الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا والهند··· شراكة استراتيجية

أميركا والهند··· شراكة استراتيجية
12 مارس 2009 02:28
صحيح أن الولاية الرئاسية عادة ما تكون ماراثوناً من الجهود الممتـــدة، إلا إن إدارة أوباما ووجهت بما هو أطول من سباق الماراثون بكثير· فما بين الأزمة المالية والحرب الدائرة في أفغانستان، هناك أيضاً روسيا وإيران وغيرهما من المعضلات، التي لا تزال مطروحة أمام الإدارة· لكنها وفي حمى هذا السباق مع الأزمات والواجبات الضاغطة، نراها تنسى دولة صديقة مهمة، هي الهند· وربما كان مغرياً إلى حد ما، أن توضع الهند جانباً طالما ظلت على تحالفها وصداقتها مع بلادنا، في وقت تعم فيه الفوضى والاضطرابات الجزء الغالب من منطقة الشرق الأوسط وجنوبي آسيا· لكن ولأن الهند دولة صديقة وحليفة لنا على وجه التحديد، فإن على واشنطن أن تولي اهتماماً لتطوير العلاقات معها، بسبب حدة المشكلات الدولية والإقليمية التي نواجهها· وفيما لو سعى أوباما إلى تحقيق الكثير من طموحاته المعلنة في مجال السياسات الخارجية، فإنه لا غنى له عن توثيق علاقاته وتعميقها مع الهند· وهذا ما يطالبه ببذل جهد إضافي في هذا المجال· في ظل الظروف الراهنة كما تبدو، فإن أكثر ما تنظر إليه واشنطن في علاقتها بالهند هو جارتيها الغربيتين: باكستان وأفغانستان· من المفهوم أن تكون لواشنطن هواجسها الخاصة بهاتين الدولتين المضطربتين، فمنذ سباقه الانتخابي الرئاسي، وعد أوباما بتوفير المزيد من الموارد والاهتمام لأفغانستان· وهذا ما يحظى بإجماع واسع عليه، ليس داخل واشنطن وحدها فحسب، إنما يجمع عليه حلفاء وأصدقاء أميركا، فضلاً عن الأفغان أنفسهم· وبمجرد تسلمهما لمنصبيهما، أعلن أوباما ووزيرة خارجيته، أن الأوضاع تبدو متشابكة إلى حد كبير في كل من باكستان وأفغانستان· وعليه فقد عين السفير ريتشارد هولبروك -وهو من أقوى الدبلوماسيين والمفاوضين الأميركيين- مبعوثاً خاصاً لباكستان وأفغانستان· ومن شدة تشابك الأوضاع في هاتين الدولتين من منظور إدارة أوباما، حتى أنه اتفق على تسميتهما معاً اختصاراً بالأحرف (AfPak) وأعطيتا اهتماماً خاصاً في أجندة وزارة الدفاع أيضاً· فقد ورد على لسان وزيرها روبرت جيتس قوله أثناء الإفادة التي ألقى بها أمام لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ، بتاريخ 27 يناير 2009: ''تمثل أفغانستان الأولوية الدفاعية الأولى خارج حدود الولايات المتحدة الأميركية''· إلى ذلك تشير المؤشرات بمجلس الأمن الوطني إلى حدوث تغييرات في المناصب والمسؤوليات· وربما يصحبها تغيير في المسؤوليات الجغرافية، بحيث تعكس الحجم الحقيقي للقوات الأميركية المقاتلة في الخارج· وفيما لو صحت هذه المؤشرات، فإن من المرجح ضم الجبهتين الأفغانية والباكستانية إلى منطقة الشرق الأوسط، بينما تضم الهند إلى مجموعة الدول الآسيوية- الباسيفيكية· فلماذا نبدي اهتماماً بهذا التقسيم؟ الإجابة إنه وفي حال نظرت وزارتا الخارجية والدفاع، وكذلك مجلس الأمن الوطني إلى مشكلة ''أفغانستان -باكستان'' باعتبارها أولوية قصوى في منطقة جنوبي آسيا، بينما تم تحويل الهند إلى مجال اهتمامات آخر مختلف جداً، فعندها تكون واشنطن قد حققت بذلك أهم علاقة إقليمية هي في أمس الحاجة إليها· وسيكون صعباً على واشنطن تحقيق أي قدر من الاستقرار في أي من الدولتين من دون الهند· وبعيداً عن التنافس الحاد بين كل من باكستان والهند على إقليم كشمير، فإن للدور الهندي أهميته التي تفوق كثيراً هذا النزاع· فعلى سبيل المثال، تمثل مشكلة التغير المناخي إحدى أهم أولويات أوباما، غير أنه لن يتمكن من التصدي لها من دون مشاركة الهند في حلها· والمعروف عن هذه الأخيرة مقاومتها الشديدة لإجراء خفض كبير على انبعاثاتها من غاز ثاني أكسيد الكربون، مخافة أن يؤثر هذا الخفض سلباً على نموها الاقتصادي· وسوف تحتاج واشنطن إلى بذل جهد دبلوماسي كبير لإثنائها عن هذا الموقف· كما يتطلب أمن الطاقة -وهو أولوية أخرى من أولويات أوباما- مشاركة الهند، سواء في تأمين مضيق ''مالاكا'' البحري، الذي تمر عبره نسبة مقدرة من النفط العالمي، أو في مجال تحسين كفاءة استهلاك الطاقة وتطوير تقنيات جديدة مثل طاقة الشمس والرياح· وإلى جانب ذلك كله، فإن هناك أربع قضايا رئيسية أخرى تتطلب التعاون الوثيق عليها بين واشنطن ونيودلهي: وضع حد للانتشار النووي، مكافحة الإرهاب، حماية وتأمين طرق الملاحة البحرية، وحظر انتشار أسلحة الدمار الشامل· فالهند تعد ثالث أكبر دولة عالمياً بالنسبة لتعداد المسلمين، وتربطها علاقات متطورة مع إسرائيل· وهذا يجعل من الهند، إحدى أقوى الدول المرشحة للعب دور تفاوضي أساسي -إلى جانب تركيا- في جهود التسوية السلمية للنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني· بل كثيراً ما أعربت الهند عن رغبتها في التوسط من أجل حل الأزمة النووية الإيرانية، اعتماداً على تاريخ العلاقات الأزلية التي تربط بين الدولتين· وحتى إذا كان الخيار المتاح في التصدي للأزمة الإيرانية هو تشديد العقوبات الدولية المفروضة على طهران، فإن دور الهند سوف يكون مهماً للغاية، إذا ما أخذنا في الاعتبار كبر حجم حاجة الهند للطاقة والعلاقات الاستراتيجية مع طهران· أما فيما يتصل بمواجهة تصاعد النفوذ الإقليمي للصين، فقد أعلنت الهند من جانبها أنها لا ترغب في أن تكون ثقلاً إقليمياً موازياً لبكين· غير أن هـــذا الإعـــلان مــــن جانــــب الهنـــــد، لا ينفي تقارب بل تحالف المصالح الأميركية-الهندية المشتركة في المنطقة· والمقصود بهذا التحالف أن كلا من واشنطن ونيودلهي تبذلان جهداً في توجيه الصين وحثها على المضي في طريق إيجابي· وبهذا المعنى، فربما لا تكون الهند ثقلا إقليمياً موازياً للصين، إلا إن في وسعها أن تكون شريكاً استراتيجياً لأميركا فـــي المنطقــــة· كزينيا دورماندي مديرة سابقة لبرامج جنوب آسيا بمجلس الأمن القومي، وباحثة مشاركة حالياً بمركز العلوم والشؤون الدولية بمدرسة كنيدي في جامعة هارفارد ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©