الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المستثمرون الأميركيون... وأزمة الديون الأوروبية

المستثمرون الأميركيون... وأزمة الديون الأوروبية
12 أكتوبر 2011 01:23
والتر هاملتون محلل اقتصادي أميركي على غير العادة لم يكن الصيف الجاري شهر إجازات في أوروبا، فقد عانت أسواق الأسهم الأوروبية على مدار الأشهر الماضية من أسوأ تراجع لها منذ الأزمة الاقتصادية للعام 2008. وفيما خسرت صناديق الأسهم الأميركية 14 في المئة خلال الربع الثالث من العام الجاري، وصل معدل الخسارة التي منيت بها صناديق الأسهم الأوروبية إلى 23 في المئة. والمشكلة أن الأميركيين تحولوا على مر السنوات إلى أهم المستثمرين في الأسهم العالمية بضخهم لمبالغ قياسية في صناديق الأسهم الأجنبية في الوقت الذي يفرون فيه من الأسواق المحلية داخل أميركا، وهو ما يعرضهم اليوم لصعوبات كبيرة بالنظر إلى أزمة الديون في اليونان التي انطلقت قبل عامين، وتهدد بالانتقال إلى الاقتصادات الأوروبية الكبرى، والأكثر من ذلك جهل العديد من المستثمرين الأميركيين الذين يضخون أموالهم في صناديق أسهم متنوعة، مثل تلك التي تستثمر في ادخارات التقاعد، بحجم الأموال التي تضخها تلك الصناديق في الأسواق الأوروبية، لا سيما وأن المراقبين يقدرون حجم الاستثمار في الأسواق الأوروبية بنحو 55 في المئة من إجمالي استثمارات الصناديق الأميركية. ورغم كل الأضرار التي لحقت بالمستثمرين الأميركيين الذين راهنوا على أسواق عالمية في بلدان مختلفة تبقى الأزمة الأوروبية الأكثر حدة التي تهدد بزعزعة الأسواق العالمية، وتنذر بانهيار مالي جديدة يفضي إلى ركود اقتصادي ثان. والسؤال اليوم هو ما إذا كانت الأسواق الأوروبية ستسوء أكثر قبل أن تتحسن، فقد شهدت أسواق الأسهم الأوروبية تسابقاً من قبل المستثمرين للبيع خلال الشهور الأخيرة بسبب الاعتقاد الراسخ بعدم قدرة أوروبا على معالجة مشكلتها المالية، لا سيما بعد مصاعب اليونان ودول أخرى وجدت نفسها مثقلة بديون راكمتها على مدى العقود الماضية. ويعني ذلك أن الاقتصادات الأوروبية ومعها أسعار الأسهم قد لا تستعيد عافيتها في أي وقت قريب، وهو ما يحذر منه "دين تيرينيلي"، مدير أحد الصناديق الاستثمارية بلندن قائلًا "قد تكون السنتان المقبلتان جحيماً حقيقاً". لكنه يؤمن بأن أوروبا ستقر الإصلاحات الهيكلية الضرورية للخروج من الأزمة، ويبدو أن المستثمرين الأميركيين يتمسكون بالسوق الأوروبية، إذ رغم سحبهم لنحو 800 مليون دولار من الصناديق الاستثمارية في الأسبوع الماضي أضافوا أكثر من 2.8 مليار دولار إلى تلك الصناديق خلال شهر سبتمبر الفائت، هذا في الوقت الذي بيعت فيه أكثر من 5.7 مليار دولار من الأسهم المحلية في الأسبوع الماضي فقط، وفيما سحب المستثمرون الأميركيون 370 مليار من السوق الداخلي منذ العام 2005 فقد ضخوا 415 مليار دولار في الصناديق الأجنبية، بحيث يبدو أن المستثمرين التزموا بنصيحة "وول ستريت" بضرورة تنويع الاستثمارات العالمية على اعتبار أنها الاستراتيجية الأفضل للاستثمار على المدى البعيد. لكن من غير المعروف حدة الخسائر التي ستتكبدها الأسواق الأوروبية بسبب أزمة الديون الحالية، فالسيناريو الأسوأ يتمثل في تخلف اليونان عن دفع فوائد السندات للمستثمرين، وانتقال العدوى إلى بلدان أخرى مثل إسبانيا والبرتغال وإيطاليا وإيرلندا، والإضرار بالبنوك التي اشترت ديوناً سيادية، وهو ما يعبر عنه "أليك يونج"، المحلل بوكالة "ستاندار أند بورز" بقوله "إذا لم يتم حل معضلة الديون الأوروبية يبقى خطر الانزلاق أكثر قائماً حتى بعد موجة البيع التي شهدتها الأسواق المالية". ولعل ما يفاقم الأمور أكثر بالنسبة للمستثمرين الأميركيين استمرار "اليورو" في التراجع أمام الدولار جراء الأزمة الطاحنة التي تهز الأسواق المالية، فقد انحدر اليورو الذي يضم تحته 17 بلداً أوروبياً إلى 1.34 للدولار مقابل 1.45 في شهر أغسطس الماضي، وهو ما يترتب عليه خفض قيمة الأوراق المالية المقيمة باليورو في أسواق الأسهم. فعلى سبيل المثال تراجع سوق الأسهم الألماني بنحو 23 في المئة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، لكن الخسارة الحقيقية بالنسبة للمستثمرين الأميركيين تجاوزت ذلك لتصل إلى 28 في المئة بعد احتساب قيمة "اليورو" المنخفضة مقارنة بالدولار. وإذا استمر انخفاض "اليورو" بسبب الأزمة المالية فلا شك أن مداخيل المستثمرين الأميركيين ستواصل أيضاً انحدارها، وهو ما لا ينطبق على المستثمرين الأوروبيين الذين سيستفيدون من تدهور "اليورو" لتبدو الصادرات الأوروبية أرخص بالنسبة للمشترين الدوليين. ورغم أن بعض المراقبين سعوا إلى تطمين المستثمرين من أن الشركات الخاصة الأوروبية، التي تصدر إلى الأسواق العالمية، وليست معنية فقط بالسوق المحلي، ما زالت قوية ويمكن الاستثمار في أسهمها، يرى البعض الآخر أن الوضع الاقتصادي العام في أوروبا سيئ للغاية ما يحتم التخلي عن صناديق الأسهم الأوروبية، حتى لو كانت متنوعة، محذرين من أن الأمر قد يستغرق من أوروبا سنوات طويلة قبل أن تتمكن من إصلاح اقتصادها. وفيما يفضل المستثمرون الاحتفاظ بالأسهم التي راكموها على مر السنوات حتى لا يضطروا إلى دفع ضرائب على الأرباح، يوضح "ديفيد هفتي"المحلل بإحدى شركات التخطيط المالي أنه من الأفضل للمستثمر دفع ضرائب على الأرباح على أن يخسر قيمة استثماراته إن هو احتفظ بها لفترة طويلة. ورغم الإجراءات التقشفية التي اتخذتها الحكومة اليونانية لمعالجة أزمة الديون المستفحلة، فإنها أعلنت في الأسبوع الماضي عدم قدرتها على الوفاء بالأهداف المتعلقة بخفض العجز للعامين 2011 و2012، ويذكر أن السلطات الأوروبية وضعت حزمتين لإنقاذ اليونان في وقت سابق، لكن الحزمة الأخيرة تواجه عملية إقرارها مشاكل سياسية، وهو ما يخيف المستثمرين ويدفعهم للتشكيك في قدرة الحكومات الأوروبية على ضخ الأموال الضرورية لإنقاذ اليونان، كما يخشى المراقبون للوضع الأوروبي من أن أي إفلاس منظم لليونان على غرار ما تروج له بعض الجهات لضمان حقوق المستثمرين قد يؤدي إلى نتائج غير متوقعة لترتفع بذلك الاحتمالات التي يسعى الجميع لتجنبها والمتمثلة في دخول الاقتصاد الأوروبي في ركود ثان يجر معه بالاقتصاد العالمي إلى مرحلة جديدة من الانكماش. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©