الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«تلة الحرية».. شخصيات خرقاء تقترحها الحكمة

«تلة الحرية».. شخصيات خرقاء تقترحها الحكمة
26 أكتوبر 2014 00:20
جهاد هديب (أبوظبي) في إطار مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، جرى عرض فيلم الكوري الجنوبي «تلة الحرية» (66 دقيقة) للمخرج هونج سانج سو. فيلم محوره امرأة غائبة هي «كوون»، غير أن فرط الغياب هذا يجعلها متخيَّلة أيضا لولا بعض الرسائل التي أرسلها العاشق «موري» الذي يكاد يكون افتراضيا بدوره. لعل الميزة الأبرز في هذا الفيلم، أو التمكن الحقيقي من النجاح في بنيته، تكمن في تقديم هونج سانج سو لشخصياته بهذه الطريقة التي تجعل المرء يضحك في حين هو يشفق عليها في الوقت ذاته، وهو ما قدّمه الممثلون بعفوية ودون افتعال. هنا نحن بإزاء «مجتمع» مصغر من الفاشلين، إذا جاز التوصيف، كوري جنوبي وأميركي ثم الياباني «موري» العاطل عن العمل في بلاده والذي جاء إلى سيئول بحثا عن حبّ يفتقده بعدما خسر كل شيء؛ حب تعويضي لامرأة لن يلتقيها هي التي كانت شابة حين كان هنا، في سيئول ذات يوم، وهي الآن مريضة، غادرت منزلها لتلقي العلاج في الجبل. «كوون» في «تلة الحرية»، ليست سوى تلك الممثلة التي تجلس أمام الكاميرا في «حال» من الانكسار والحزن تقرأ الرسائل التي قام بإرسالها «موري»، صديقها الياباني ذات علاقة عابرة، ولا تعرف ما تقول. يقطن «موري» طيلة الفيلم، أو لأسبوعين بحسب السرد السينمائي للفيلم، في نزل تقليدي رخيص قريب إلى المنزل الذي أمضى فيه بعض الوقت مع «كوون»، وكلما سُئل عن سبب قدومه لا يتردد في القول بأنه جاء بحثا عن امرأة، وما إن ينتهي الفيلم حتى يكون أهل الحيّ الشعبي في سيئول قد علموا بحكاية الرجل «العاشق»، الذي جاء من اليابان فقيرا ويبحث عن امرأة لا يصرح باسمها. لعل هونج سانج سو برسمه لهذه الشخصية، أراد أن يجعلها شخصية تبدو على قَدْر من التفاهة؛ أراد أن يجعلها مطرح سخرية، إذ هو لا يحب الكوريين ولا يفضل الحديث عنهم بسبب مجموعة من الأساتذة «الحمقى» الذين كانوا لئيمين معه أثناء ما كان يتعلم اللغة الكورية لكن فشل. في الوقت نفسه لا تخلو شخصية «موري» من البراءة أيضا، فهو تلقائي ومندفع في أجوبته إلى حدّ الحماقة والغباء، لكنه مخلص ودؤوب في البحث عن امرأة تخصّه. أما الشخصيات الأخرى المحيطة به، فهي أشبه بشخصيات محفّزة لبروز «موري» على هذا النحو، فهي شبيهة به لجهة إخفاقها في إقامة صلة منطقية مع المجتمع الأكبر بل تبدو بلهاء إلى حدٍّ ما، إذ إنه فضلا عن الخذلان في الحب أو الاتكالية المفرطة على زوجة أو حبيبة ديناميكية، فلا قضايا أو مشاغل كبرى لدى أي من الشخصيات، بل يبدو «موري» أخرق أكثر كلما تحدث عن كتاب يقرأ فيه، إذ دائما هناك موضوعات غامضة وغريبة «يتبحر» فيها ولا يحسن الحديث حولها إلا بطريقة تثير الضحك والشفقة معا. من جهة فنية أخرى، وربما تكون صلتها بكتابة السيناريو أعمق من صلتها بالإخراج، هي تقنية استخدام الرسائل، فهي لا تصنع توترا دراميا من نوع ما بل انتقالات بين مشهد فآخر على نحو ذكي ومنطقي جدا. يحلم «موري»، في آخر الأمر أو آخر الفيلم، أنه يعود إلى اليابان، هو الذي يفقد رحلة العودة، صحبة «كوون» وقد أنجبا طفلين من ذكر وأنثى، هناك. على هذا النحو يقدم هونج سانج سو شخصياته بقَدْر «جميل» من الحكمة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©