السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مجموعة المشعل.. كنز فني إسلامي يسرد قصص العصور

مجموعة المشعل.. كنز فني إسلامي يسرد قصص العصور
31 يناير 2014 21:43
أحمد الصاوي (القاهرة) - شهدت العقود الأخيرة من القرن العشرين اهتماماً واسعاً في منطقة الخليج العربي باقتناء التحف الأثرية والفنية وظهرت مجموعات فنية كبيرة اعتمد أصحابها على شراء القطع من مصادر شتى، بدءا من المقتنيات المحلية ومرورا بالشراء من البلاد العربية والإسلامية وانتهاء بالشراء من مزادات قاعات العرض العالمية بأوروبا وأميركا. ومن بين المجموعات الفنية الخاصة الكبيرة بالمملكة العربية السعودية تلك المجموعة شديدة التنوع والثراء التي يمتلكها الدكتور عبدالعزيز المشعل وقد كشف النقاب لأول مرة عن بعض مقتنياتها في معرض خاص بمركز الملك فيصل بالرياض في عام 2008 م. وتتميز مقتنيات الدكتور المشعل التي تعود للفترة الإسلامية بتعدد موادها، خاصة من الفخار والخزف والمعادن والزجاج والأخشاب، فضلا عن أنها تغطي تقريبا الطرز الفنية الإسلامية من حدود الصين شرقاً إلى الأندلس غرباً. زخارف ومن أقدم التحف الخزفية بهذه المجموعة جرة كبيرة بمقبضين وهي ذات بدن كروي وقاعدة متسعة وهي من صناعة العراق في القرن الثاني الهجري، الثامن ميلادياً، وقد زخرف بدنها بحزوز طولية وطليت بطلاء زجاجي باللون الأخضر، ورغم خلوها من الزخارف والكتابات فهي من القطع المهمة بالمجموعة نظراً لتشابهها مع القطع الأقدم المزخرفة في تعبير عن تأثرها العميق بالتقاليد الساسانية القديمة. وهناك أيضا عدة قطع خزفية تعود لفترة الدولة السامانية التي حكمت أجزاء واسعة من ديار الإسلام في آسيا ومن أجمل القطع المصنوعة بآسيا الوسطى في هذه المجموعة زبدية ضخمة من الخزف المرسوم تحت الطلاء الزجاجي بزخارف متعددة الألوان وضعت في أشرطة تدور مع الإناء من الداخل. الكتابة الكوفية والزخرفة الرئيسة بها، في شريط عريض رسمت بداخله باللون الأسود معينات ودوائر بالتبادل وبينما زخرفت الدوائر بنقاط مطموسة رسمت مروحة نخيلية بوسط كل معين وهذا الشريط الزخرفي رسمت بأرضيته أوراق وأفرع نباتية وتعود هذه الزبدية للقرن الرابع الهجري، ومن الفترة نفسها أيضا صحن كبير من الخزف ولكنه يزدان بكتابات كوفية تحوي عبارات دعائية لصاحبه. ومن القطع الخزفية المميزة بمجموعة المشعل الفنية بعض قطع من صناعة مدن إيرانية مختلفة، وخاصة في عهود السلاجقة والمغول، منها إبريق من الخزف المطلي بلون زجاجي واحد وهو مصبوب بالقالب وفوهته على هيئة رأس ثور وينسب لمنطقة جرجان في القرن 6 هـ. ومن قاشان أشهر المدن الإسلامية بصناعة الخزف نشاهد بين المقتنيات عدة أوان خزفية من أروعها إبريق من الخزف ذي البريق المعدني يتميز بقاعدة ضيقة وفوهة متسعة مع مقبض يصل بين البدن والفوهة ويزدان بدن الإبريق بزخارف التوريق العربية التي قسمت بين مناطق ثلاث من القاعدة إلى الفوهة وتؤرخ هذه القطعة الفنية بالقرن السابع الهجري. الخزف الصيني وتضم المجموعة عدة قطع خزفية من صناعة بلاد الشام في فترات مختلفة من أجملها إناء يعرف باسم البرلو ويعتقد أنه كان يستخدم في حفظ مواد أو سوائل ذات استخدامات طبية وقد اشتهرت سورية بإنتاج هذا النوع في القرنين السادس والسابع للهجرة وقد زخرف البدن الخارجي للإناء بأشرطة طولية ملونة في محاكاة لنوع من الخزف الصيني كان شائع الإنتاج في عهد أسرة تونج. ومن الشام أيضا ولكن من العصر المملوكي جرة صغيرة ذات بدن كروي ومقبضين ولها قاعدة ضيقة وفوهة متسعة وهي مرسومة بالألوان المتعددة تحت الطلاء الزجاجي الشفاف وزخارفها تجمع بين رسوم التوريق العربية والنقاط المطموسة ويغلب على ألوانها درجات من الأزرق الفاتح والكوبالتي. ومن القطع النادرة بالمجموعة إناء من الخزف ذي اللون العاجي والمرسوم تحت الطلاء وهو خزف اشتهرت مدن الأندلس المطلة على ساحل المتوسط بإنتاجه في عصر ملوك الطوائف مثل مرسية وباترنا، ويزدان الإناء بزخارف شديدة التنوع إذ تجمع بين الكتابات الكوفية ورسوم الحيوانات والطيور والزخارف النباتية الإسلامية ويعتقد أن الإناء منتج في القرن السادس الهجري. المجموعة عنوان للتميز تنتمي التحف المعدنية الإسلامية بالمجموعة إلى عدة أقاليم وفترات مختلفة وبعضها مكفت بالفضة أيضا، وتحظى منطقة خراسان أو أفغانستان الحالية باهتمام خاص من قبل الدكتور المشعل وهو أمر طبيعي في ظل ازدهار صناعات المعادن بها، وخاصة في عصر السلاجقة، فمن التحف المعدنية قمقم أو مرش لماء الزهر يعود للقرن 6 هـ وهو من النحاس المكفت بالفضة ويمتاز بشريط من الكتابات النسخية على أرضية نباتية وبرسوم لأشكال نجمية بداخل دوائر تدور حول الجزء الأسفل من البدن. ومن نفس الفترة أيضا سطل من النحاس الأحمر المشكل بالطرق وبأسفل فوهة السطل مباشرة شريط من الكتابات الكوفية، بينما البدن يزدان بزخارف نباتية متنوعة ورغم خلو السطل من التكفيت بالمعادن الثمينة فإن قيمته الفنية والزخرفية تضعه في مصاف القطع المهمة من التحف المعدنية السلجوقية. وهناك أيضا صينية مستطيلة من النحاس تزدان بأشكال محاريب وزخارف نباتية وإبريق رائع من النحاس الأصفر يمتاز بأن بدنه به تضليعات تحتوي على كتابات نسخية على أرضية نباتية وقد استخدم النحاس الأحمر في تكفيت هذا الإبريق والمثالان الأخيران من صناعة القرن 7 هـ ويعكسان التقاليد الفنية لعصر السلاجقة. وتضم مجموعة الدكتور المشعل أيضا عدة تحف من الزجاج منها كؤوس وأقداح مختلفة الأشكال ويعود أغلبها لبلاد الشام ومصر وإيران في فترات مختلفة. ثروة فنية مجموعة المشعل بها ثروة فنية من قطع الخزف والفخار أيضا كالزهريات ومرشات ماء الزهر والمسارج وبها أيضا مجموعة من الأواني الخزفية التي صنعها الخزافون المسلمون محاكاة لبعض أنواع الخزف الصيني ذي اللون الأزرق على أرضية بيضاء قصديرية. ومن التحف الخشبية نجد عدة قطع نادرة تفتقد المتاحف الكبرى في العالم نماذج تشابهها. ومن أهمها حشوات خشبية من مصر في العصر الطولوني بها زخارف تشبه زخارف طراز سامراء من جهة الحفر المائل ورسوم المراوح النخيلية المحورة وقطعة خشب نادرة من العصر الفاطمي مزخرفة بالحفر والزخرفة بها عبارة عن رسم لطاووسين متقابلين يمتد ذيل كل منهما ليشكل عقدا يحتويهما واللافت أن هذا الموضوع الزخرفي قد تكرر بصورة حرفية تقريبا في عباءة تتويج الملك النورماندي روجر الثاني حاكم صقلية وهو ما يبرهن على عمق التأثير للفن الفاطمي بصقلية حتى بعد سقوطها بأيدي النورمان بعدة عقود. وهناك أيضا حشوة خشبية نادرة تعود لعصر حكام السلاجقة بالأناضول وقد حفر عليها رسم لعقاب برأس طائر وجسد أسد على أرضية من الزخرفة النباتية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©