الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العقل يداوي الأمراض إذا امتلأت الروح بالأمل

العقل يداوي الأمراض إذا امتلأت الروح بالأمل
15 أكتوبر 2011 22:35
عندما يدهم المرض جسم إنسان، فإن نفسيته تبدأ بالتحلل، فيفتح باب التأوهات على اتساعه وينهار الجسد تلقائياً، وتختلف قابلية كل شخص لهذا الوضع الجديد، فمنهم من يبحث عن العلاج الجسدي والجسمي والروحي أيضاً، ويغلف حياته بالأمل، بينما هناك من يستقبل هذا الوضع بتذمر وشكوى ما يزيد من تعبه ومرضه، وقد يطلب العلاج في أكثر من مكان، بينما تظل النتائج لا تتغير. (أبوظبي)- اكتشف علماء طرقاً جديدة لعلاج الذات، وذلك عن طريق الأمل، وعن طريق الصيدلية الذاتية، وبحب الحياة والتشبث بها، وذلك يصلح في علاج الأمراض النفسية الجسمية الذي له علاقة بالحالة النفسية وتأثيرها على الحالة الجسدية، ومن هؤلاء الباحثين، البروفيسور كريم سهر، استشاري الصحة النفسية والباراسيكولوجي رئيس المعهد الكندي للعلوم الصحية بتورنتو، وهو سيناتور ووزير مفوض في البرلمان العالمي للأمن والسلام نائب الرئيس والمسجل العام بجامعة وستن ريزيرف بفانكوفر، وعميد دراسات العلوم الصحية في الشرق الأوسط، كلية لندن للدراسات العليا بالمملكة المتحدة، حيث أصدر عدة كتب منها كتاب «هندسة المشاعر الإنسانية»، وكتاب «أجمل لحظات فشلي»، الذي يقدم هذه النظرية عن طريق العلاج الخادع. الشفاء الذاتي يقول سهر، إن الإنسان يستطيع أن يعالج نفسه بنفسه في بعض الحالات، ويمكن أن يعالج أيضاً عن طريق العلاج الخادع، ويعرف الشفاء الذاتي بأنه «الاستجابة للعلاج الخادع، وهو الشفاء بالإيحاء أو الشفاء بالبلاسيبو، ومنها نشأ الطب السيكوسوماتي أو طب وعلاج الأمراض النفسية الجسمية، الذي له علاقة بالحالة النفسية وتأثيرها على الحالة الجسدية». وكلمة «بلاسيبو» (placebo) أو العلاج المموّه، لاتينية الأصل وتعني السعادة أو السرور، واستخدم الأطباء «البلاسيبو» كتجربة حاكمة لضبط نتائج التجارب الطبية على الأدوية الجديدة لعدة عقود، ويرجع السبب الحقيقي لعدم اقتناع العلماء بهذا النوع من العلاج هو إغفالهم للنتائج التي يحققها العلاج بالبلاسيبو، ولكن تأثير العلاج بالأدوية الوهمية أصبح موضوع دراسات علمية جادة مؤخراً. ويرى سهر أن الإيحاء قد يكون أكثر فاعلية من العقاقير الطبية في كثير من الأحيان. ويضيف أن العلاج الخادع يعتبر «معجزة شفائية»، إذ يحرك الدواء الخادع الآليات السيكوسوماتية في الاستجابة للدواء الوهمي، حيث استطاع بعض الأطباء علاج بعض الحالات المرضية من خلال الإيحاء للمريض، مثل القيام بعملية جراحية وهمية مع الإيحاء والإيهام للمريض بتحسن صحته، والقيام بعملية جراحية وهمية حقيقية، أي يتم التخدير وإحداث بضعة ثقوب في الجسم دون عمل أي شيء جديد للجسم، وبالتالي فإن حالة التحسن التي تطرأ على المريض يكون مرجعها ردة فعله الإيحائي أو أثر إلى «بلاسيبو». ويقول سهر، إنه كان ينظر لأثر البلاسيبو على اعتبار أنه الحجة الأخيرة للأطباء غير المتمكنين، والذين لم يكن لديهم علاج حقيقي يقدمونه لمرضاهم، وأخيرا أصبح تأثير البلاسيبو موضوع دراسة علمية جراحية لأن العقل يمكنه شفاء الجسم إذا امتلأ بروح الأمل والتفاؤل. ويضيف «الأفكار المهدئة تبطئ من إنتاج هرمونات التوتر الضارة. والبلاسيبو هو أحد الأساليب التي تساعد على الشفاء، وإن كثيرا من الأطباء استطاعوا معالجة مرضاهم، من خلال الإيحاء الذي قد يكون أكثر فاعلية من العقاقير الطبية، وهناك عملية جراحية اسمها جراحة اللاشيء أو العدم، استخدمها الأطباء في علاج آلام المفاصل ويقومون بتخدير المرضى وإجراء فتحة كبيرة بالمشرط في الجسم دون أن يفعلوا أي شيء داخلها، وكانت المفاجأة من هذه الجراحة الوهمية امتثال المرضى للشفاء واختفت الآلام وأصبحوا يعيشون حياة طبيعية». أمراض عديدة العلاج الخادع يعالج عدد من الأمراض. في هذا السياق، يقول سهر «في مجال علم النفس اكتشف الأطباء أنهم يستطيعون تحقيق الشفاء لمرضى الاكتئاب النفسي باستخدام تكنيك البلاسيبو، كعلاج تساقط الشعر ونموه، وهو مفيد لمرضى السرطان مع العلاج التقليدي، وكذلك استخدام هذا التكنيك الوهمي في إجراء تجربة على الأطفال المصابين بمرض الربو، بحيث كان يقدم لهم دواء لتوسيع الشعب الهوائية مطحونا، و«شمة» من الفانيليا ثم بدأوا بعد ذلك في منع تقديم أدوية توسيع الشعب والاكتفاء بالفانيليا وللغرابة فإن رائحة الفانيليا وحدها كانت تعمل على زيادة كفاءة عمل الرئة لدى الأطفال المصابين، وفي مجال العلاقات الجنسية كان تأثير البلاسيبو عظيما بالنسبة للرجال والنساء على حد سواء، وكذلك في مجال القضاء على الآلام، حيث توجد هناك مادة يفرزها الاندورفين، وهي شبيهة بمادة المورفين التي يقدمونها لتخفيف الآلام، وهذه المادة يمكن إفرازها بالإيحاء والإيهام والإيماء. وكذلك في مجال علم النفس، اكتشف الأطباء أنهم يستطيعون تحقيق الشفاء لمرضى الاكتئاب النفسي باستخدام الأدوية الوهمية». ويشير سهر الى أن الأدوية الوهمية التي تعطى لمريض الاكتئاب تؤثر بالفعل في إحداث تغييرات في نشاط المخ لدى المريض‏،‏ رغم أن هذه الأدوية قد لا تخرج عن كونها قطعة من السكر مغلفة على شكل حبة دواء، إنه يكفي للمريض الإحساس بأنه يتناول دواءً فعالاً، حتى يثير ذلك لديه رد فعل إيجابيا».‏ وحول كيفية عمل الصيدلية الذاتية الداخلية للجسم، يوضح سهر «الجسم البشري يفرز تلقائيا مادة تسمى الشفاء الذاتي، لكنه أحيانا يكون بطيئا في إفراز هذه المادة وفي هذه الحالة يكون في حاجة إلى مساعدة خارجية لحث صيدلية الجسم على العمل بكفاءة أكثر، وكذلك الاستجابة للعلاج بالبلاسيبو، فهي تحتاج إلى مساعدة خارجية تتمثل في بعض العقاقير الإيحائية لتساعد على الشفاء، وجسم الإنسان تركيبة معقدة يعد أحد أهم ملامحها تكوينه للعلاج المناسب للخلل الوظيفي الذي قد يصيب أحد أجزائه، فهو يقوم بإفراز بعض العناصر الكيميائية أوتوماتيكيا لعلاج المرض بمقدار معين، وهو ما يعرف بالصيدلية الداخلية أي المصطلح الذي يلقي بعضا من الضوء على الاستجابة للعلاج بالبلاسيبو»، مؤكدا أن الصيدلية الداخلية هي ليست خاصية مكتسبة يكتسبها الجسم بالخبرة أو الممارسة ولا هي خاصية إضافية، بل هي إحدى القوى الجسمية المتأصلة للعلاج بمعنى أنها موجودة كجزء أساسي من أجزاء الجسم. رسائل الشفاء يوضح سهر أنه في العلاج التلقائي، يتجه الجسم لشفاء نفسه دون الاعتماد على أي رسائل داخلية أو خارجية موجهة للمخ لاستثارة هذا العلاج، لكن في العلاج بالبلاسيبو يعتمد الجسم بصورة أساسية على رسالة موجهة إليه بإيحاء معين ويتم توجيهها للمخ إما عن طريق المريض نفسه، وإما من الشخصية المعالجة له، هذه الرسالة تعمل على حث المخ ودعمه لرفع تأثير علاج موجود بالفعل في داخل الجسم أو بمعنى تحسين سير العملية العلاجية، إن جسم الإنسان يقوم بإنتاج مادة كيميائية مخدرة هي الأندروفين التي تعمل على التخدير وتسكين الآلام والتي يتم إنتاجها ضمن عناصر الصيدلية الداخلية للجسم، ويحدث الشفاء السريع عن طريق ربط العلاج الخارجي بنتائج عمل الصيدلة الداخلية، ويعتمد إلى حد كبير على مهارة وقوة المعالج مع قوة الاستجابة العلاجية للمريض، ويعتبر مصطلح الصيدلية الداخلية عاملا مهما يؤكد إسهام المريض الفعال في العملية العلاجية. ويقول سهر «الاستجابة للعلاج بالبلاسيبو لا تعطي النتائج نفسها دائما، فالعلاج الذي ينجح مع بعض المرضى ربما لا يفيد في حالات أخرى مشابهة، وهذا يظهر مدى أهمية ارتباط العقل بالجسم، وهو ما يتحقق بإشراك المريض في العملية العلاجية بجميع مراحلها على نحو يقوم به اختصاصيو العلاج النفسي المؤهلون الذين يوثقون علاقتهم بمرضاهم بينما يكتفي الأطباء الآخرون بمجرد إعطاء المريض الدواء من دون التحدث معه أو الاستماع إليه لأنه ينظر إليه باعتباره مجرد مستقبل للدواء، وبالتالي يصبح شفاؤه متوقعا مع إغفال تام للطبيعة النفسية للمريض وموقفه من الشفاء، ما أدى إلى قيام بعض الأطباء التقليديين بدراسة العديد من أنواع الطب البديل لعلاج مرضاهم». ويقول سهر، إن التسامح والرغبة في الشفاء هما من الأشياء التي تفتح الطريق للصيدلية الداخلية للجسم لتؤدي عملها بصورة فعالة، وبالتالي تتم الاستجابة لتؤدي عملها بفعالية إيجابية، ومن ثم الاستجابة للعلاج والشفاء التام. ويوضح أن التسامح والمغفرة، أداة قوية لمساعدة الصيدلية الداخلية على العمل بكفاءة عندما يكون هذا التسامح حقيقيا، فإحساس المريض بمسؤوليته عن مرضه أو عن عدم تحقيق الشفاء المرجو يتسبب في مضاعفة الآلام واشتداد وطأة المرض عليه، والتسامح مع الغير وذلك عن طريق تطهير النفس من المشاعر السلبية نحو الآخرين، فالمشاعر الإيجابية تتسبب في تهيئة الممرات لاستقبال العناصر الإيجابية وتحقيق الشفاء السريع، كما أنها تتسبب أيضا في دفع الصيدلية الداخلية لإنتاج الدواء المطلوب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©