الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جيل التأسيس.. والإدهاش

جيل التأسيس.. والإدهاش
12 أكتوبر 2011 20:43
منذ أن انطلقت في دورتها التحضيرية (10 إبريل 2001) ومسابقة أفلام من الإمارات تغذ الخطى نحو الثبات والمزيد من الإبداع والمواجهة، بل والتوسع في الرؤيا باتجاه صناعة فيلم إماراتي روائي متكامل. لقد سجّلت المسابقة وحققت عبر عقد من عمرها المديد، وهي تتشبث بقوة بفكرة “المحلّية”، منجزات عديدة، ربما يكون من أهمها وضع الفنان المحلّي على خارطة المنافسة، وبخاصة بعد أن دخلت برامج ومشاريع “مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي” وذلك بدءا من دورتها الثامنة، حينما كان المهرجان وفي دورته الثانية يحمل اسم مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدّولي، إضافة إلى أحد أهم أهدافها المتمثل في تشجيع إنتاج أفلام السينمائيين الإماراتيين ودفعهم نحو القفزة المنتظرة بخلق سينما المستقبل من خلال أفلام إماراتية خالصة، تصنعها وتبنيها أيد محلية. أما الصورة الأولى للمسابقة بعد أن دخلت إطار فعاليات المهرجان، فكانت صورة مشرقة وان شابها بعض الظلال بسبب خطورة التحدي والمواجهة مع العديد من التجارب السينمائية الكبيرة على المستوى الإقليمي على الأقل، ومع ذلك اجتازت هذه التظاهرة السينمائية التي استحوذت على اهتمام إعلامي ونقدي كبيرين.. اجتازت الحدث وخرج بعض أفلامها بجوائز، وبرزت أسماء إماراتية عديدة من مخرجين وكتّاب سيناريو وفنيين، وحتى فئة العاملين في الأفلام الطلابية القصيرة وجدوا فرصتهم في المهرجان الذي شكّل بالنسبة إليهم نافذة مشرعة على التجريب والعمل لتحقيق ما يصبون إليه من أحلام في سماء الفن السابع الذي يشكل ثقافة جماهيرية وسلاحا قويا للتعبير عن قضايا الإنسان والمجتمعات بمجملها. ولا ننسى أن نضيف هنا، أن المسابقة كانت أول مبادرة إماراتية نحو رؤية جديدة لصناعة الفيلم المحلي، حتى قبيل انطلاق المهرجان، كان هذا الحدث رائجا على مستوى الأفلام، ومشاركة نخبة من مخرجي دول مجلس التعاون الخليجي في المنافسات، إلى جانب إصدار العديد من الكتب الخاصة بالثقافة السينمائية تحت مفهوم كراسات السينما، بل كان لها وجه دولي من خلال جذب عدد كبير من الأفلام الدولية والشخصيات المؤثرة ذات الصلة بسينما العالم. ومن ثم، وهذا مهم، ظهور العديد من الأسماء النسائية في مجال التمثيل والإخراج، وبروز حالة سينمائية جديدة سمتها الحميمية في كل شيء، ومن ثم تقدمها بقوة وثبات نحو إخراج الأفلام الروائية الطويلة، ومن مخرجيها الذين حققوا الجوائز والنجاح في هذا المجال كل من هاني الشيباني ونواف الجناحي وسعيد سالمين وغيرهم. صحيح إن المسابقة بعد دخولها المهرجان عاشت “إشكالية” مع وضد، فقد بارك البعض هذه الخطوة واعتبر أن المهرجان هو المفتاح الأصلي لدخول المسابقة إلى بوابات الاحتراف والمهرجانات العالمية، وعالم الجوائز المتسعة نوعا وشكلا وقيمة، بالإضافة إلى ما يحققه المهرجان للمسابقة والمشاركين فيها من فرص جديدة في التعامل مع المهنة من خلال المنح السينمائية التي تفتح المجال للبحث والدراسة والتعلم. ومن ذلك وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد بدأ عدد من الممثلين المحليين يضعون من خلال منافسات المهرجان أقدامهم بثبات على أرضية الجوائز الكبيرة، وإذا عدنا إلى بدايات المهرجان سنجد أن ممثلا مثل خليفة سالم بن هاشل الطنيجي ذي السبعة عشر عاما قد حاز على جائزة أفضل ممثل في الدورة الثانية من المهرجان عن دوره في فيلم “رأس حربة” للمخرج فاضل المهيري حيث نال الفيلم أيضا جائزة لجنة التحكيم الخاصة للفيلم الخليجي القصير مناصفة مع فيلم “سنوات الضياع” للمخرج المتميز عبد الرحمن الخليفي، وذلك مؤشر واضح على حضور الفنان الإماراتي في المجال التنافسي على المستوى الخليجي. وإذا عدنا قليلا إلى الدورة الماضية من المهرجان سنجد أن سجل جوائزها حافل بالأسماء الإماراتية، ومن ذلك ما حققه المخرج أحمد زين عن فيلمه “غيمة شروق” حيث نال الجائزة الأولى لأفضل فيلم روائي قصير. وما حققه المخرج فاضل المهيري عن فيلمه “حارس الليل” حيث نال الجائزة الثالثة لأفضل فيلم روائي قصير. وهناك أسماء كثيرة برزت بوجه احترافي ونالت جوائز نوعية في تلك الدورة ومنهم: حفصة المطوع، شما أبو نوار، عيسى الجناحي، هادي شعيب، رولا شماس، وغيرهم. بموازاة ذلك اعتبر البعض أن دخول المسابقة إلى أروقة المهرجان أفقدها بعض مميزاتها، وجعل منها جزءا يسيرا من هذا الحدث الضخم الذي أصبح عبر خمس سنوات حدثا عالميا يتمتع بسمعة طيبة وحضورا مميزا على خارطة المهرجانات السينمائية الكبيرة. وتوهم البعض أن المسابقة بدخولها المهرجان أصبحت تعيش (ذوبانا بطيئا)، وهذا الوهم في تقديري يبقى وهما، لأن الشواهد تعكس صورا ايجابية عديدة تؤكد أن المسابقة تعيش أفضل حالاتها، وأنها تتطور مع تطور الحدث المهرجاني، ويضاف إليها في كل دورة المزيد من النشاطات وورش العمل والاحتفاليات السينمائية التي تتفق وإيقاعها المحلي بثوب مزركش بإيقاعات عالمية من جهة الاحتراف والصقل في الصورة السينمائية، بمعنى أن المسابقة ما زالت محافظة على شكلها ولونها وإطارها وان دخولها معترك التنافس في مهرجان له صبغة إماراتية شرقية وإنسانية بالدرجة الأولى لن يلغي وجودها أو يدفعها إلى الوراء خطوات نحو التهميش والذوبان ومن ثم التبعية، والوقوف عند حدود حمراء لا يمكن تخطّيها كما يتصور البعض ممن يعتقدون أن الحميمية التي صنعتها المسابقة عبر سنوات من الجهود والتعب والكّد اليومي، قد صارت أرقاما على لائحة عروض الأفلام التي تتوارد للمهرجان من كل حدب وصوب. أما صورة مسابقة أفلام من الإمارات في الدورة الخامسة من المهرجان، فهي صورة أنيقة مصقولة، ومتنوعة وكادرها غني بعناصر المشاهدة، وممتلئ بالوجوه والأصوات والأفلام والرؤى النافذة إلى عمق المجتمع، ففي مسابقة الأفلام الروائية القصيرة الأولى في المهرجان تعرض المسابقة 6 أفلام يعود في أحدها المخرج احمد زين الذي عرف عنه ميله الشديد لمعالجة المواضيع المحلية والبحث عن جمهور للأفلام قبل البحث عن الجوائز، ويعود بفيلم قصير جديد له بعنوان “عتمة”، وكان شارك به في وقت سابق في مهرجان كازان الدولي للسينما الإسلامية، وحاز الفيلم على إعجاب شديد من جانب الجمهور التتري، ويحكي الفيلم معاناة ساعي بريد يشعر بالتهميش وانقراض مهنته بموازاة هجمة شبكات التواصل الالكتروني. بقي أن نشير أن فيلم “عتمة” له سجل حافل من المشاركات المهرجانية، فقد شارك من قبل في الدورة الأخيرة من مهرجان دبي السينمائي، كما شارك في إحدى دورات مهرجان الخليج السينمائي. من الوجوه الأخرى لصورة المسابقة في المهرجان منافسات الأفلام الروائية القصيرة الثانية وتتضمن 6 أفلام هي: خيارات، رنين، تلفوني، ريح، الخليج حبيبي، أحلام بالأرز، والفيلم الأخير من إخراج ياسر النيادي وهناء الشاطري، وقد تم تصوير مناظر الفيلم في أماكن مختلفة من مدينة العين، ويضم نجوما من المسرح والتلفزيون أمثال هدى الغانم ومنصور الفيلي وسلامة المزروعي وخالد النعيمي وهند الباز وعبدالله الحميري. ومن المهم الإشارة هنا إلى أن مثل هذه النوعية من الأفلام التي تمتاز بتأثيراتها المحلية والشرقية قد أسهم في تشجيع عدد من الفنانين المحليين على فهم أسرار العملية الإنتاجية للدراما وبخاصة التلفزيونية ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: سميرة أحمد واحمد الجسمي وسلطان النيادي. كما تشتمل المسابقة على عروض الأفلام الوثائقية القصيرة في برنامج ينطلق السبت 15 أكتوبر الجاري ويحمل 4 أفلام هي: ثيران الصحراء، أبناء الشمس، فوتون، عيال الصقور ما تبور، والأخير من إخراج منصور الظاهري ومدته 42 دقيقة. وتحوي عروض الأفلام الوثائقية القصيرة 5 أفلام هي: أقرب، ليلة عمر، طائرة ورقية، صرخة أم، رسائل إلى فلسطين، والأخير من نوع الوثائقي الروائي من إخراج راشد المري وإنتاج الإماراتية الشابة بثينة كاظم، وعرض ضمن منافسات مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته الأخيرة، كما شارك بدعم من لجنة أبوظبي للأفلام في مهرجان برلين السينمائي الدولي في شهر فبراير الماضي. وفي حوار سابق معها أجرته “الاتحاد” حول الفيلم قالت منتجته: “سبقت الفكرة اختيار طبيعة التمثيل، تمّت بلورة الفكرة بداية ومن ثم البحث عن الأفضل لتكوينها وإيصالها للجمهور. فلهذه القضية، أهمية في قلوب العالم العربي ولكن أحببت تظهيرها على لسان الناس، فجاءت فكرة إيصال الرسائل إلى داخل فلسطين من باب صعوبة دخول العرب إلى فلسطين وخصوصاً إلى المناطق المحتلة. وتم إنتاج المشروع بفضل مبادرات الناس أنفسهم، فلهم الفضل الأساسي في عملية الإنتاج بالإضافة إلى جهتين هما المخرج راشد المري في الجانب التقني الفني الإبداعي و”مؤسسة زيارة” التي ساعدتنا على إيصال الرسائل. وقد ساعدتنا كلية التقنية العليا بالأدوات التي احتجناها للعمل، وبالفعل شاركوا معنا إيمانا منهم في إيصال رسائلهم إلى فلسطين”. وقد شارك في الفيلم نحو 22 شخصاً من 7 دول عربية هي السعودية والعراق ومصر ولبنان وفلسطين والإمارات. ولا نغفل ما خصصته مسابقة أفلام من الإمارات للطلاب من أفلام وثائقية قصيرة تشتمل على 5 أفلام، تفتح مجالات ونوافذ مشرعة لمزيد من التدرب والاطلاع واختبار القدرات لتأسيس الجيل الثاني الجديد من السينمائيين الإماراتيين عبر رؤية ممتدة نحو ثقافة تقف بموازاة ما تشهده الدولة من تطور متسارع في مختلف المجالات. ورغم كل ما قيل ويقال عن مسابقة أفلام من الإمارات، ورغم الإشكاليات التي تحيط بها كأي جهد ناجح ومتفرد، فمن الواضح أن خريطة برنامجها هذا العام غنية بالأفلام وغنية بالوجوه القديمة التي تعرف طبيعة المهرجان وخصائصه وظروفه ومستوى المنافسات فيه، ووجوه جديدة تستقبل الحدث بروح الشغف والدهشة وحب الاطلاع واكتساب الخبرة والمهارات، لكن ما يتبقى من كل ذلك ما إشاعته هذه المسابقة من روح وثابة وخلق فني نحو صناعة سينما مستقبلية ذات روح محلية أصيلة بمواصفات عالمية، فيما تظل المسابقة بمجملها محورا مهما من محاور المهرجان المخصص لكل الأجيال السينمائية. مخرجات إماراتيات واعدات وفي برنامج الأفلام الروائية القصيرة للطلاب تعرض المسابقة 14 فيلما متنوعا، تفرز ظاهرة جميلة ومهمة وتتمثل في مشاركة نخبة من المخرجات الإماراتيات الصاعدات من بينهن المخرجة سلمى سري بفيلم بعنوان “عشاء” ومدته 5 دقائق، ولها فيلم آخر بعنوان “فوتوجنك”، والمخرجة فاطمة السويدي بفيلمها “الينبوع الصافي”، والمخرجة مها دحلان بفيلمها “جراندي”، وفيلم “سوبر قمبوعة” لمخرجته عائشة الحمادي، وفيلم “الخيال” للعنود آل علي. هذا الحضور النسائي في المهرجان مضافا إليه الأفلام الكثيرة التي تقوم على إخراجها نساء، يفضي إلى مبادرة تخصيص جانب لمنافسات سينما المرأة التي تحتل اليوم مكانة كبيرة في السينما العربية والعالمية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©