الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خطة لمواجهة الخطر

27 أكتوبر 2014 22:36
تنظيم «داعش» خطر حقيقي على المنطقة، وخطورته ليست في قدراته العسكرية فحسب، إنما يكمن الخطر الحقيقي في منظومته الفكرية المهددة للبنية الوطنية والجغرافيا السياسية للكثير من الدول، وما تمثله من خطر ماحق على الأقليات القومية والدينية، وما يصطحبه فكرها من استغلال للتنظيم من قوى خارجية «إيران وتركيا»، لتحقيق نفوذ سواء كان إقليمياً أو دولياً على حساب المصالح القومية والوطنية، بالتلاعب بالجغرافيا السياسية لكثير من البلدان. وهذا الخطر الجدي يتطلب خطة استراتيجية قائمة على أجندة وطنية تعمل على تقوية الرابط الوطني، من خلال برامج اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية تشد من أزر هذا البنيان، وتؤكد انسجام المجتمع وتمتين الوحدة الوطنية وهذا يساهم فيه المفكرون والمبدعون والكتاب والمثقفون والقوى الاجتماعية الحية، وتأتي في المقدمة أجهزة الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، ومواقع التواصل الاجتماعي، والوسائط الرقمية. فالحرب العسكرية على «داعش» ومثيلاتها التي بدأت وإن كانت مطلوبة لخلخلة التنظيم وهزيمته عسكرياً، فإنها لا تستطيع وحدها إلحاق الهزيمة بـ«داعش» ومثيلاتها. والمعضلة الحقيقية هي أن خطر «داعش» يتمثل في عشعشة أفكارها في عقول وقلوب الكثيرين، خاصة الشباب من خلال قاعدة من المسلمات شكلت دعامة لأفكار منزوعة من صياغها، ولا تضع أي اعتبار لمكان أو زمان مثل فكرة الخلافة الإسلامية كبديل للدولة الوطنية، أو اعتبار المسلمين يعيشون جاهلية، ولابد من وجود مسلمين صادقين أو رفع راية الجهاد ضد غير المسلمين أو حتى رفعها ضد المخالفين من المسلمين، وهذه الشعارات بمثابة متفجرات يتم استخدامها في أي لحظة وبأي مكان، فالسؤال سهل والإجابة أسهل، ومن خلالهما يتغلغل الفكر الإرهابي في العقول والقلوب ويصبح الإنسان عجينة لينة يتم تشكيلها وفقاً لهوى رافعي مثل هذه الشعارات، فأي إجابة في الضفة الأخرى تعني الزندقة والإلحاد والخروج من الملة. ومن المعروف أن الكثير من المجتمعات خضعت لأفكار ومسَلَّمات استمدت شرعيتها من قدسية الدين على الرغم من أن من غرسها أناس لهم عقول كما لنا عقول الآن، الخطورة تكمن في أنهم أعطوا أفكارهم قدسية بربطها بالدين، والدين منها براء. ومشكلة العقل الإسلامي الحالي الملازمة له هي أنه يبحث دائماً عما يعطي أفكاره قدسية، وحتى عندما يتساءل نجد أن تحكيمية السؤال ساذجة، ولا تعطي أي تفكير للإجابة، المهم نعم، أو لا، ولا ثالث بينهما ولا مجال حتى لاسترسال أوإمعان في الجواب (ملحد/ مسلم) (علماني/ إسلامي) (كافر/ مسلم) (نحن/ هم) فجذور التنطع أعمق مما يوحي به الواقع. وللخروج من هذا المأزق التاريخي لا بد من القيام بحركة إصلاح واسعة، شاملة، قائمة على مرتكزات فكرية وسياسية واقتصادية وثقافية، والعمل بدأب وصبر لتهيئة المناخ وخلق بيئة ناضجة لتقبل فكرة الإصلاح وخلق جيل مشبع بروح الإصلاح ولبِّه، والاستفادة من منجزات العلوم العصرية والثورة المعلوماتية، ثم الانتقال لتطوير وإصلاح المناهج التربوية باعتبارها عظم ظهر الإصلاح، ومثل إصلاح التعليم حجر الزاوية للقيام بأي نهضة في أي مجتمع، كما أنه لو أردنا انطلاقة جادة نحو الإصلاح يجب فض الاشتباك بين الدين كاعتناق، والذين يسعون لاستغلاله لتحقيق أغراض سياسية ودنيوية من أجل السيطرة على المجتمعات والعودة بها إلى الوراء، ولن تؤتي حركة الإصلاح أُكلها إلا بتعميق وتجذير الانتماء للوطن الواحد، وتكريس روح التسامح ومشروعية الاختلاف وإيجاد الآليات لإدارة الاختلاف على أسس عقلانية. الفاتح محمد - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©