الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

هل كانت إسرائيل لتقوم لو بقي روزفلت حيــّاً؟!

24 يناير 2007 02:11
الاتحاد - خاص: ''فرنكلين روزفلت''، الرئيس الأميركي الذي انتُخِب 4 مرات والذي كان من أبرز قادة القرن العشرين، لم يكن يلمّ البتة بالملف الفلسطيني· وضع مشروعاً بقيمة 300 مليون دولار لنقل الفلسطينيين إلى بلدان مجاورة، فالمسألة لا تتطلب سوى حفر بعض الآبار· مشروع طريف بالتأكيد، إلى أن كان اللقاء الشهير على متن طراد في قناة السويس بين الرئيس ''روزفلت'' ومؤسِّس المملكة العربية السعوديّة الملك ''عبدالعزيز آل سعود'' الذي أحدث تغييراً جذرياً في تفكير محادثه وحصل منه على تعهّدين أساسيين· وكان يمكن للدولة العبرية ألا تقوم لو لم توافِ المنية الرئيس الأميركي المشلول بعد أسابيع· باحث أميركي قال ذلك أخيراً، وكان قد سبقه إلى ذلك المؤرخ المقدسي ''وليد الخالدي'' مستنداً إلى وثائق قلما توضع قيد التداول· كل مصائبنا··· تصدر تلك الآراء على شبكة الانترنت ثم تختفي· هل يتم اغتيال الموقع أم اغتيال صاحب الآراء التي تصل إلى حد القول إنّ إنشاء إسرائيل هو بمثابة ''الخطيئة الأصلية الثانية''· وعلى هذا الأساس، فإن اللعنة ستلاحق الغرب، وهو ما يحدث الآن·· الذي قال ذلك، ثم اختفى بعد نحو عشرين يوماً من بدء حملته ''من أجل غسل أيدينا من تلك الخطيئة''، هو الباحث والأكاديمي ''توماس فورد'' الذي يلاحظ أنّ الدولة العبرية ''مسؤولة عن كل مصائبنا في الشرق الأوسط''· ما الحل؟ ''لنرفع أيدينا''· في رأيه انّ إسرائيل لا يمكن أن تبقى ساعة واحدة إذا ما فقدت التغطية الأميركية، ليلاحظ، وفي ظل الوهن الذي تعاني منه تل أبيب، أنّ هذه تحوّلت إلى عالة استراتيجية وأخلاقية بالنسبة إلى الولايات المتحدة، ملقياً اللوم على ''حماقة'' كل من الرئيسين ''فرنكلين روزفلت'' و''هاري ترومان''، وإن كان يستدرك ليلاحظ انّ ''روزفلت'' الذي التقى بالملك ''عبدالعزيز آل سعود'' كان قد بدأ يغيّر رأيه في الوطن القومي لليهود، لكنه قضى سريعاً، ليسأل: ''لو بقي على قيد الحياة، هل كانت قامت إسرائيل؟''· اللهاث الميكيافيلي اللافت هنا أنّ مؤرخاً مقدسياً بارزاً هو ''وليد الخالدي'' كان قد طرح ذلك السؤال، في كتابه ''خمسون عاماً على تقسيم فلسطين ، 1947 ــ ،''1997 وقبل ''فورد'' بثماني سنوات· ''روزفلت'' كان نجم مؤتمر مالطا في فبراير ،1945 مع ''جوزف ستالين'' و''ونستون تشرشل''، وقد قطع نصف المعمورة، وهو يحمل عدة كيلوجرامات من الحديد بسبب إصابته بالشلل، ليشارك في ذلك المؤتمر الخاص بإعادة ترتيب الكرة الأرضية بعدما كانت نتائج الحرب العالمية الثانية قد بدأت تتبلور· إنه الرئيس الوحيد الذي انتخب 4 مرات رئيساً، وكان ككل الرؤساء يلهث ميكيافيلياً وراء الأصوات، فالدخول إلى البيت الأبيض يعني ''الدخول إلى الطبقة العليا من التاريخ''، كما كتب ''جورج ويلز''، ولكن رغم ذلك بنى زعامة مميزة، مستنداً إلى أدائه آبان الحرب، وإلى طريقة تعاطيه مع العالم، ناهيك عن أنه كان يتمتع بشخصية قوية ومؤثرة· مشروع نقل الفلسطينيين الذي أثار ذهول ''الخالدي''، وبعده ''فورد''، هو أن الرجل الذي كان يتابع أدقّ التفاصيل في أرجاء العالم، كان جاهلاً كلياً بالموضوع الفلسطيني، حتى أنّ المؤرخ المقدسي يصفه بـ''الغباء''، فقد تشكّل في ذهنه عام 1938 ذلك المشروع الذي يقضي بنقل السكان العرب من فلسطين إلى خارجها بـ''كلفة'' 300 مليون دولار تقدم الولايات المتحدة ثلثها، فيما تقدم بريطانيا وفرنسا الثلث الثاني، على أن يتكفّل اليهود بالباقي· وفي عام ،1942 قال ''روزفلت'' لوزير خارجيته اليهودي ''هنري مورغنشاو'' انّ القدس ينبغي أن تُحكَم من قبل الكنائس الارثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية، إضافة إلى الكنيس اليهودي، ودون أي ذكر للمسلمين الذين يشكلون غالبية سكان المدينة، وبالتالي فلسطين· الأكثر طرافة أن الرئيس الأميركي اعتبر أنّ كل ما يحتاج إليه الأمر لنقل الفلسطينيين هو حفر بعض الآبار في الدول المجاورة، وأن تتم إقامة سياج لمنع العرب من العودة· وفي عام ،1944 قال ''روزفلت'' لوزير خارجيته ''ســـــــتيتينوس'' انه قد توصل إلى بلورة آراء محددة في شـــــــــأن فلسطين التي يقتــــــــضي أن تكون، حصراً، لليهود وألا يبقى فيها أي عربي (No Arabs should be in it). لقاء مع ''عبدالعزيز'' في هذا الوقت كان ''روزفلت'' بدأ يكتشف أهمية شبه الجزيرة العربية إما بمخزونها النفطي أو بموقعها لجهة إيصال الامدادات الأميركية إلى الجبهة السوفيتية أو إلى جبهة الشرق الأقصى، ليرى في العاهل السعودي الملك ''عبدالعزيز آل سعود'' الشخصية القادرة والنافذة التي يمكن أن يطرح أمامها أفكاره، خصوصاً أن العرب يمتلكون الأراضي الشاسعة التي تستوعب الفلسطينيين· وهكذا استقل الرئيس الأميركي طائرته المعروفة بـ''البقرة المقدّسة''، عقب انتهاء مؤتمر مالطا إلى الشرق الأدنى، ليلتقي الملك ''عبدالعزيز'' في الرابع عشر من فبراير عام ،1945 على متن الطراد كوينسي في البحيرات المرة في قناة السويس· البداية كانت بمحاولة رجل البيت الأبيض إثارة العاطفة لدى العاهل السعودي، مشيراً إلى أنه يشعر بمسؤولية شخصية عما حدث لليهود على يد النازيين· وسأل: ''ماذا تقترح جلالتكم؟''· باقتضاب أتى الجواب: ''أعطهم وذريّتهم أفضل أراضي ومنازل الألمان الذين اضطهدوهم''· وذهل ''روزفلت'' للإجابة، وحاول ثانية، فكان الردّ: ''دع الجاني يدفع الثمن وليس البريء، إذ ما هو الأذى الذي ألحقه العرب بيهود أوروبا؟ ألم يكن المسيحيون الألمان هم الذين استولوا على ممتلكات اليهود وقتلوهم؟ دعهم إذا، يدفعون الثمن''· تعهد ''روزفلت'' لكن ''روزفلت'' تمسك بموقفه إلى أن قال له الملك ''عبدالعزيز'' إن لدى الحلفاء خمسين دولة، فيما فلسطين بلد صغير، قليل المساحة، استوعب حتى الآن أكثر من حصته من اليهود، مؤكداً أن على ''روزفلت'' أن يبادله الصداقة التي يكنّها هو لبلده، فكان أن بادر هذا الأخير إلى إطلاق تعهدين: أولاً، انه شخصياً، وبصفته رئيساً للولايات المتحدة، لن يقدم أبداً على ما من شأنه أن يكون عدائياً حيال العرب، وثانياً، أن حكومة الولايات المتحدة لن تحدث أي تغيير في سياستها الأساسية في فلسطين من دون التشاور الكامل والمسبق مع كل من اليهود والعرب· ''روزفلت'' عاد من لقائه مع العاهل السعودي برأس آخر، كما كتب ''ويلز'' أيضاً، وفي خطابه في الأول من مارس 1945 أمام الكونغرس، خرج عن النص ليقول مرتجلاً: ''أما بالنسبة لشؤون الدول العربية فقد ازداد فهم (Leanned wore) للقضية ككل وللقضية الإسلامية، والقضية اليهودية، خلال خمس دقائق من الحديث مع ''ابن سعود'' مما كنت سأحصل عليه من تبادل دزينتين أو ثلاث من الرسائل''· قشعريرة لدى اليهود ويقول المؤرخ الأميركي الصهيوني ''بيتر غروس'': ''إن هذه العبارات أحدثت قشعريرة لدى الجالية اليهودية وأثارت الحيرة لدى مستشاري البيت الأبيض''· وفي السادس من ابريل، وقّع ''روزفلت'' رسالة إلى الملك السعودي يؤكد فيها، خطياً، التعهدين اللذين قطعهما له· وقد تكون هذه هي الوثيقة الأخيرة التي خرجت من البيت الأبيض، إذ أن الرئيس الأميركي قضى نحبه في الثاني عشر من ابريل· لا أحد تجرّأ حتى الآن على السؤال ما إذا كان ''روزفلت'' الذي كان في الثالثة والستين قد مات ميتة طبيعية، وهو الذي أصيب بالشلل عندما كان في التاسعة والثلاثين، وبعدما كان قد ترشح لمنصب نائب الرئيس في عام ·1920 يقول ''ديفيد نايلز''، وهو من البطانة الصهيونية للرئيس الخلف ''هاري ترومان''، انه كان ثمة شك جدّي في قيام إسرائيل لو بقي ''روزفلت'' على قيد الحياة· صهيوني آخر هو ''صمويل وايتمان'' اعتبر ان رحيل الرئيس الأميركي الثلاثين حدث بـ''معجزة من السماء ولم نكن نتوقعها أبداً'' أورينت برس
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©