الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأنهار الجليدية «وحوش» تحتضر تحت وطأة تغير المناخ

الأنهار الجليدية «وحوش» تحتضر تحت وطأة تغير المناخ
10 أكتوبر 2013 21:10
الأنهار الجليدية وحوش برية. ففي أيام ما قبل الثورة الصناعية، كانت رهبتنا من هذه الأنهار الجليدية تضاهي خوفنا من الذئاب، مع تفاوُت قدرة الاثنين على الافتراس، فالذئاب قد تأكل بشراً، بينما يمكن لنهر جليدي أن يلتهم قُرى بأكملها. وفي أواخر القرن التاسع عشر، صارت الأنهار الجليدية مناطق جذب سياحي. ففي سويسرا، كان يمكنك أن تخوض مغامرة الدخول إلى بطن نهر رون الجليدي بجبال الألب عبر نفق يُحفَر صيفَ كل سنة بجوار «فندق بيلفيدير» يجعلك تشعر عند عبوره وكأنك في بطن حوت. وما زالت الأنهار الجليدية وحوشاً برية يصعب التنبؤ بها. وللأنهار الجليدية أنفاس لا تنقطع. فالثلج يتراكم على أعلى مرتفعاتها ليصبح جليداً، ويذوب شيئاً فشيئاً وصولاً إلى منتهى أطرافها. يقول عالم الأنهار الجليدية بجامعة فريبورغ في سويسرا، ماتياس هاس «تتوزع أنفاس النهر الجليدي على شكل شهيق في الشتاء وزفير في الصيف». في شهر أغسطس، يأتي رُبع الماء المتدفق إلى نهر الرون من الأنهار الجليدية الذائبة. ولها حركات لا تتوقف. فعندما تتراكم فوقها كميات كافية من الجليد ويضغط ثقلها عليها، يُصبح ممكناً لهذا الجليد نفسه أن يتدفق. يقول دان فاجري، وهو يشير إلى رقعة بيضاء ذابلة بالمتنزه الوطني للأنهار الجليدية بولاية مونتانا، «إذا لم يتحرك الجليد فهذا يعني أنه عبارة عن جليد هامد وراكد، أي أنه ليس نهراً جليديا». وقد عمل فاغري عالماً بيئياً متخصصاً في التغير المناخي لمدة عشرين سنة. ويوجد في هذا المتنزه حالياً 25 نهراً جليدياً نشطاً، في حين أن العدد كان يصل قبل نحو قرن إلى 150 نهرا جليدياً. وقد اختفى الكثير منها قبل أن تنال نصيبها من التوثيق في أي خريطة. لكننا نعرفها من خلال ما تُخلفه وراءها من رُكامات جليدية، هي عبارة عن أكوام الأنقاض التي صاحبت انجراف النهر وانزلاقه إلى الأسفل، عندما كانت لا تزال تنبُض بالحياة. وقد كان لها سُلطان وصولجان.. لكنه الآن في خبر كان. فقبل نحو 20 ألف سنة، كانت سويسرا بحراً يغطيه الجليد بالكامل، ولم يكن يعلوه غير مرتفعات جبال الألب التي كانت تبدو مثل جزُر أتت عليها ريح قوية، فأحالتها إلى قطع متناثرة. وفي القرن التاسع عشر، ذابت بقايا هذا العصر الجليدي قليلاً، وذلك مع نهاية ما يُصطلح عليه اليوم بالعصر الجليدي الصغير. حتى أن أحد الجبال الجليدية انخفضت قمته بنحو نصف كيلومتر عما كانت عليه سنة 1894. ولو كانت الطبيعة لا تزال تُمسك بزمام الأمور، فإن أوان عصر جليدي آخر كان سيحين مستقبلاً خلال ألف أو ألفي سنة. ولكن إذا عمدنا إلى حرق كل ما يوجد تحت الأرض من مخزونات الفحم والنفط والغاز، فإننا سنكون بذلك قد أَذَبْنَا كل قطعة جليد متبقية على الأرض. صراع للبقاء تخوض الأنهار الجليدية صراعاً من أجل البقاء. فمع ارتفاع حرارة العالم، تبحث هذه الأنهار بنفسها عن تحقيق توازن، بحيث يتساوى ارتفاعها والكتلة التي ينضاف فوقها الثلج مع الجليد نفسه المنصهر تحتها. يقول العالم ماتياس هاس «إنها تُناضل بقوة لتجعل نفسها قابلة للتكيف، لكن الأمر لا يكون بتلك السهولة». فالطقس له صبغة محلية بطبعه، والكفاح له طابع فردي، ما يُفسِّر استمرار بعض الأنهار الجليدية على الأرض في التقدم، لكن عددها يبقى ضئيلاً، وتقدمها في سلسلة جبال الألب منعدم. فنصف الجليد هناك قد ذاب في القرن الماضي، وهو ما يكفي لملء بحيرات سويسرا جميعها. ويتوقع هاس أن قرابة تسعين بالمئة من الجليد المتبقي سيكون مآله الذوبان بحلول سنة 2100. نهر كولومبيا الجليدي في ألاسكا عندما التقط بييلوغ أول صورة لنهر كولومبيا الجليدي مكسواً بالشظايا، كان طرفه الأمامي قد انحسر بنحو 18 كيلو متراً منذ سنة 1980. ودفع هذا التغير المتسارع الوتيرة، بييلوغ إلى إطلاق مسح جليدي شامل عبر تركيب كاميرات لمعاينة حركة 18 نهراً جليدياً ومعرفة مدى تأثرها بالتغير المناخي (تصوير جيمس بييلوغ) مضيق الأمير وليام يكشف هذا المضيق مدى انحسار نهر كولومبيا الجليدي بوتيرة متسارعة، حيث فقد أكثر من 3 كيلومترات إضافية من الجليد في غضون ست سنوات. ومنذ 1980 تقلص هذا النهر الجليدي عمودياً، وذاب منه ما يعادل ارتفاع مبنى إمباير ستيت، في نيويورك
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©