الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شريف صالح: قصصي خليط بصري

شريف صالح: قصصي خليط بصري
9 أكتوبر 2013 21:33
محمد أحمد محمد صدر للكاتب شريف صالح مجموعته القصصية “بيضة على الشاطئ” (وزعت مع مجلة دبي الثقافية عدد سبتمبر) وكانت المجموعة فازت بجائزة “دبي الثقافية” في دورتها السابعة، وحصلت على المركز الأول في فئة القصة القصيرة. وتتناول أحد عشر نصاً من بينها: الغواية الأولى، ألعاب الراعي، العجوز الذي يراقبنا، الطواف وسارق النحاس، النحلة الخشبية، الخروج إلى الشمس، وفاة غامضة لعدو صامت، زائر أم الرشراش، والخناجر السبعة. وتعالج المجموعة مأزق الوجود الإنساني وأزمة الهوية وشعور الإنسان بالاغتراب في علاقته بالمكان بدءاً من رحم الأمة، مروراً بشتى البيئات المحتملة لحياته، كالريف والمدينة والخليج. وتمتزج فيها اللقطة والتفاصيل الواقعية بأجواء من السحر والفانتازيا والأسطورة والأحلام، إضافة إلى تكرار موتيفات وعناصر سردية شتى يعاود الكاتب الاشتغال عليها، بما في ذلك صفات وأسماء الشخصيات التي تتكرر عبر النصوص وكأنهم تائهون في الحكاية. كما لا تغفل النصوص العلاقة مع السلطة بأشكالها المختلفة، والتي تضع الإنسان مع مرور الوقت في قفص لا يستطيع الخلاص معه. ? بداية ماذا يعني لك نشر مجموعتك القصصية الرابعة “بيضة على الشاطئ” وتوزيعها مع مجلة “دبي الثقافية”؟ ?? ربما يكون هذا أهم حدث أدبي في حياتي، فغاية ما يتمناه أي كاتب أن يوزع كتابه مجاناً مع مجلة رصينة ويصل إلى أنحاء العالم العربي كله. وسعادتي لا توصف بذلك وتفوق فوز المجموعة ذاتها بالمركز الأول في مسابقة دبي الثقافية. ? هل يعني ذلك أن الفوز لم يسعدك؟ ?? بالتأكيد أسعدني لكن ليس بمستوى فرحتي بهذا النشر الواسع.. وعموماً كنت محظوظاً مع الإمارات التي لها في نفسي الكثير من المحبة، فقد سبق لي أيضا الفوز بجائزة الشارقة في الإبداع عن مسرحية “رقصة الديك” ونشرتها دائرة الثقافة. ? برأيك ما العناصر التي ميزتها وأهلتها للفوز؟ ?? بالتأكيد لجنة التحكيم هي الأجدر بالإجابة على هذا السؤال.. لكن أهم عنصر بالنسبة لي هو المثابرة.. واسمح لي أن أطلعك على سر مهم جداً لي.. فقد كنت أعمل على هذه المجموعة منذ العام 2007 تقريباً حتى العام 2011 وشاركت بها في الدورة السادسة لمسابقة دبي ولم يحالفني الحظ. لكنني لم أغضب ولم أهاجم الجائزة ولا لجنة التحكيم بل أعدت العمل عليها حتى آخر لحظة، مرة أخرى.. وبطبعي مثابر وأجد متعتي في اللعب باللغة والتجريب وإعادة تشكيل النص. ? من يقرأ نصوص المجموعة الـ 13 يلاحظ بالفعل هذا الولع بالتجريب والاشتغال على ثيمات بعينها؟ ?? “بيضة على الشاطئ” هي رابع مجموعة لي، سبقتها “إصبع يمشي وحده” ونالت نصوصها العديد من الجوائز الفردية، ثم “مثلث العشق” التي حصلت على جائزة ساويرس في مصر ثم “شخص صالح للقتل”.. فطبيعي عند كتابة مجموعة رابعة أن أفكر طويلاً: ما الجديد لدي؟ ليس فقط من ناحية الثيمات ولا الحكايات بل ما يهمني أكثر هو التقنية، وقد أكون نجحت أن أجعل لكل مجموعة من المجموعات الأربع هويتها الخاصة.. في “بيضة على الشاطئ” جربت اللعب بعناصر تستمر معي عبر أكثر من نص مثل ثيمة “البيضة” التي تعتبرها أساطير وحضارات كثيرة كالفرعونية بأنها أصل الوجود.. وبسببها حضر “البياض” كثيمة لونية.. كما استمرت معي عدة شخصيات في النصوص، تارة بشكل مركزي وتارة أخرى بشكل هامشي.. كنت أحاول كتابة شكل يقارب روح السرد الروائي، ولا يتخلى في الوقت نفسه عن خصوصية القصة القصيرة.. كما كان هناك اشتغال على هوامش نصية وغير ذلك. ? الملاحظة التي لفتت نظري كقارئ هي البيئة الغامضة للنصوص التي تبدو كأنها فضاء في حلم؟ ?? ملاحظتك صحيحة تماماً، كنت أطمح إلى تشكيل بيئة أقرب إلى خليط بصري من الحلم والفانتازيا والأسطورة، لا مانع لدي من التقاط تفاصيل الواقع، والتمويه في البداية بأننا أمام نص واقعي، ثم سرعان ما أكسر هذا الحاجز بين ما هو واقعي وما هو خيالي.. الحلم بالنسبة لي منبع ثري للكتابة، وكثيراً ما أسجل أحلامي وأشتغل عليها لتخليق نص.. وكنت أسعى لأن يكون لكل قصة وجودها اللغوي الخاص، الذي لا يحاكي الواقع بالضرورة لإيماني بقدرة اللغة على تشييد عالم لا يوازي ولا يشابه أي عالم آخر.. في نفس الوقت كنت حذراً ألا تسقط النصوص في الغموض والتهويم ربما باستثناء النص الأخير فقط “الخناجر السبعة” فهو أقرب إلى حالة روحية غامضة وملتبسة. ? برغم غموض البيئة التي تقاربها النصوص، لكن هذا لا يمنع القارئ من إدراك أن بعض النصوص مصرية تماماً وبعضها الآخر يحدث في بيئة خليجية؟ ?? مهما حاول الكاتب أن يبني عالماً خيالياً منفصلاً عنه، لكنه يبقى أسير تجاربه الحياتية، يلتقط منها بعض الشذرات ويؤسس عليها، بالتأكيد بعض النصوص تكشف عن مصريتها بشكل لا لبس فيه مثل “الطواف وسارق النحاس” أو “ما وراء البياض”.. وبعضها الآخر استلهمته من إقامتي في الخليج وتحديداً في الكويت منذ عشر سنوات، عن الغربة والاغتراب.. مثل “الخروج إلى الشمس” و”وفاة غامضة لعدو صامت”.. لا يعني هذا أنني غير مرتاح لتجربة العيش في الخليج التي أخذت أجمل سنوات العمر، لكنني أرصدها بالحساسية ذاتها التي أرصد بها شذرات من طفولتي في إحدى القرى في شمال مصر. ? برغم انشغالك على تفاصيل بسيطة لشرائح مختلفة مثل الفلاحين أو العمالة في الخليج، لكن الهاجس السياسي فرض نفسه بوضوح في نصوص كثيرة مثل “زائر أم الرشراش” و”السيدة المختفية” و”عصر السنجة”!؟ ?? لا أنكر مواقفي السياسية ولا أخفيها، أنا ضد كل أشكال التسلط باسم الدين أو باسم الزعيم.. ومع حق كل إنسان في الحرية والكرامة والعدالة.. لكن الكتابة لها جمالياتها بالطبع التي تتنافى مع الأدلجة الجافة والتنظير، وهذا ما أحاول تجنبه بشدة حتى لو كان النص كله غارقاً في ما هو سياسي. ? تعتقد أن الحس الساخر خفف من الطابع السياسي؟ ?? ربما.. الحس الساخر موهبة عائلية فطرية، وقد لا أكون أفضل أفراد أسرتي في هذا الجانب، لكنه غالباً لا يكتسب، ولا أتعمده بل يتسرب هكذا بين السطور أحياناً، فعلى سبيل المثال نص “عصر السنجة” خرج مغرقاً في سخريته من سياسات الحزب الواحد على مدار ثلاثين عاماً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©