الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تجليات العجائبي

تجليات العجائبي
12 أكتوبر 2011 20:42
على الرغم من انتشار مصطلح العجائبي في السنوات الأخيرة بصورة واسعة، بوصفه جنسا أدبيا يملك من المقومات النظرية، ومن التمثلات والتراكم النصي ما يجعله أدبا مستقلا بذاته، فما زال تعريف هذا الأدب ناقصا لم يكتمل وحدوده غير معروفة نظرا لتداخله مع مصطلحات أخرى مثل العجيب والغريب. لذلك وأمام تعدد المكونات النظرية الخاصة به يحاول الباحث حسين علام مقاربة هذا المفهوم والاشتغال على أشكال تجليه في النص الأدبي مستعينا بتزفيتيان تودوروف كونه واحدا من النقاد البنيوين المهمين الذين يمكن أن يساعدوه في تحليل الخطاب الروائي، وإبراز مظاهر العجائبي فيه. ومنذ البداية يطرح الباحث سؤالا مركزيا يتعلق بحقيقة هذا الأدب من حيث كونه جنسا أدبيا، أو طريقة في الحكي، ثم يجيب عن ذلك معتبرا أن هذا الأدب هو نوع من الخطاب الأدبي الذي ساد في القرن الثامن عشر، وكان يتنافذ مع الحكاية الدينية العجائبية ومع أدب الخيال العلمي. تجليات العجائبي إن انتماء الرواية إلى العجائبي تتأتى من كيفية تجليه في النص، ما يستدعي البحث في المفهوم الأدبي للعجائبي من قبل الباحث بوصف هذا العجائبي بنية بلاغية تصنع لغة النص وتتراءى فيه باعتباره مظهرا تركيبيا، الأمر الذي يجعله يعمل على الكشف عن العجائبي في الرواية من خلال تحديد العجائبي عبر مقارنته مع مفهوم مجاور له هو العجيب نظرا للتشابه في الوظائف، لقد عمل على عرض هذه المفاهيم كما شاعت في الغرب وتحديد الآثار العالمية الممثلة لذلك الجنس بوصفه رؤية للوجود وليس باعتباره وظيفة جمالية. كذلك حاول الكشف عنه في الثقافة العربية التي شكل فيها العجائبي الديني الشعبي رافدين للعجائبي في العصر الحديث بصورة أصبح فيها عند الروائيين العرب الجدد وسيلة للتعبير عن هموم المجتمع الحديث. ويبيِّن الباحث أن انتماء الرواية إلى العجائبي تأتي من كيفية تجليه في النص، ما يستدعي منه البحث في المفهوم الأدبي للعجائبي بوصفه بنية بلاغية تصنع لغة النص وتتراءى فيه، باعتباره مظهرا تركيبيا، فيعمل على الكشف عن العجائبي في الرواية من خلال تحديد العجائبي من خلال مقارنته مع مفهوم مجاور له هو العجيب نظرا للتشابه في الوظائف بينهما. وقد لجأ إلى عرض هذه المفاهيم في الغرب كما تجلت في أهم الآثار الأدبية الممثلة لهذا الجنس بوصفه يقدم رؤية للوجود، وليس باعتباره وظيفة جمالية. كما يعرض له في الثقافة العربية التي شكل فيها العجيب الديني والشعبي رافدين للعجائبي في العصر الحديث بصورة أصبح فيها عند الروائيين العرب الجدد وسيلة للتعبير عن هموم المجتمع العربي الحديث. مفاهيم وعلاقات إن تلازم العجائبي مع الأدب يستدعي تحديد المفهوم الأدبي للعجائبي من قبل الباحث الذي يصفه بأنه سمة من سمات الملفوظ القصصي، وبأنه خطاب بلاغي يستعمله السارد لأغراض جمالية خالصة، تستجيب لتطلعات وأفق انتظار القارئ. في حين تتمثل إشكالية ترجمة المصطلح الغربي إلى العربية التي لم تزل ماثلة حتى الآن في لجؤ المترجم العربي إما الترجمة الحرفية للمصطلح ، أو مقاربته للمعنى، أو الاعتماد على ما هو أدبي أو فلسفي في عملية الترجمة. وبعد الانتهاء من الجانب النظري في مقاربة المفهوم وتحديد إشكالياته ينتقل إلى الدراسة التطبيقية في القسم الثاني من الكتاب، فيستهله بالبحث في تجليات العجائبي في النص السردي متخذا من رواية “ليلة القدر” للطاهر بن جلون مادة للدرس الذي يتناول بالتحليل بنية الأحداث والعوامل والفضاء المكاني، والخطاب على مستوى الرؤية والصيغة والأسلوب وزمن السرد، كاشفا عن عن الصعوبة الكبيرة التي تواجهها الدراسة على مستوى التأويل، والغموض الإشكالي عند القارئ. كذلك يبحث في العلاقات التي تنشأ بين الشخصيات العجائبية، بعد التعرف إلى تلك الشخصيات وعلاقاتها الممكنة، معتمدا على النموذج الثلاثي للعلاقات باعتباره نموذجا وصفيا بساهم في الدخول إلى عالم الشخصيات على أسس منهجية. وتتمثل تلك العلاقات في علاقات الرغبة وعلاقات التواصل وعلاقات الصراع. ولا يكتفي الباحث بتحديدها بل هو يقوم بدراستها على مستوى علاقات شخصيات الرواية، كاشفا عن دلالاتها، وما ينتج عنها ضمن بنية الحكي، معتمدا في تحديد هوية تلك الشخصيات على مصادر إخبارية ثلاثة، هي ما تخبر به الرواية، وما تخبر به الشخصيات ذاتها، وما يستنتجه القارئ من أخبار عن طريق شخصيات الرواية . لكن تلك الشخصيات لا يمكن أن تتحرك إلا في زمان ومكان محددين، الأمر الذي يستدعي منه البحث في دور كل منهما في الرواية العجائبية ومظاهر تجليهما، من حيث دلالاته ووظيفته، بدءا بالفضاء المكاني الذي هو فضاء لغوي محض يشكل مكونا من مكونات السرد تتمثل مهمته في التنظيم الدرامي للأحداث وفي تطوير عقدة الرواية، بحيث يمكن أن يتحول إلى عنصر فاعل في مغامرة السرد الحكائي ومحفز للشخصيات على القيام بالأحداث وعلى الفعل القصصي، فيما يتخذ الفضاء العجائبي صفات توائم طبيعته المرعبة أو المعجزة، التي تخضع لرؤية الراوي للوجود حيث يمكن استقصاؤه والبحث عن دلالات اللغة التي كونته كما يتمثل في الظهورات والهواجس والاستيهامات والصور والمواقف والأحداث فوق الطبيعية التي تحتاج إلى أمكنة تواءم طبيعwته المرعبة أو المثيرة للتساؤل أو التردد. وتتوزع تلك الفضاءات على الفضاء المغلق كالدروب والبيوت التي تدل على النفي والعزلة، والسجن في حين تظهر الأماكن المفتوحة في صور المقبرة والسطوح والبحر . ترتبط حركة الشخصيات في الرواية العجائبية بطبيعة المكان الذي تتحرك فيه فهي في الأماكن المغلقة تكون محدودة وينجم عن عدم تكيفها معها شعور بالخوف والرهبة. أما على مستوى الزمن الذي يعتمد في تحديده على تقسيم تودوروف الثلاثي فإنه يخضع على مستوى زمن القصة بالضرورة إلى التتابع المنطقي للأحداث ، في حين أن زمن السرد يتفلت من هذ الترابط ولذلك يقارب الكيفية التي يتجسد فيها العجائبي في الزمن الذي لا يمكن قياسه إلا بالزمن فوق الطبيعي الذي يحاول الباحث الكشف عن كيفية جعله دالا على الحاضر وكيفية تحقق العجائبي من خلال راهنية فعل القراءة. ومن الموضات الهامة في هذه الدراسة موضوع الجسد في الرواية العجائبية بعد عرض نظري يتناول مفهومات الجسد ومعناه على مستوى وجود الإنسان. وصولا إلى تحديد مفهوم الجسد العجائبي من خلال ما يتسم به من تحول ومسخ في تلك الرواية وعبر المزج بين ما جسدي وبين أجواء ما هو مقدس . ويجمل الباحث في خاتمة الكتاب المحاور التي سارت فيها الدراسة والنتائج التي خلصت إليها وحاولت من خلالها التأكيد على الاشتغال الخطابي للعجائبي بحيث يقوم العالم التخييلي لتلك الرواية بالكشف عن مكوناته بعيدا عن الأحكام المطلقة لكي تظل الرواية هي هدف الإجراء النقدي في هذا البحث. الكتاب: العجائبي في الأدب من منظور شعرية السرد المؤلف: حسين علام الناشر: منشورات الاختلاف والدار العربية للعلوم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©