الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

فيء الكلام

25 يناير 2007 00:54
التواصل الثقافي.. يشكل التواصل الثقافي بين الشعوب احدى الضرورات المهمة التي يجب أن تحدث خاصة في زماننا الذي أخذت فيه الحواجز تسقط بفضل الانفتاح الاقتصادي والإعلامي الضخم الذي يشهده العالم، حيث بات الانتقال من أقصى الأرض إلى أقصاها أمراً سهلاً ولا يشكل أعجوبة أو خرافة·· ولم يعد لمعنى الانغلاق على الذات ـ أي ذات الشعب أو الأمة ـ جدوى فالاختراق قد تم بالنسبة لحواجز الايدولوجيا والمسافة والزمن، ومحاولات إبقاء الحفاظ على الإرث السكاني فعالاً من الأمور الصعبة جدا، بل معضلة من معضلات العصر الحديث· لكن في ظل هذا الانفتاح الضخم بالنسبة للشعوب على بعضها البعض نكون بحاجة إلى صياغة فهم متجاوز لما تطرحه السياسة على خريطة العالم من تكريس الفرقة الروحية بين الشعوب من خلال تمييز الشعوب بناء على الايدولوجيا وخاصة الدينية منها، هذه النعرة التي تمعن في تفريق الشعوب، حتى إننا أصبحنا نرى إمكانية القتل من أسهل الأمور التي يقوم بها هؤلاء الذين انطوت عليهم خدعة القتل المبرر الذي روج له المتعطشون إلى رؤية العالم وهو يحترق، والموت وهو يحصد البشر كل يوم· وذلك بدل العمل على التقريب بين الشعوب لأن يعيشوا في سلام وقبول الجميع لبعضهم البعض، وأن يكرس الجمال ليكون الحاضر على الدوام في منطق التواصل وليس القبح الذي يتمثل في التعصب والتشدد والإصرار على الرؤية الواحدة والرأي الواحد، وكأن هذه الأرض الشاسعة ملك لفئة واحدة من البشر، لها الحق أن تقرر ماهو الصواب وما هو الخطأ، وكأن العقول عليها أن تنصت لخطب العته في هذا العالم، خطب تأتي من الشعوب أو من الحكومات أو من الأفراد، خطب تكرس ماذا عليك أن تتكلم ومن تحب ومن تصدق وماذا تأكل وماذا تلبس!· فيما الأرض كلها براح للإنسان أن يعيش عليها بسلام ويتواصل بحب ويغني بفرح ويرقص بفرح، أن يغني ما يجعل القلوب ترق والروح تسرح في فضاء الخالق·· أن يرقص على العشب وعلى الماء وفي الهواء·· أن ينتقل براً وبحراً وجواً·· أن يتكلم الكلام الجميل، النبيل، الحنون، الرقيق، المحب والصافي·· أن يسمع ما يريح الأذن، أن ينصت للهواء وهو يداعب الماء·· وهو يداعب الشجر وأطراف الوردة وشعر الحبيبة، أن ينصت لموسيقى الطير وتغريد البلبل وغناء الكناري·· أن يجعل العين تحدق في الوجوه بلطف ولا تنكسر، تحدق في الألوان وتنتشي، تحدق في الرسم في مشهد الحديقة·· في مشهد السماء بنجومها وقمرها بشمسها وغيومها·· تحدق في امتداد البحر وهطول المطر، في مشهد الأطفال وهُم يرقصون قرب الموج وقرب النار، قرب البراءة وفي روح المحبة· ومن منطق الجمال هذا، نحن هنا في حاجة دائمة إلى التواصل الثقافي مع من نعيش معهم على هذه الأرض، أن يعرفونا ونعرفهم، أن تكون علاقتنا معهم مبنية على الوعي الجمالي وليس كما هو حاصل الآن، حيث كل ما يجمعنا مع المئات من الثقافات التي تعيش بيننا هو منطق '' الماركت'' منطق ثقافة الاستهلاك التي لا تكرس سوى الاحترام المبني على المصلحة المالية، وليس الاحترام المفروض أن يكون، وهو المبني على التقدير الجمالي والمنجز الإبداعي الفكري والإنساني، الذي اعتقد بأن هناك تقصيراً من جانبنا كي نوصله على الأقل للغات والثقافات التي تعيش بيننا· ولقد كان هذا التقصير واضحاً في ''الملتقى الثقافي العربي الهندي'' الأخير الذي نظمه اتحاد كتاب وأدباء الإمارات (كبادرة مميزة تحسب للاتحاد)، حيث كانت الرغبة كبيرة من الهنود في أن يعرفونا ثقافياً، أن يتعرفوا إلى المنجز الإبداعي الجمالي الإماراتي على وجه الخصوص، وغابت من جانبنا الجدية في التعاطي مع هذا الحدث· وفي الاعتقاد بأن الكثير من الجاليات تريد ان تتواصل مع المنجز الإبداعي الجمالي المحلي لكن الجهات الرسمية لا تمد اليد ولا تبادر· سعد جمعة saadjumah@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©