الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

نهيان بن مبارك: دول التعاون نموذج في دعم الأشقاء

نهيان بن مبارك: دول التعاون نموذج في دعم الأشقاء
7 أكتوبر 2015 07:41
محمد الأمين و(وام) أكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع أهمية دور دول مجلس التعاون الخليجي في مساعدة دول التغيير العربية في عملية بناء الدولة، باعتبار أن هناك مصالح مشتركة لها معها في مجالات الأمن القومي، ومجالات السياسات الخارجية، والعلاقات مع دول العالم، والحاجة الواضحة إلى تشكيل تحالف استراتيجي عربي شامل، يكون نموذجاً جيداً للعمل الإقليميّ الهادف، والناجح، والمتطوّر. وشدَّد معاليه على أن دور دول مجلس التعاون الخليجي دور مهم للغاية، لأن هذه الدول، ومنها دولة الإمارات العربية المتحدة، تمثل نموذجاً طيباً للدول الناجحة، دول تحظى بنظم سياسية واقتصادية ومجتمعية مستقرة، دول تحافظ على الهوية الوطنية والقومية، دول تسعى مجتمعة إلى تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة كلّها، إنها دول تقوم بدور محوري في تحقيق التنمية الناجحة في المنطقة، وتقديم الدعم والمساندة إلى أشقائها وأصدقائها في كل مكان. جاء ذلك خلال افتتاح أعمال مؤتمر «بناء الدولة.. تحدّي ما بعد انتهاء الصراعات الداخليّة في دول التغيير العربية»، أمس الذي ينظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجيّة، بالتعاون مع «كلية السياسات والشؤون الدولية» (‏SPIA) ?في ?جامعة «?مين» ?الأميركية، ?وتستمر ?أعمال المؤتمر ?اليوم الأربعاء، ?وذلك ?بمشاركة ?عدد من ?المسؤولين ?والدبلوماسيين ?المعتمدين ?لدى ?الدولة، ? ونخبة ?من ?الباحثين ?والأكاديميين ?العرب ?والأجانب، ?وبحضور ?لفيف ?من ?الكتاب ?والصحفيين ?ورجال ?الإعلام، ?وعدد ?من ?المثقفين ?والمهتمّين. وأبدى معاليه بعض الملاحظات حول موضوع المؤتمر، أولاها ضرورة التعرف إلى العوامل المختلفة، التي أدَّت إلى الوضع الراهن في دول التغيير العربية، وهي عوامل داخلية تتمثل في ضعف مؤسسات المجتمع، ووجود صراعات داخلية وطائفية، وصعوبة الأوضاع المعيشية، وحدوث انفصام بين الشعب وقادته، وهذا بالإضافة إلى زيادة أعداد الشباب، وتنامي آمالهم وطموحاتهم، في التعليم، والتوظيف، والحياة الكريمة، وعدم القدرة الكاملة للنظم الاقتصادية والمجتمعية في تلك الدول على توفير الفرص الاقتصادية الملائمة والمتكافئة لهؤلاء الشباب، بل وما يتسم به النظام، في غالب الأحيان، من عدم الكفاءة، وعدم الشفافية، والممارسات الخطأ، التي تحول دون تحقيق العدالة الاجتماعية للجميع، بالإضافة إلى حدوث تفكيك طائفي في المجتمع، وتزايد نفوذ جماعات وطوائف، أصبحت منافسة قوية لنفوذ الدولة نفسها، وبعضها، كما نلاحظ، قد يرتبط بتحالفات إقليمية أو دولية غير سليمة، فضلاً عن وجود دور مهم للقوى الخارجية في إحداث التغييرات التي نشهدها في المنطقة، وإدارتها. قيادة حكيمة وأشار معاليه إلى أن إعادة بناء الدولة، في هذه الظروف، وفي ضوء التجارب في مناطق أخرى من العالم، أمر شاقّ يتطلب قيادةً حكيمة، ورؤيةً واضحة لمستقبل الدولة، وعزماً قوياً للشعب والقيادة، بل مثابرةً أكيدة، ونظرةً طويلة الأمد، لافتاً معاليه إلى أن ما يؤكد ذلك ما تشهده هذه الدول من تحديات هائلة، ومنها: الانفلات الأمني، والحاجة الماسَّة إلى توفير الأمن والأمان للسكان، سواء في ذلك الأمن الداخلي، أو الأمن الخارجي، وحماية حدود الدولة. ومن التحديات أيضاً تلك الطامة الكبرى، التي تتمثل في المنظمات الإرهابية، إلى جانب التحديات الاقتصادية والسياسية. ولفت معاليه إلى ضرورة تحديد القضايا والمشكلات التي تواجه دول التغيير العربية، وتحديد المفاهيم والشعارات التي يتمُّ تداولها كأساسٍ لبناء الدولة الجديدة، وفي مقدمتها تحديد مفهوم النظام السياسي والمجتمعي، وتعريفه، في ظل ظروف كل دولة وتطلعاتها، وذلك لأن الهدف هو الوصول إلى الحكم الصالح والرشيد، الذي يحقق نهضة الدولة، مشيراً معاليه إلى أن الإسلام كان دائماً، وسوف يظلّ، هو المحرك الأساسي في تطور المجتمع، لأنه يرتبط بمنظومة القيم والمبادئ، التي تحقق العدل، والحرية، والحياة الكريمة للفرد، والتقدم والرخاء للمجتمع. وختم معالي الشيخ نهيان بن مبارك كلمته بالتأكيد على أهمية دور الثقافة في بناء دول التغيير العربيّ، وذلك جنباً إلى جنب جهود التنمية السياسية والاقتصادية، فالثقافة يجب أن تكون دائماً في موقع القلب من عملية إعادة بناء دول التغيير العربيّ، وأن تكون المؤسسات الثقافية الناجحة جزءاً جوهرياً في عملية بناء مؤسسات الدولة كلِّها. بناء السلام وكان المؤتمر قد استهل أعماله بكلمة ترحيبية للدكتور جمال سند السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أعرب فيها سعادته وسروره البالغ بعقد هذا المؤتمر، ورحّب بالحضور والمشاركين، وأكد أهمية المؤتمر والقضية التي يتناولها بالنقاش والتحليل. وقال: «يطيب لي بدايةً أن أنقل إليكم تحيات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، رئيس مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجيّة»،حفظه الله، وتمنياته الطيّبة لكم ولأعمال المؤتمر بالتوفيق والنجاح. وأود أن أعرب عن اعتزاز مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجيّة، بتنظيم فعاليات هذا المؤتمر الحيوي المهمّ واستضافته بالتعاون مع«جامعة مين» الأمريكية العريقة. وأضاف:«شهدت منطقة الشرق الأوسط، منذ نهاية عام 2010، تحولات كبيرة في البنى السياسية والأمنية والاقتصادية والمجتمعية والثقافية لدول التغيير العربية، كما شهدت تلك الدول، بدايةً من ذلك العام، صراعات داخليةً وحروباً نجم عنها تدفّق الملايين من اللاجئين والنازحين داخلياً وخارجياً. ونحن نتابع كلّ يوم الأخبار عن تدفّق أعداد منهم إلى دول العالم كلّها تقريباً، عبر المنافذ البحرية والبرّية المتاحة أمامهم، حاملين معهم الأمل في حياة آمنة ومستقرّة لهم ولأولادهم، وهذا ما يجعلنا نشعر بأهميّة موضوع مؤتمرنا هذا عن كيفية بناء الدولة بعد انتهاء الصراعات، وحيويّته». وقال الدكتور السويدي: «إن مفهوم «بناء الدولة» بعد انتهاء الصراعات يعني بناء السلام الدائم، وإرساء الأسس اللازمة لذلك، من خلال اتخاذ إجراءات متكاملة ومنسّقة تهدف إلى معالجة الأسباب الكامنة وراء العنف، سواء كانت تلك الأسباب سياسيةً، أو قانونيةً، أو مؤسسيةً، أو عسكريةً، أو إنسانيةً، أو تتصل بحقوق الإنسان، أوغيرها من الأسباب البيئية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والديموجرافية. وأشار إلى أنه يمكن أن ينظر إلى بناء السلام بعد انتهاء الصراع على أنه استراتيجية طويلة الأجل لمنع نشوب الصراعات واندلاعها. ولأن أسباب الصراعات تتباين، فإنه يجب وضع إجراءات وسياسات تتناسب مع طبيعة دول المنطقة، وما شهدته من تغيّرات كبيرة، لتحقيق الاستقرار في المنطقة، وعدم السماح بعودتها إلى خضمّ الصراعات والاضطرابات مجدداً، فكما تؤكد تقارير منظمة الأمم المتحدة في هذا المجال، ليس هناك نموذج موحّد لبناء السلام في الدول بعد انتهاء الصراعات، حيث تتميّز كل منطقة بوجود خصائص معينة تختلف عن غيرها. بناء الدولة وأوضح الدكتور السويدي بأن بناء الدولة يخضع بعد انتهاء الصراعات الداخلية لمجموعة من الخطوط الاسترشاديّة والمعايير تتمثل في تعزيز الاستقرار الاجتماعيّ بالعمل على عودة اللاجئين والنازحين والمهجّرين إلى ديارهم والعمل على استعادة قدرة مؤسسات الدولة على حفظ النظام العامّ وإرساء الأمن، بالإضافة إلى تعزيز حكم القانون، واحترام حقوق الإنسان ودعم عودة المؤسسات السياسية الشرعية في الدولة وإرساء الأسس اللازمة لإطلاق عملية التنمية، مثل تشجيع النمو الاقتصاديّ، وإعادة إيجاد الأسواق، والتنمية المستدامة. قال: «ونحن نبحث هذا الموضوع المهمّ ينبغي ألا ننسى الاستفادة من الدروس والتجارب الإنسانية السابقة، للبناء عليها، والاستفادة منها، فعلى سبيل المثال، مرّ القسم الشرقي من القارة الأوروبية بتجربة في التغيير في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، استدعت التعامل مع سلسلة من المفاهيم المرتبطة بتحقيق السلم الدوليّ نظرياً وعملياً مثل: فرض السلام، وحفظه، وإنهاء الصراعات، والدبلوماسية الوقائية، وإعادة تأهيل المجتمعات، وغيرها من المفاهيم، ولقد أثبتت تلك التجارب والخبرات السابقة أهمية تعاون الأطراف المحلية والإقليمية والدولية كافةً، من أجل إنجاح خطط بناء الدول في أعقاب الصراعات الداخلية، وهو ما نتطلّع إلى حدوثه في حالة دول التغيير العربية». المساعدات الإماراتية و ختم الدكتور السويدي كلمته بالقول: «لقد أسهمت دولة الإمارات العربية المتحدة، مع باقي الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في تقديم العون بأشكاله المختلفة، الماليّة والعينيّة والطبيّة وغيرها، إلى اللاجئين والنازحين في دول التغيير العربي، سواء في بلدانهم أو خارجها، إيماناً منها بدورها في تخفيف تلك المعاناة الإنسانيّة عنهم، وحرصاً على أن تكون جزءاً من الحلّ، وليس من المشكلة، إننا نتطلّع إلى الاستماع إلى آرائكم ومساهماتكم ومناقشات الخبراء والأساتذة المشاركين في المؤتمر، للخروج بأفضل النتائج والتوصيات في هذا الموضوع المهم. نموذج مهم ورأى معالي محمد حسين الشعالي، وزير الدولة للشؤون الخارجية السابق أن تجربة اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة تقدِّم نموذجاً مهماً يمكن لدول التغيير العربية الاستفادة منه في تجاوز المرحلة الانتقالية التي تمر بها. وأشار إلى أن المشهد العربي الراهن يواجه العديد من التحديات على المستويات المختلفة. وهذا ما تجسده دول التغيير العربية التي انعكست أوضاعها على دول عربية أخرى، حتى أضحت الأوضاع السياسية في المنطقة شديدة التوتر، وتفتح الباب على كل الاحتمالات. وقال معاليه:« ثورات الربيع العربي جاءت على حين غفلة، ككل شيء في عالمنا العربي، وهذه الثورات، سواء سماها بعضهم ثورات الربيع العربي، أو ثورات الخريف العربي، لم تأتِ من فراغ، وبالتأكيد لن تنتهي إلى فراغ كما يظن بعضهم، وأضاف أن هذه الثورات ولدت من رحم المعاناة التي استمرت منذ 50 عاماً يكابد فيها المواطن في هذه الدول شتى أنواع الصعوبات»، متوقعاً ألا تنتهي تلك الثورات إلى الفراغ أيضاً. الجلسة الأولى بدأت أعمال الجلسة الأولى التي عُقدت بعنوان «العالم العربي في مرحلة انتقال»، وتولى رئاستها الدكتور طارق أحمد الهيدان، مساعد وزير الخارجية لشؤون المنظمات الدولية، في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث عرض الدكتور أغسطس ريتشارد نورتون، أستاذ العلاقات الدولية والأنثروبولوجيا في جامعة«بوسطن»الأميركية، في ورقته البحثية طبيعة الصراعات الداخلية الجارية في المنطقة العربية، وتداعياتها المحتملة على الصُّعُد كافة. واستهلَّ الدكتور بهجت قرني، أستاذ العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي في الجامعة الأميركية بالقاهرة، عرض ورقته البحثية التي أعدَّها بعنوان«الاقتصاد السياسي وبناء الدولة الوطنية العربية»بالتمييز بين مفهومي بناء الأمة وبناء الدولة. وركزت الدكتورة مريم سلطان لوتاه، أستاذ العلوم السياسية المشارك في جامعة الإمارات، في ورقتها البحثية بعنوان«إعادة تشكيل العلاقات الدولية في المنطقة وصعود مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، على تحليل تداعيات الأحداث التي شهدتها، ولا زالت تشهدها، بعض دول المنطقة العربية منذ نوفمبر 2010، وعلى الدور الذي قامت به دول الخليج العربية تجاه هذه الأحداث، وذلك من خلال أربعة محاور أساسية، تناول المحور الأول منها الحراك الشعبي العربي، وخريطة التحالفات في المنطقة، فيما سلَّط المحور الثاني الضوء على القوى الإقليمية، وموقفها من الحراك الشعبي العربي، وناقش المحور الثالث السياسات الدولية تجاه المنطقة في ظل الحراك الشعبي العربي، وأبرز المحور الرابع والأخير دور دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تجاه تلك الأحداث، ذلك الدور الذي مثّل صعوداً خليجياً عربياً يمكن أن يسهم في تشكيل العلاقات الإقليمية والدولية تجاه المنطقة، بحيث تكون إرادة دول الخليج شريكاً أساسياً في صناعة المستقبل السياسي للمنطقة. الجلسة الثانية عُقِدت الجلسة الثانية بعنوان«بناء الدولة الوطنية في العالم العربي: دور المواطنة والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون»، وتولى رئاستها محمد الحمادي، رئيس تحرير جريدة الاتحاد، واستهلها الدكتور عبدالحميد الأنصاري، أستاذ السياسة الشرعية، العميد السابق لكلية الشريعة في جامعة قطر، بعرض ورقته البحثية التي أعدَّها بعنوان«إعادة كتابة العقد الاجتماعي في المنطقة العربية»، وأكد فيها أن المنطقة بحاجة ضرورية إلى كتابة عقد اجتماعي جديد بين المواطنين والحكام. وأشار الأنصاري إلى أن الحديث عن إعادة كتابة العقد الاجتماعي في المنطقة يتطلب قراءة تحليلية للتغييرات الناتجة ممَّا سميت«ثورات الربيع العربي»التي عصفت بأوضاع المنطقة، وأصابتها بتصدُّعات جسيمة، وكان من تداعياتها الخطرة على مستقبل الدولة الوطنية إفساح المجال لميليشيات متطرِّفة وتنظيمات عقائدية قوَّضت الأسس المدنية التي قامت عليها هذه الدول، وفكَّكت أركانها، وغيرت هويتها، وهدمت مؤسساتها، ما أدى إلى سقوط العقد الاجتماعي الذي كان قائماً بين الحاكم والمحكوم. المواطنة والهوية: ثم قدم الدكتور عبدالله السيد ولد أباه، أستاذ الفلسفة والدراسات في جامعة نواكشوط، ورقته البحثية التي جاءت بعنوان«المواطنة والهوية الوطنية والدولة الوطنية الحديثة»، موضِّحاً أن ورقته تهدف إلى رصد الإشكاليات التي تطرحها الأحداث الداخلية والإقليمية الأخيرة على الدولة الوطنية، في بعدين أساسيين هما بعد الهوية الوطنية وبعد المواطنة، مشيراً إلى أن البعد الأول يحيل إلى عناصر الوعي والذاتية الثقافية والقيمية، أمَّا البعد الثاني فيحيل إلى مقوِّمات العمل السياسي الجماعي المنظَّم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©