الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«أفلام من الإمارات» تفتتح عروض اليوم الثاني من مهرجان مالمو

«أفلام من الإمارات» تفتتح عروض اليوم الثاني من مهرجان مالمو
2 أكتوبر 2012
إبراهيم الملا ( السويد) - تواصلت مساء أمس الأول عروض الدورة الثانية من مهرجان الأفلام العربية التي تحتضنها صالة «سبيغلن» السينمائية بمدينة مالمو، التابعة لمقاطعة إسكونيا بمملكة السويد، وتميز برنامج العروض بتقديم مجموعة كبيرة من الأفلام الإماراتية التي خصص لها المهرجان، وبالتعاون مع مهرجان الخليج السينمائي بدبي، مساحة مهمة، نظراً لوفرة المنتج السينمائي الإماراتي، وتحديداً في فئة الأفلام الروائية القصيرة التي غالبا ما تنجو من عقبات التمويل الضخم والإنتاج المرهق التي يتطلبها الفيلم الطويل أو تلك المتعلقة بالبحث المضني والتقصي المعلوماتي الدقيق التي يتطلبها الفيلم الوثائقي. ودفعت وفرة الأفلام الإماراتية القصيرة بإدارة مهرجان مالمو إلى تخصيص برنامجين منفصلين لها خارج المسابقات الرسمية، البرنامج الأول حمل عنوان: «كرز كياروستمي»، واحتوى على خمسة عشر فيلماً قصيراً هي نتاج دورة الإخراج المكثفة التي شارك بها تسعة وثلاثون مخرجاً إماراتياً ومقيماً، ونظمها مهرجان الخليج السينمائي بدبي العام الماضي، بإشراف المخرج الإيراني والعالمي المعروف عباس كياروستمي. أما البرنامج الثاني في مهرجان مالمو فحمل عنوان «أفلام من الإمارات»، وتضمن عرض سبعة أفلام، تعكس تنوع المواضيع والرؤى والأساليب الفنية لمجموعة من المخرجين الواعدين الذين قدموا خلال السنوات الماضية تجارب مميزة وناضجة، ضمن الخط التصاعدي لمسيرة الفيلم الإماراتي في حقل الأعمال القصيرة. وتمحورت الأفلام المقدمة في برنامج «كرز كياروستمي» على ثيمة «العزلة»، والإتكاء عليها كعتبة أولى أو فكرة أساسية، تقوم وتنبني عليها العناصر السردية والتقنية في الفيلم، على الرغم من اختلاف مواقع التصوير وتعدد الخيارات والتأويلات التي يراها المخرج حول قيمة ومعنى وأثر «العزلة» في التوليفة البصرية المقدمة للمشاهد. ففي فيلم ضمن البرنامج حمل عنوان: «تحت السماء»، للمخرج محمد راشد بوعلي، تتبلور فكرة العزلة من خلال شخصية رجل مسن ووحيد، لا يكسر حدة الفراغ الموحش المحيط به سوى طائر الكناري، المحاصر هو أيضاً في قفصه الحديدي، وجاء إدراج هذه العلاقة التبادلية بين الطائر السجين والإنسان المعزول، لتأكيد أثر الأزمة الداخلية المبثوثة في الفيلم على المشاهد، وتنمية العلاقة العاطفية مع الشخصية الرئيسية في الفيلم، والتي يختصرها المخرج في دقائق مكثفة، تعبر في الوقت ذاته عن رحلة طويلة من المعاناة والمكابدة المسيطرة على الرجل المسن، ويختتم الفيلم على مشهد الرجل، وهو يسقط أرضاً من دون أن يجد من يسانده، ثم تنتقل الكاميرا بخفة ورشاقة نحو طائر الكناري، وبعدها على السماء المفتوحة، ويقفل المشهد على لقطة علوية تصور الرجل المسجى على الأرض، والذي فارق الحياة بصمت قاحل، وفي فضاء مجرّد وأجرد ومقطوع من أي وصل أو انتباه من العالم الخارجي الضاج والمزدحم بمشاغله وقسوته الفائضة. وفي فيلم «ستوديو» ينجح المخرج أمجد أبو العلاء في تصوير الملامح الضارية للعزلة، من خلال قصة رجل خمسيني يذهب إلى الأستوديو، ولكنه يرفض أن يكون وحيداً في كادر الصورة، فيشير على صاحب الأستوديو أن يجلس بجانبه، وعندما يرفض هذا الأخير، يقترح عليه الرجل أن يقوم بقص الصور التي يحتفظ بها صاحب الأستوديو لأطفال ونساء من أعمار مختلفة، ولصقها بجانب صورته، وتتوضح الأزمة النفسية العميقة للرجل عندما يأخذ الصورة الكبيرة معه والمحتشدة بأشخاص غرباء، ولكنها على كل حال تمنحه الدفء وشعور الانتماء إلى العالم وإلى العائلة التي فقدها في مكان ما وفي زمن ما، الأمر الذي جعله أسيراً لحالة ذهانية مؤلمة، استطاع المخرج أن ينسل إلى دهاليزها المعتمة، وينقل لنا صورتها الحقيقية الصادقة والصادمة في الوقت ذاته. ويقودنا فيلم «سوف تحملنا الأمواج» للمخرج عبدالله بوشهري، إلى كادر ثابت طوال زمن الفيلم، ويتمثل هذا الكادر في سور عازل، نرى خلفه البحر بأمواجه المتهادية التي تحركها ريح خفيفة، ويتناوب دخول وخروج الشخصيات في الكادر، ومن دون أن نستمع لأي حوار، حيث يتسيد الصمت هنا، ويسكت الكلام، كي تتحدث الأجساد والإيماءات والنظرات التي تقول الكثير، وتبوح بما هو خفي ومغيّب من العلاقات المتداخلة والأخرى المتنافرة. وفي برنامج «أفلام من الإمارات» كان واضحاً الحضور النسائي الطاغي للمخرجات الإماراتيات على الأعمال المنتقاة للبرنامج، وهؤلاء المخرجات هن نائلة الخاجة المشاركة بفيلم «عربانة»، ولمياء قرقاش بفيلم «الأرضية المبتلة»، وراوية عبد الله التي قدمت فيلم «غيمة أمل»، ومريم السركال المشاركة بفيلم وثائقي قصير هو» لندن بعيون محجبة»، وأخيراً منال بن عمرو بفيلم حمل عنوان «وجه عالق»، بينما انحصر المخرجون الذكور في اسمين فقط هما وليد الشحي الذي قدم فيلماً بعنوان «الفيل لونه أبيض»، وجمعة السهلي المشارك بفيلم «رأس الغنم». وقدمت هذه الأفلام صورة بانورامية للمشهد السينمائي الإماراتي، القائم على الحماس والتجريب والتجديد، واقتناص اللحظة الجمالية المفارقة، التي تهب الفيلم القوة والقيمة التي يستحقها، والتي تطوّر السيناريو المكتوب وتحول الفكرة إلى أساس وعمود تتشكل حوله ومن خلاله التفاصيل المكملة للعمل، وتناولت هذه الأفلام مواضيع ذاتية واجتماعية، وأخرى مهمومة بالبحث في طاقة الصورة ذاتها وما يعتمل فيها من إيحاءات وترميزات، تختصر الكثير من الحوارات المطولة والشروحات الفائضة والهوامش السردية الزائدة، ورأينا ذلك واضحاً في فيلم «وجه عالق» لمنال بن عمرو، وفي فيلم «الأرضية المبتلة» للمخرجة لمياء قرقاش، حيث فتحت المعالجة البصرية للمخرجتين أبعاداً جديدة، ومنافذ مبتكرة لقراء الفيلم من زاوية تنتصر للمعنى المضمر أو المستتر على حساب المعنى الذي يقدم مفاتيحه على طبق مفتوح، ومن خلال حلول سهلة، وصياغات مباشرة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©