الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوريا: الأولوية للمهام الإنسانية

8 مارس 2016 23:35
وضع وقف إطلاق النار للحرب الوحشية الدائرة منذ خمس سنوات في سوريا حداً لجانب كبير من القتال والقصف الذي تشهده البلاد، ما يسمح بوصول المساعدات الإنسانية للشعب الذي يتضور جوعاً في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، ويمهد الطريق لاستئناف محادثات السلام اليوم التاسع من مارس. تلك هي الإيجابيات، بيد أن وقف الأعمال العدائية الذي تم التفاوض عليه من قبل الولايات المتحدة وروسيا الشهر الماضي جاء أيضاً بتكلفة عالية من وجهة النظر الأميركية والمعارضة التي ترمي إلى دعمها: فقد كان للهدنة الأثر في ترسيخ سيطرة بشار الأسد على السلطة والاعتراف به وبنظامه في الأساس باعتباره الكيان السوري القوي القابل للحياة في البلاد. وفي هذا السياق، ذكر بعض المحللين في المنطقة أن ما قامت به الولايات المتحدة في سوريا أساساً هو الاعتراف بسيطرة الأسد التي تزداد استقراراً على جزء من البلاد، وأضافوا أنه نتيجة لذلك التقييم الواقعي، فقد آثرت الولايات المتحدة منح أولوية للأزمة الإنسانية الفورية في سوريا مع تأخير مصالحها وأهدافها الجيوسياسية لقائمة تُنفذ على المدى الطويل. يقول نيكولاس هيراس، المهتم بالقضايا الأمنية في الشرق الأوسط بمركز (الأمن الأميركي الجديد) في واشنطن «من وجهة النظر الأميركية، يبدو من الواضح جداً أو وقف الأعمال العدائية يهدف في المقام الأول إلى السماح بتدفق المساعدات الإنسانية واختبار الأمور لمعرفة ما إذا كان يمكن تحويل ذلك إلى وقف مستدام للقتال». وأضاف: «إنه اعتراف بأن شكلًا ما من أشكال التحول السياسي سيتحقق على الأقل في وقت ما في المستقبل. وقال أيضاً: «هذه ليست بداية النهاية للصراع السوري، بل بالأحرى اعتراف بالشهية الضعيفة جداً للنهاية الممنهجة للصراع على كلا الجانبين، وبذلك فإن الفكرة تستفيد على الأقل من هذه اللحظة لإدخال الغذاء والمستلزمات الطبية التي تشتد الحاجة إليها». ويقول «أندرو تابلر»، خبير في الشؤون السورية والسياسة الأميركية في الشام في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»: «لا أعتقد أنهم في الإدارة يريدون أن يستمر الأسد في السلطة - بل إنهم ليسوا على استعداد للقيام بأي شيء حيال ذلك، أيضاً». وأضاف: «إن السياسة الأميركية الآن لا تتعلق بإنهاء الحرب السورية، بل التركيز حقاً على تسوية النزاع وجلب بعض الراحة للشعب السوري». وهناك بعد آخر للتركيز الأميركي على تخفيف الأزمة الإنسانية، بحسب «تابلر». وقال إنه مع عدم استعداد أطراف الحرب للتوصل إلى اتفاق لوضع نهاية حاسمة للقتال، فإن الولايات المتحدة تحول انتباهها لمعالجة بعض التداعيات غير المتوقعة للحرب، والمصدر الرئيس للقلق بالنسبة للولايات المتحدة هو أزمة اللاجئين التي تزعزع أوروبا الغربية. وفي هذا الصدد يقول «تابلر»: إن تدفقات اللاجئين التي تضرب أوروبا في شكل موجات لا تتوقف «لها تأثير مستمر على مستويات كثيرة»، واستطرد: «وهذا ما أظهر كيف أن الحرب السورية لم تكن قابلة للاحتواء، وهذا ما أدى إلى إبرام اتفاق مع روسيا حتى يتمكن الأسد من البقاء في السلطة». وهناك نتيجة أخرى لأزمة اللاجئين في أوروبا، وهي إنها تزيد من صعوبة موقف الغرب تجاه المعارضة السورية المعتدلة، بحسب ما يرى السيد هيراس. وقال: «إن موجة اللاجئين التي تضرب أوروبا قد أضعفت حقاً من دعم المعارضة السورية المسلحة وجعلت الصبر ينفذ تجاه أوجه القصور في المعارضة». نقاد إدارة أوباما يضعون المسؤولية عن ضعف المعارضة عند قدمي الرئيس أوباما، ويصرون على أن المساعدات الضئيلة للغاية وصلت في وقت متأخر جداً للمعارضة المسلحة القادرة على الوقوف في وجه الأسد الذي تدعمه روسيا، لكن «هيراس» يقول إن التركيز الأميركي على القضايا الإنسانية وعلى وقف العنف، حتى وإنْ كان مؤقتاً فقط، لن يفعل سوى القليل مع المعارضة المنقسمة والضعيفة. *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©