الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

بين النقطة القطرية وشبيهتها اليمنية وشقيقتها الكويتية تكمن المفارقات الكروية

27 يناير 2007 01:25
لا أدري ماذا أكتب عن إخفاق ''العنابي'' في ''خليجي ''18؟ فالفريق لم يحصد خلال مشوار الدفاع عن لقبه - الذي فقده بجدارة - سوى ''نقطة'' واحدة مثله مثل المنتخب اليمني حديث العهد على المشاركات الخليجية؟ ولكم أن تتصوروا حجم المفارقات الكروية ونسبة الفروقات الفنية بين فريقين، أحدهما يشارك في هذه المسابقة الكروية منذ انطلاقتها الأولى عام ،1970 وحصل على بطولتها مرتين، ونافس على كأسها أكثر من مرة، ويضم كوكبة من اللاعبين المحترفين الذين يشبهون في تركيبتهم قوات ''اليونيفيل''! فهذا الفريق متعدد ''اللهجات'' الذي يرتدي ''الفانيلات'' العنابية وليس القبعات ''الزرقاء'' هو منتخبنا ''القطري'' الذي جاء الى أبوظبي، تسبقه هالة دعائية هائلة ليحصد نقطة واحدة مستديرة، تشبه ''الصفر'' في شكلها وقيمتها· والغريب أن هذا ''الصفر'' الذي يسمونه نقطة·· أو هذه النقطة المستديرة التي تشبه ''الصفر'' هي حصيلة الفريق الآخر، وهو المنتخب اليمني، الذي يشارك في البطولة للمرة الثالثة، وربما لا يجد لاعبوه ملعباً ''عصرياً'' مثل ''استاد خليفة'' الأولمبي أو ''عالمياً'' مثل استاد ''الشيخ جاسم بن حمد'' في نادي السد يتدربون عليه، وربما أيضاً لا يجد أهلنا الأعزاء في اليمن الشقيق مكاناً مناسباً لإقامة معسكرهم التدريبي سوى اللعب أو التدرب قرب ''سد مأرب'' كما يواجهون أيضاً تحديات أخرى خارج الملعب - إن وجدوه - هي مشكلة ''القات''، التي تشغل اهتمام المجتمع اليمني، وتستنزف طاقاته وقدراته، ورغم كل هذه الظروف الصعبة حصلوا على ''نقطة واحدة'' مثلنا تماماً! فهل النتيجة النهائية، التي حصلنا عليها خلال مشاركتنا في الدورة الخليجية، تتلاءم مع الإمكانات ''الهائلة'' التي وفرتها الدولة للجهازين الفني والإداري لمنتخبنا ''العنابي''؟· هل هذه النقطة ''الظبيانية'' - نسبة لحصولنا عليها في أبوظبي - تنسجم مع الدعم السخي الذي تقدمه الدولة لتطوير الرياضة بشكل عام، والكرة القطرية على وجه الخصوص؟ وهل هذه هي النتيجة المنتظرة لتجنيس ''سباستيان بن سوريا''، الذي كان عالة - في هذه البطولة - على الفريق، ولم يقدم شيئاً مفيداً، ولم يحرز هدفاً واحداً، وكان يبدو ثقيلاً بطيئاً وكأنه مصاب بـ ''التخمة'' نتيجة إفراطه في تناول ''وليمة'' دسمة، يبدو لي أنها ربما تكون ''صحناً'' من ''الهريس'' تناوله في ''ليلة خميس'' في مطعم ''خالد حرية'' الشعبي! وفي تقديري، فقد ظهر تأثير غياب ''جنرال'' الدفاع ''عبدالله كوني''، على أداء الفريق من الناحية الدفاعية، فكثرت الأخطاء القاتلة، وظهرت ''الشوارع'' المفتوحة أمام مرمانا التي لا تقل اتساعاً عن شوارع وطرقات مدينة ''دبي'' الفسيحة، ولو كان ''كوني'' موجوداً في مكانه الدفاعي، لما تجرأ أحد على الاقتراب من المرمى العنابي، ولكن يبدو أن مدافعنا، الذي يمتاز بالأداء الرجولي، كان مشغولاً بعد إصابته بمتابعة الأوضاع غير المستقرة في ''القرن الافريقي''، على حساب الأحوال غير المستقرة في ''القرن العنابي'' الذي يمتد شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً على امتداد منطقة الجزاء العنابية· وما من شك أن بين ''النقطة القطرية'' الوحيدة ومثيلتها اليمنية، تكمن مفارقات كروية! ففي حين أنها تعتبر إخفاقاً ذريعاً للقطريين، فإنها تشكل إنجازاً كبيراً لليمنيين الذين استطاعوا مقارعة الخليجيين، فأحرجوا الكويتيين أصحاب الرقم القياسي في الفوز بدورات الخليج، والمسجل باسمهم برصيد تسع بطولات، وانتزعوا النقطة من بين أقدامهم، وكانوا نداً متكافئاً مع ''الإماراتيين'' أصحاب الأرض والجمهور، فلم يخسروا مباراتهم معهم سوى ''بشق الأنفس'' ثم جاءت مباراتهم المثيرة مع المنتخب العماني، وكانت المباراة سجالاً بين الفريقين حتى حسمتها خبرات ''السحرة العمانيين'' بهدف مقابل هدفين، قبل أن تلفظ المباراة أنفاسها الأخيرة· ولأنه ''ليس بالإمكان أروع مما كان''، فقد أبدع اليمنيون وخرجوا من ''خليجي ''18 مرفوعي الرأس على أنغام ''الدان'' اليمني وأغنية ''على مسيري، على مسيري''، فرحين بنقطتهم الوحيدة، التي انتزعوها تحت قيادة مدربهم العربي القدير ''محسن صالح'' الذي أثبت أنه مدرب ''صالح''· ويبدو أن له جذوراً يمنية على اعتبار أن من يكون ''محسناً'' أو ''صالحاً'' لابد أن يكون يمنياً، لأن هذين الاسمين من أكثر الأسماء تداولاً وشيوعاً في اليمن! وبعيداً عن النقطة اليمنية ''الثمينة'' التي دفعت وزير الشباب اليمني ''عبدالله الأكوع'' الى صرف مكافآت مالية تبلغ ''''500 دولار لكل لاعب تقديراً وتكريماً لهم على أدائهم المشرف لابد أن نتحدث قليلاً عن النقطة الكويتية ''الهزيلة'' جداً· فلا يمكن أن ننسى أن ''الأزرق'' لم يحقق سوى نقطة واحدة، وكأن لسان حاله يقول: ''لست أحسن حالاً منكم''! فهذا الفريق العريق - الذي صار غريقاً - ما زال يعيش على أمجاد الماضي، ولهذا لا يمكن أن يجد له مكاناً في الحاضر أو المستقبل، ولو كانت الأمور الكروية تسير وفقاً للاعتبارات التاريخية، لكانت ''أوروجواي'' الفائزة بأول بطولة لكأس العالم تسيطر الآن على الكرة العالمية! فهذه الدولة فازت مرتين بكأس ''جول ريميه'' من بينهما بطولة غير عادية انتزعتها من فم ''الأسد البرازيلي''، ومن داخل عرينه في ''استاد ماركانا''، ومنذ ذلك الحين لم نسمع عن ''أوروجواي'' شيئاً بعد أن غادرت موقعها الريادي على خريطة بطولات اللعبة الشعبية· ولو كانت الانتصارات الكروية تتحقق بالمحطات التاريخية، لكانت ''إنجلترا''، التي اخترعت كرة القدم ووضعت قوانينها، تحتكر الآن بطولات كأس العالم· لكن هذه اللعبة المستديرة لا تعطي إلا من يعطيها، وتدير ظهرها لمن يتكبر عليها، مثل الإنجليز·· وغيرهم! ففي كرة القدم، لا يوصلك إلى منصات التتويج سوى عطائك الفني السخي داخل الملعب، وليس تاريخك الكروي المحفوظ في الأرشيف· فالمسألة تعتمد على: ماذا تستطيع أن تقدم في كل مباراة، وليس ماذا قدم آباؤك أو أجدادك في ذاكرة وملفات البطولات الغابرة؟! ومشكلة أهلنا الأعزاء في الكويت، أنهم مازالوا يعيشون على أمجاد ''جاسم يعقوب''، التي توقفت مع انحسار جيل ''جاسم الهويدي''، ورغم أنهم يعرفون ذلك، لكنهم لا يعترفون أن ملاعبهم لم تنجب حتى الآن لاعباً واحداً مثل هذين ''الجاسمين''، فحتى الآن لم يولد في الكويت هداف بارع، مثل جاسم الأول في مهاراته الكثيرة وقدراته الخطيرة، كما لم يظهر مثل ''جاسم'' الثاني في فنياته الكبيرة· ·· وستبقى الكرة الكويتية تنتظر ظهور ''جاسم'' الثالث، فهل يكون لاعباً في منتخب كرة القدم أم في فريق ''الكوت بوستة''! وبعيداً عن النقطة الكويتية ''اليتيمة''، وقبلها النقطة اليمنية ''الثمينة''، فلنتوقف قليلاً عند شقيقتهما ''النقطة القطرية'' الوحيدة! ولا أريد أن أقسو على من حصلوا عليها، لأن هؤلاء اللاعبين هم أنفسهم الذين حققوا الفوز ببطولة ''خليجي ''17 في الدوحة، وهم أيضاً الذين حصدوا الميدالية الذهبية الكروية لدورة الألعاب الآسيوية الأخيرة· فما هو السر في إخفاقهم؟ وما هو السبب في فشلهم؟ هل هو ''الغرور''؟ أم الاستهتار؟ أم ''الاستكبار''، كما نسمع في نشرات الأخبار الخليجية هذه الأيام؟ أم هي الاستهانة بالخصوم وكأنهم سيذهبون إلى أبوظبي في ''رحلة قنص'' ممتعة لاصطياد الكأس والعودة بها إلى الدوحة! ولأننا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نعلق ''المشانق'' للمدرب أو اللاعبين على طريقة إعدام ''صدام حسين'' لمجرد إخفاقهم في هذه البطولة· فإننا لن نطالب بتشكيل محكمة ''كروية'' للمدرب البوسني ''موسوفيتش''، لمحاسبته على الأخطاء ''الفادحة'' التي ارتكبها في حق الكرة القطرية خلال المباريات الثلاث التي خاضها منتخبنا العنابي في ''خليجي ''18 على غرار محاكمة الرئيس الصربي السابق ''ميلوسوفيتش''، بسبب ''الجرائم'' التي ارتكبها ضد الإنسانية· ولكننا سنتوقف أمام احتمالين لا ثالث لهما يمكنهما أن يفسرا أسباب لجوء المدرب إلى الطرق الدفاعية، أولهما أنه ربما يعتقد أن كل مباراة في ''دورة الخليج'' مكونة من ثلاثة أشواط وليس شوطين· وعلى هذا الأساس فهو يعتقد أن الفرصة ما زالت قائمة للتعويض وهو يستعد من الآن ليرمي بكل أوراقه الهجومية في ''الشوط الثالث'' المرتقب الذي سنحقق فيه ''النصر المبين''! أما الاحتمال الآخر فهو أن المدرب يعتقد أن البطولة لم تبدأ حتى الآن، وأن المباريات السابقة كانت ترتبط بــ ''دوري الرديف'' لمنتخبات الخليج، وعندما تبدأ المباريات الرسمية للمنتخبات الأساسية سيكشف عن خططه الهجومية في الوقت المناسب، حينها سيباغت المنافسين بالهجوم الكاسح ''فأبشروا بالانتصارات أيها المحبطون''! ولا ندري متى سيكون الوقت مناسباً لانتهاج الطرق الهجومية في أداء منتخبنا المرصع بالنجوم فلقد ''جنسنا'' من أجل خاطر عيون ''موسوفيتش'' معظم اللاعبين، فهل يريدنا أن نقوم ''بتجنيس'' الجمهور أيضاً، أم يريد ''تجنيس'' ''جوزيف بلاتر'' رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)؟! ورغم كل أخطاء ''موسوفيتش'' الفنية والتكتيكية والخططية، فإن ردود أفعالنا ينبغي ألا تكون انفعالية، فالمطلوب أن نبحث عن أسباب الفشل في ''أبوظبي'' لنعالجها· وندرس أسباب الاخفاق في ''دار زايد'' لنتداركها· فأمامنا استحقاقات كثيرة، في مقدمتها الظهور المشرف لمنتخبنا في بطولة كأس آسيا المقبلة· ولأنني أحد مشجعي العنابي المخلصين، وليس المتعصبين، فإنني أجدد ثقتي ''المطلقة'' في جميع اللاعبين، فليس ذنبهم أن مدربنا ''الذكي'' لم يعرف كيف يوظفهم، ويستفيد من قدراتهم على مدار الأشواط الستة التي لعبها الفريق في المباريات الثلاث، أما ما يتعلق بالجهاز الفني، فهذا من اختصاص اتحاد الكرة وحده، فهو الجهة الوحيدة المخولة بمحاسبته، أو تجديد الثقة به· ويبقى أن أقول في البداية والنهاية، إن الجهاز الفني الذي يقوده ''موسوفيتش'' هو نفس جهازنا التدريبي الذي قاد فريقنا ''الذهبي''، لتحقيق أجمل الانتصارات لنا قبل أسابيع في الألعاب الآسيوية، ومن قبلها ''الدورة'' الخليجية السابعة عشرة·وعلى هذا الأساس فليكن إخفاقه في ''خليجي ''18 حافزاً للعنابي للتعويض في كأس آسيا· فالمعروف أن أسعار ''الذهب'' تعلو وتهبط، لكن هذا المعدن الأصفر الثمين لا يصدأ، وفريقنا لونه الخارجي ''عنابي'' ومعدنه الداخلي ''ذهبي''، ومن المؤكد أنه سيتجاوز كبوة ''أبوظبي'' فانتظروه في الصيف المقبل منافساً قوياً على الميداليات الذهبية لكأس آسيا الكروية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©