الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يوم عرفة.. اجتماع حجاج بيت الله الحرام تلبية لدعوة الرحمن

يوم عرفة.. اجتماع حجاج بيت الله الحرام تلبية لدعوة الرحمن
10 أكتوبر 2013 21:14
يستعد ضيوف الرحمن للوقوف على جبل عرفات، يرددون نشيد الإيمان، ويلبون دعوة الرحمن، فتنطلق الأصوات من أعماق الجبل الأشم، وتلهج الألسنة بالذكر والدعاء والتلبية: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. وفي هذا اليوم الأغر، تتمثل الوحدة الإسلامية بأسمى صورها وأرفع معانيها، حيث يجتمع المسلمون على اختلاف لغاتهم وأوطانهم في رحاب عرفات، فتبارك الله الذي أَلَّف بين قلوب هؤلاء العباد، وجعلهم إخوة متحابين. ومن المعلوم أن يوم عرفة هو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، وهو من أيام المسلمين المشهورة التي يجتمع فيها حجاج بيت الله الحرام الذين جاؤوا من كل مكان، لباسهم واحد، وآلامهم وآمالهم واحدة، لا فرق فيهم بين الكبير والصغير، ولا الغني والفقير، ولا القوي والضعيف. فضل يوم عرفة يوم عرفة يوم معدود، ومحفل مشهود، فيا له من يوم عظيم، يا ليتنا نكون معهم فنفوز فوزاً عظيماً، وقد ورد فضله في مواضع كثيرة منها: في يوم عرفة أَتَمَّ الله نعمته على المسلمين، حيثُ أكمل سبحانه وتعالى لهم دينهم، وأتمَّ عليهم النعمة، ورضي لهم الإسلام ديناً، كما في قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا)، «سورة المائدة: الآية 3»، فقد ذكر ابن كثير في تفسيره عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قوله: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) وهو الإسلام، أخبر الله نبيه- صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين أنه قد أكمل لهم الإيمان، فلا يحتاجون إلى زيادة أبداً، وقد أتمّه الله فلا ينقصه أبداً، وقد رضيه الله فلا يسخطه أبداً، وقال أسباط عن السدي: نزلت هذه الآية يوم عرفة،... كما رُوِي عن طارق بن شهاب قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- فقال: يا أمير المؤمنين، إنكم تقرؤون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت، لاتخذنا ذلك اليوم عيداً، قال: وأي آية؟ قال: قوله: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي)، فقال عمر: «والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، والساعة التي نزلت فيها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: عشية عرفة في يوم جمعة»، (تفسير القرآن العظيم لابن كثير 2/19-20). فضل صيامه وجاء في فضل يوم عرفة، أنه خير يوم طلعت فيه الشمس، وأكثر الأيام خيراً وبركة، لما ورد في فضل صيامه أنه يكفر الذنوب العظام، وتلك نعمة من أجلّ نعم الله على عباده، لقوله - صلى الله عليه وسلم-: «صوم يوم عرفة يكفر السنة الماضية والباقية»، (أخرجه مسلم). ويوم عرفة يوم عظيم الفضل، يغفر الله فيه الذنوب ويضاعف فيه الحسنات، لقوله - صلى الله عليه وسلم-: «ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة، ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا، فيباهي بأهل الأرض أهل السماء، فيقول: «انظروا إلى عبادي جاءوني شُعثاً غبراً ضاحين، جاءوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يَروا عذابي، فلم يُرَ يوم أكثر عتقاً من النار من يوم عرفة»، (أخرجه ابن خزيمه). - وقوله أيضاً: «ما من يوم أكثر من أن يُعْتِقَ الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو، ثم يُبَاهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟»، (أخرجه مسلم). - وقوله أيضاً: «ما رُئيَ الشيطانُ يوماً، هو فيه أصغر، ولا أدحر، ولا أحقر، ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إِلا لِمََا رأى مِنْ تَنَزُّلِ الرحمة، وتجاوُز الله عن الذنوب العظام، إلا ما أُرِيَ يوم بدر»، قيل: وما رأى يوم بدر يا رسول الله ؟ قال: «أما إنه رأى جبريل يَزَعُ الملائكة»، (أخرجه مسلم). عيد التضحية والفداء لقد شرع الله سبحانه وتعالى للمسلمين في كل عام عيدين عظيمين، عيد الفطر ويأتي بعد أداء المسلمين لعبادة الصيام، وعيد الأضحى ويأتي بعد أداء المسلمين لفريضة الحج، فأعيادنا والحمد لله تأتي بعد أدائنا للعبادات والطاعات، كما جاء في الحديث عن أنس بن مالك- رضي الله عنه - قال: (قدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذا اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «إن الله قد أبدلكما خيراً منهما، يوم الأضحى ويوم الفطر»، (أخرجه أبوداود). وعند دراستنا للسيرة النبوية نلاحظ أن رسولنا- صلى الله عليه وسلم- كان يؤخر صلاة عيد الفطر ويعجل صلاة عيد الأضحى، كما كان يخرج في الأضحى قبل أن يأكل شيئاً، بخلاف عيد الفطر فإنه كان يأكل تمرات، كما كان- صلى الله عليه وسلم - يلبس أفضل ملابسه في العيدين ويتطيب ويمشي بسكينة ووقار، وإذا خرج من طريق عاد من طريق آخر. ومن فضائل العيد ما شرعه الإسلام من ذبيحة الأضحية يوم عيد الأضحى، حيث نرى المسلمين في هذه الأيام يستعدون لشراء الأضاحي اقتداء بسنة أبينا إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- وللنداء النبوي «ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم، إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطيبوا بها نفساً»، (أخرجه ابن ماجة والترمذي). كما ويستحب للمضحي ألا يأخذ من شعره شيئا، لقوله - عليه الصلاة والسلام-: (إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره - وفي رواية «ولا من بشرته» - شيئاً حتى يضحي»، (أخرجه مسلم)، والحكمة من ذلك أن تَعُمَّ المغفرة جميع الجسد. الأضحية والأضحية تصح من (الإبل والبقر والغنم)، ومن الغنم الضأن ما أتمَّ ستة أشهر بحيث إذا وضع بين الحوليات لا يميز عنها، ومن الماعز ما أتم سنة ودخل في الثانية وتكفي عن رب أسرة، ومن الإبل ما أتمَّ خمس سنوات ودخل في السادسة، ومن البقر ما أتم سنتين ودخل في الثالثة وتكفي عن سبعة. والأضحية واجبة عند الأحناف على مالك نصاب الزكاة، وعند الأئمة الثلاث سنة مؤكدة، وقد أجمع المسلمون على مشروعيتها، «وقد ضحى النبي- صلى الله عليه وسلم- بكبشين أقرنين أملحين»، (أخرجه الشيخان). ‎الدكتور يوسف جمعة سلامة ‎خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©