الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السودان والثورة على «الإخوان»

7 أكتوبر 2013 22:00
عند كتابة هذا المقال كان السودان العزيز يخوض إحدى معاركه التي لم تتوقف إلا لفترة وجيزة ضد نظام «الإخوان المسلمين» المتسلط الذي ظل الشعب السوداني يذوق المر من سياساته الرعناء التي أورثت الوطن مقاطعة دول العالم للحكومة وعزلته عن المجتمع الدولي وظل اسمه مرتبطاً في نظر العالم من حولنا وآخرهم الأشقاء في العالم العربي بالإرهاب الدولي وبالتطرف وإبادة أبناء جلدته في دارفور والشرق... تلك السياسات التي أورثت السودانيين الفقر والمجاعات حتى أصبح السودان في مقدمة الدول الأفقر في العالم وعلى مستوى القارة الأفريقية. هذا الوطن الذي يتعرض شعبه للمجاعات والأوبئة وتخلف البيئة هو من أغنى بلاد الله بثرواته الطبيعية المخزونة وأراضيه الزراعية الشاسعة وثرواته الحيوانية. وكنت قد أجّلت كتابة المقال حتى أستمع لخطاب البشير الذي وعدت أجهزة الإعلام الحكومية والموالية أنه سيأتي بفتح مبين وسيعلن «خطته الملهمة» لإنقاذ البلاد والعباد من الكارثة والانهيار المالي والاقتصادي. وكنت أعلم أن الرئيس لن يأتي بجديد في بيانه الذي بشّرنا به... فقرار رفع أسعار السلع الضرورية قد أصبح التزاماً على حكومة «الإخوان» وفق موافقتها على وصفة البنك وصندوق النقد الدوليين المعروفة والمجربة والتي لم تنقذ أية دولة جرّبته بل زادت أعباء ديونها وفاقمت من أوضاعها المالية والاقتصادية. ولم يخيب البشير ظني فجاء خطابه ضرباً من ضروب التحايل السياسي والافتراء على الحق وهروباً من الواقع المتردي الذي لا يحتاج إلى شرح أو تفسير يوضحه للشعب الذي يعيش هذا الواقع الأليم في حياته اليومية. لكن من أخطاء الإعلام أنه اعتبر أن هذه الانتفاضة الشعبية الكاسحة التي امتدت شرارتها من وسط السودان (مدينة واد مدني) إلى بورتسودان عاصمة الشرق إلى نيالا درة الغرب إلى الخرطوم المثلثة العاصمة القومية، والتي أشعلها طلاب المدارس والجامعات، جاءت كرد فعل على زيادة أسعار السلع الضرورية! إن هذه الانتفاضة كانت أسبابها تتراكم كل يوم وظروفها تتهيأ إثر كل قرار خاطئ تتخذه الحكومة أو قرار صائب ترفض اتخاذه معاندة للمعارضة التي تمثل قلب الشعب السوداني. إن هذه الهبة الشجاعة التي مهرها بالدم الغالي نحو 300 شاب وشابة، هي انتفاضة شعبية واعدة ضد سياسات ونظام تحالف «الإخوان» والعسكر والرأسمالية الطفيلية الذي يتستر خلف عباءة الدين الحنيف، فيشوه الدين الحنيف ويحمّله أوزار قوم هدفهم في الحياة الدنيا المال والسلطة ولا يهمهم من أي مصدر جاءت الثروة ومن أي طريق تسلقوا السلطة. وهم عندما يقولون إنهم جاءوا إلى الحكم باعتبار أن الحكم عبادة مفروضة على المؤمنين لا يدري المرء على من يتصورون أنهم يكذبون على الله سبحانه وتعالى وهو علاّم القلوب أم على الشعب الذي يمارسون فيه هذه العبادة! ولم يأت خطاب البشير بجديد، سوى أنه كرر مقولته الاستفزازية وهي أن الحكومة لن تتراجع عن قرارها حول دعم السلع، وأنها لن ترضخ لضغوط الجماعات التخريبية والخونة. فقط كان الجديد الذي جاء فيه أن الحكومة ستجري «تحقيقاً محايداً ونزيها» للتحري عمن أطلق النار وقتل المتظاهرين الأبرياء، وعن المخربين الذين اعتدوا على الممتلكات العامة والخاصة في يومي الانتفاضة الأولين. لكن الناس في السودان يتعلمون من تجاربهم المريرة مع هذا النظام مصير «لجان التحري النزيهة والمحايدة» التي يسارع بتشكيلها متى ما وقع في جريمة بشعة مفضوحة داخلياً وعالمياً، ويورط فيها أشخاصاً طيبين يظلون بعد ذلك محل غضب الشعب ويفقدون الاحترام الذي كانوا يحظون بهم وسط الناس. لقد حدد الحزب الحاكم (حزب المؤتمر الوطني) أنه سينزل شبابه المسلح للتصدي لمؤامرة التخريب والخيانة. وهو بذلك يخوف بعض القلوب الواجفة. واليوم أصبح ما كان بالأمس سراً يدور في أروقة حركة «الإخوان» أصبح أمراً معلوماً مذاعاً ومنشوراً بأسماء القيادة والشباب الذين نددوا بسلوك الحكومة ومعالجتها لمطالب الشعب وقتلها النفس البريئة بغير حق، وذهب تنظيم «السائحون»، وهو شريحة من شرائح المعارضة الداخلية في حركة «الإخوان»، إلى توجيه الدعوة للطلاب والشباب باستمرار التظاهرات والاحتجاجات والدعوة لتنحي البشير وحكومته عن السلطة وتشكيل حكومة انتقالية قومية تشترك فيها جميع القوى السياسية وتجرى انتخابات رئاسة وبرلمانية. هذه الدعوة من تنظيم «السائحون» جاءت متزامنة مع حديث أذاعته البي. بي. سي للقيادي في الحركة الدكتور غازي صلاح الدين، المرشح المنافس للشيخ علي عثمان في انتخابات رئاسة تنظيم «الإخوان». إن الأحوال تزداد كل صباح تدهوراً وتضيق الحلقة على البشير والستة الذين يحيطون به ويديرون شؤون الدولة والحزب. عبدالله عبيد حسن كاتب سوداني مقيم في كندا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©