أن الإمارات قيادة ومجتمعا، تعمل على أن يكون التسامح سائدا بين المجموعات الدينية والعرقية واللغوية، التي تعيش على أرضها، وما فتئت تشريعاتها ومؤسساتها الرسمية وغير الرسمية ومبادراتها الإقليمية والدولية والعالمية تؤكد توجهها في هذا الاتجاه، استثمارا لهذا التنوع في المنطق الديني والإنساني الذي نعتقد أنه عامل محفز على التعارف والتعايش.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©