الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

غدا في وجهات نظر: الاتفاق النووي الإيراني..التعالي الإمبراطوري وصراع «الدولة» و«الثورة»

غدا في وجهات نظر: الاتفاق النووي الإيراني..التعالي الإمبراطوري وصراع «الدولة» و«الثورة»
6 أكتوبر 2015 22:58

الاتفاق النووي الإيراني.. التعالي الإمبراطوري وصراع «الدولة» و«الثورة»
يقول د. بهجت قرني: قد تبدو منطقة الشرق الأوسط للكثيرين في الوقت الحاضر مشتتة، وحتى في حالة فوضى عارمة، فالأحداث تسير بوتيرة متسارعة، ولكن أيضاً في اتجاهات مختلفة، حتى أن بعضنا يصف هذه المنطقة حالياً بأنها تجسيد لتاريخ يسرع الخطى كأن المستقبل معنا بالفعل.
إذا استثنينا الانتفاضات العربية مع بداية العقد الثاني لهذا القرن، وما تمخض عنها من آثار، فإن الاتفاق النووي مع إيران يشكل حالياً أحد أهم أحداث هذا العقد الثاني للقرن الحادي والعشرين، ومثله مثل الانتفاضات العربية ستمتد آثاره - سلباً وإيجاباً - في العقد القادم، فالاتفاق النووي لا يتعلق فقط بما يسمى أسلحة الدمار الشامل، ولكن أيضاً بوضعية دولة مهمة ليست فقط في منطقة الخليج، ولكن في منطقة الشرق الأوسط ككل.
وللتذكرة كانت الثورة الإسلامية الإيرانية نفسها حدثاً مهماً في أواخر القرن الماضي. فقد تزامنت مع حدث مهم آخر وهو اتفاقية «كامب ديفيد»، ثم معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية في مارس سنة 1979، في حالة التفتت والتشرذم الشديدين التي عاشتها المنطقة العربية بسبب السلام المصري المنفرد وإشعال السادات لحرب باردة عربية شديدة الوطيس، بدت الثورة الإيرانية كرمز للتخلص من إمبراطورية فارسية تاريخية، كما أنها أكدت هوية وتوجهاً مختلفين عن حكم الشاه، وحاولت أيضاً في بداياتها التحالف مع معظم القوى السياسية المعارضة للشاه وحكم «السافاك» وخاصة القوى «اليسارية»، ولكن هذا التوجه التوافقي والتجميعي لم يستمر طويلاً، لينتصر في النهاية توجه الحرس الثوري، وأهمية «تصدير الثورة»، وكما سنرى لاحقاً، فإن هذا التمزق داخل نظام الحكم الإيراني بين «الثورة» و«الدولة» سيكون أحد العوامل المهمة التي ستحدد مصير الاتفاق النووي، وكذلك سياسة طهران الخارجية ودورها إقليمياً وعالمياً.

الأسد.. ومصير سوريا
يقول د.وحيدعبد المجيد : الحل السياسي لأية أزمة ممتدة تُراق فيها دماء غزيرة ليس سهلاً. لذلك ستظل الأزمة السورية مستعصية إلى أن يتوفر استعداد لحل سياسي لدى معظم أطرافها، ويحدث قدر معقول من التوافق الإقليمي الدولي.
غير أن أهم ما يزيد هذه الأزمة استعصاءً في الوقت الراهن هو البحث عن موقع لبشار الأسد في مرحلة انتقالية غامضة، ويزيدها حضوره فيها إيهاماً وتعقيداً. هذا فضلاً عن عدم وجود ضمان لأن يكون استمراره مقصوراً على مرحلة انتقالية يصعب تحديد نقطة محددة تنتهي عندها. ولعل أكثر ما يجعل هذا الأمر عقبة أمام أي حل في الأمد القصير هو أن الطريقة التى يُطرح عبرها تُبعد الحوار حول هذا الحل عن الاتجاه الذي يُفترض أن يمضي فيه، وتدفعه في طريق مسدود.
لذلك ينبغي أن يدور النقاش حول دور الأسد على أرضية واقعية، ويركز على مسائل عملية في المقام الأول، أكثر مما يتناول قضايا تتعلق بالمبادئ والأخلاق. فالمعطيات المتوفرة تؤكد أن الأسد لا يمكن أن يكون جزءاً من الحل لأسباب عملية، وليس لما اقترفه من جرائم بحق وطنه وشعبه فقط.
وفي مقدمة هذه الأسباب عدم وجود ما يدل على أنه مستعد لقبول حل وسط على قاعدة «لا غالب ولا مغلوب»، رغم أنه صار مغلوباً وبات في أسوأ وضع منذ بداية الأزمة، بعد أن فقد معظم قواته وأصبح معتمداً على دعم عسكري ومالي من إيران وروسيا. كما أن الميليشيات القادمة من العراق ولبنان وأفغانستان صارت تُشكل الركائز الأساسية للقوات التي تدافع عنه.
وتفيد هذه المعطيات أيضاً أن ما يمكن أن يقبله الأسد هو نقيض المعنى المقصود في أي حل وسط. فهو لا يقبل تسوية تقوم على تنازلات متبادلة، ولا يرضى إلا بإعلان «انتصاره» ضمنياً عبر توجه القوى الدولية والإقليمية إليه لـ«يقودها» في حرب على «داعش».
وهذا هو ما يُستفاد من الاتجاه العام في خطابه السياسي، وما يمكن استخلاصه من تاريخه، ومن تركيبة هذا النوع من نظم الحكم التي تخوض صراعات صفرية. لذلك فالأرجح أنه سيصر على القتال حتى النهاية مادام يجد من يقدم له الدعم العسكري والاقتصادي، وطالما أن الأمم المتحدة تتعامل مع الأزمة من خلال مبعوث دولي ذي خيال واسع ينسج خططاً مفارقة للواقع، مثل تلك التي تنص على استمرار الأسد رئيساً بصلاحيات بروتوكولية في مرحلة انتقالية تُجرى خلالها انتخابات حرة.
وينطوي هذا البند وحده في خطة دي ميستورا الأخيرة على وهمين، هما إمكان أن يتنازل الأسد عن صلاحية بروتوكولية واحدة، لا أن يصبح رئيساً بلا صلاحيات فعلية، وإمكان إجراء انتخابات حرة في وجوده.
وليس صعباً على أي دبلوماسي محنك أو باحث مدقق إدراك أن الأسد يفضل تقسيم سوريا ليبقى «حاكماً بأمره» في دويلة صغيرة إذا لم يستطع داعموه الإقليميون والدوليون من فرض «حل» على مقاسه.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©