الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استراتيجية «ثلاثية» للتفاوض مع كوريا الشمالية

12 أكتوبر 2011 01:23
فيكتور دي. تشا مستشار بمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية - واشنطن أحدثت التجارب النووية لكوريا الشمالية واستفزازاتها العسكرية في العامين 2009 و2010 وضعاً أخطر من أن يترك دون اهتمام، وعندما سيلتقي أوباما بضيفه رئيس كوريا الجنوبية، لي ميونج-باك، خلال الأسبوع الجاري، فإنه من المرجح أن يطرح موضوع المفاوضات الجديدة بين أميركا وكوريا الشمالية المتوقع انطلاقها خلال هذا الشهر لتكون بذلك أول مفاوضات خلال رئاسة أوباما تهدف إلى احتواء البرنامج النووي الكوري والحد من النزوع العدائي لبيونج يانج تجاه جارتها الجنوبية. وبالطبع يظل الهدف الأسمى من إطلاق جولة أخرى من التحرك الدبلوماسي نزع سلاح كوريا الشمالية بطريقة سلمية، لكن التحرك حتى يكون مجدياً عليه أن يحدد بوضوح التكلفة المترتبة على فشل المفاوضات مرة أخرى على غرار المناسبات السابقة التي بدأت فيها المباحثات فقط لتنتهي إلى لا شيء، فلفترة طويلة قيل للكوريين الشماليين أن "عليهم نزع السلاح النووي، وإلا"، ومع ذلك تحدى النظام في بيونج يانج المجتمع الدولي دون أن يلقى الرد المناسب ولا واجه العواقب، لذا من الضروري لواشنطن أن تعمل مع المشاركين في المباحثات السداسية التي تضم كوريا الجنوبية وروسيا واليابان، وأعضاء مجلس الأمن الآخرين على توضيح التداعيات الناجمة عن إخفاق المفاوضات والمتمثلة في العقوبات المالية وتمتين التحالف العسكري بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، فضلاً عن إجراءات أخرى تستهدف النظام في بيونج يانج. وفيما يظل البعض متشككاً في إمكانية الوصول إلى نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية من خلال الدبلوماسية، لا بد من الإشارة إلى أنه سيتم البناء على الاتفاقية الموقعة مع إدارة بوش عام 2005، والتي تعهدت بتقديم تحفيزات سياسية واقتصادية لكوريا الشمالية مقابل تفكيك كلي وقابل للتحقق لجميع الخطوات النووية التي أقدم عليها نظام كيم يونج إيل، وهو الاتفاق الذي انهار بسبب امتناع كوريا الشمالية عن كشف أسرارها النووية للمفتشين الدوليين. لذا يتعين على المفاوضات الجديدة تجنب الطريق المسدود الذي دخلته المفاوضات في السابق دون التخلي، أو التنازل عن مطلب نزع السلاح. ومع أنه لا بد من الحفاظ على التحفيزات السياسية والاقتصادية وإبقائها على طاولة المفاوضات يتعين على واشنطن بناء استراتيجية تفاوضية جديدة تقوم على ثلاثة عناصر: أولًا الاهتمام بالسلامة النووية، إذ لا يمكن المطالبة بتفكيك المفاعلات النووية وباقي المنشآت المرتبطة بها دون التحقق من سلامتها، كما أن التسرب الإشعاعي الذي حصل في مفاعل "فوكوشيما" الياباني في شهر مارس الماضي طال مفاعلًا قديماً لكنه آمن حسب المعايير الدولية، فما بالك بمفاعل "يونجبيون" في كوريا الشمالية، الذي هو أبعد ما يكون عن معايير السلامة. وقبل عقد تقريباً، اعتبرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن المنشآت النووية لكوريا الشمالية ونظام حجز الإشعاعات، بالإضافة إلى طرق التخلص منها تعاني قصوراً كبيراً، ولم تنجح الوكالة في فرض أي من معايير السلامة المعترف بها دولياً. كما أن ممارسات البناء المطبقة في مجمع البلوتونيوم القديم وما يرتبط به من أجهزة الطرد المركزي التي كُشف عنها عام 2010، تتعارض تماماً مع المعايير المطبقة على الصعيد العالمي. لذا يتعين أولًا قبل الشروع في الحديث عن تفكيك المنشآت النووية لكوريا الشمالية تأمين سلامتها، فقد كان آخر تدريب خضع له المسؤولون في كوريا الشمالية حول مراقبة المفاعلات وضمان سلامتها في عام 2002، ويمكن لكوارث سواء طبيعية أو بفعل البشر أقل بكثير من تلك التي ضربت مفاعل "فوكوشيما" في اليابان أن تلحق أضراراً كبيرة بالمجمع النووي بكوريا الشمالية، وقد يحصل تسرب إشعاعي يمتد ضرره إلى مناطق بعيدة داخل قارة آسيا. ويبقى العنصر الثاني الذي يجب الاهتمام به من قبل واشنطن وباقي الدول المشاركة في المباحثات السداسية هو مسألة الردع النووي، بحيث يتعين على كوريا الشمالية الاقتناع بأن أسلحتها النووية لن تشكل عامل ردع في غياب صواريخ طويلة المدى قادرة على حمل الرؤوس النووية، وبدلاً من الاطمئنان إلى ترسانة غير مكتملة من الأسلحة لضمان الأمن يجب على واشنطن تذكير بيونج يانج بأن الاستفزازات العسكرية على غرار تلك التي تمارسها ضد جارتها الجنوبية قد يؤدي إلى اندلاع حرب بينهما، وأن سلاحها النووي لن يجعلها بمنجى عن الرد. أما العنصر الثالث الضروري في استراتيجية التفاوض فيتمثل في استبعاد تماماً الطاقة النووية كوسيلة لتوليد الكهرباء، لا سيما بعد الكارثة التي تعرض لها مفاعل "فوكوشيما" الذي يعمل بالمياه الخفيفة، وهو نفس النوعية من المفاعلات التي تصر كوريا الشمالية على الحصول عليه، إذ بالإضافة إلى معايير السلامة غير المتوافرة، هناك أيضاً الكلفة الباهظة والسنوات الطويلة التي تستغرقها عملية بنائها. ويفضل في هذا السياق طرح بدائل على كوريا الشمالية مقابل نزع سلاحها النووي والتخلي عن الطاقة النووية، ومن المقترحات التي طرحتها كوريا الجنوبية عندما كنت مشاركاً في المباحثات السداسية الاعتماد على الكهرباء التقليدية، كما أن المباحثات الأخيرة بين روسيا وكوريا الشمالية حول أنابيب نقل الغاز الطبيعي قد تمثل بديلًا آخر عن الطاقة النووية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©