الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين·· الصديق الناصح

28 فبراير 2008 01:28
هل كانت مصادفة غير مخطط لها أن يتزامن وصول المبعوثين الرئاسيين الأميركي ''ريتشارد وليام سون'' والصيني ''ليو جينج'' إلي الخرطوم هذا الأسبوع، وفي حقيبة كل منهما يشغل ''ملف دارفور'' الحيز الأكبر؟! قد يكون الأمر كذلك أو لا يكون، وليس موضوع توقيت الزيارتين هو المفاجأة، فالمفاجأة الحقيقية تلك النقلة الصينية المذهلة التي قام بها المبعوث الخاص الصيني في لندن، والتي حملته إلي مجلس العموم البريطاني، ثم إلي مقر رئيس الوزراء ''جوردون براون'' وماصدر عنه بعدهما من تصريحات مذاعة ومنشورة· في لندن وللمرة الأولى، منذ تعيينه في منصب المبعوث الخاص للسودان تحدث ''ليو جينج'' أمام البرلمان البريطاني حديثا مطولا أجاب خلاله على أسئلة النواب حول سياسة بلاده تجاه السودان ''ونظرتها الاستراتيجية''، لحل القضية العالقة التي عنوانها دارفور، وأعلن أن زيارته تأتي في إطار تنسيق الجهود لحل أزمة ''دارفور''، وقد لاحظ المراقبون -قبل زيارة المبعوث الصيني للندن - أن نظرة بريطانيا تجاه الحكومة السودانية قد أصبحت أقل حدة على عهد ''براون'' ووزير خارجيته، وأصبحت لغتها أميل لعبارات التعاون قابلها أيضا مرونة لغوية من الجانب السوداني· المبعوث الصيني أمام النواب البريطانيين كرر مقولة الصينين التقليدية -منذ أن دخلت كلاعب اساسي في ساحات دارفور- بالقول ''إن الصين تفضل الدبلوماسية البناءة، لأن الضغوط السياسية لاتجدي نفعا''، وأضاف: إن ''دارفور'' تحتاج إلي التنمية والخدمات، وإن بلاده تسهم بذلك عبر مشروعات مقدرة يحتاجها أهل دارفور، وحول مبيعات السلاح الصيني للحكومة السودانية لم يتردد المبعوث المهذب أن يرد الكرة إلى ملعب مستجوبيه، ليقول لهم إن بلادهم والولايات المتحدة الاميركية وروسيا هم أكبر مصدري السلاح إلى أفريقيا، وإن حصة الصين في سوق السلاح في أفريقيا لا تتجاوز الـ8 بالمائة، مكررا بعدم جدوى الضغوط والتهديدات، وبضرورة احترام المجتمع الدولي سيادة السودان، والسعي لإيجاد الظروف الملائمة لبناء الثقة معه لإعادة إحياء العملية السياسية في ''دارفور''· في حديثه أمام النواب، لم يتردد المبعوث الصيني الخاص من أن يعلن وللمرة الأولى أيضا أن ''بلاده تسعى لإشراك كافة القوى السياسية السودانية لتحقيق إجماع السودانيين يمهد لحل سلمي في ''دارفور''، وهذه خطوة سياسية متقدمة كانت حتى الأمس القريب تتفادى الصين القرب منها، فطوال سنوات الحرب والمعارضة -وحتى بعد نيفاشا- كانت الصين حريصة ألا تقترب أو تدع المعارضة السودانية تقترب منها محكومة بالحلف القائم بينها وبين حكومة الإنقاذ! ثمة تطورات في هذا الصدد تجري على مهل وبهدوء -كعادة الصينيين-، فالصين التي ترسخت أقدامها في السودان، تدرك أنها لكي تحتفظ بمكانتها القديمة في قلوب السودانيين -مكانة أسست لها منذ خمسينيات القرن الماضي وكانت جمعية الصداقة السودانية الصينية أول جمعية من نوعها أنشئت في السودان- فإن عليها أن تنشط في دور ''الصديق الناصح '' لحليفها حزب المؤتمر الوطني، وأن تبدي قدرا أكبر من الاحترام والفهم لوجهة نظر كافة القوى السياسية الأخرى، وأن تساعد كما تقول دائما بالنصح وبالدبلوماسية البناءة في إقناع حليفها بالآثار السلبية التي تعود على السودان من عزلته الداخلية والخارجية· وقد اعتبر كثير من المراقبين اللقاء الذي تم مع رئيس حركة ''المهجرين من سد مروي'' علي خليفة في مباني البرلمان البريطاني -وهي حركة تعتبرها الحكومة السودانية معادية لها- بادرة تشير إلى تغيير ما في سياسة بكين تجاه النشطاء المعارضين لسياستها، فالمبعوث الصيني عندما التقى رئيس حركة المهجرين، كان يعرف دون شك أن هذا اللقاء سينشر ويذاع، وأن الناشط السوداني سيذيع على العالم ما قاله في لقائهما المغلق، فقال: ''لقد طالبت المبعوث الصيني ضرورة أن تتبنى بلاده منهجا جديدا في التعامل مع القضايا السودانية يضمن مشاركة القوى السياسية المختلفة، ومنظمات المجتمع المدني في حل القضايا السودانية وخاصة دارفور''! وذلك فيما يبدو ليس مطلب ''مهجري سد مروي'' وحدهم ولكنه مطلب قومي سوداني· هذه المرة جاء المبعوث الصيني الخاص لزيارة السودان عن طريق لندن وهو طريق طويل، لكن الصينيين يقولون إن رحلة الألف ميل تبدأ بالخطوة الأولى··· ربما· عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©