هامبورج الألمانية عنوان للدفء ومزيج من السحر والتاريخ

دبي (الاتحاد) - السفر لألمانيا فسحة رحبة للروح.. سهولها خضراء لا تختفي عن الناظر وطقسها معتدل صيفاً، تتخلله زخات مطر منعشة، بلد يتمازج فيها القديم والحديث بانسجام في مختلف أرجائها الواسعة، فعلى الرغم من كونها واحدة من كبريات الدول الصناعية في العالم، فإن الصورة النمطية الجميلة لألمانيا ما تزال قائمة، حيث تعكس الواجهات الزجاجية للمباني الحديثة في كثير من الأحيان صور الأبراج المزخرفة لكاتدرائيات العصور الوسطى، بينما تطل القلاع القديمة على نهر الراين، وكذلك على خطوط القطارات السريعة التي تربط بين المدن. بلد قدم للعالم عباقرة أغنوا مسيرة الحضارة الإنسانية من جوته ونيتشه وهيجل إلى بيتهوفن وباخ، لذلك وسعت طيران الإمارات من وجهاتها إلى ألمانيا لتشمل مدينتي هامبورج ودوسلدورف، بالإضافة إلى فرانكفورت وميوينخ. وتقع هامبورج على نهر الإلبه في الجزء الداخلي من بحر الشمال، وهي ثاني أكبر الموانئ والممرات المائية الدولية في أوروبا، وتشتهر هذه المدينة الخضراء بشكل عام بكثرة قنواتها وجسورها، فهي مدينة مُحاطة بالمياه ويشقّها عدد من الأنهار والقنوات المائية. وتعد بحيرة الألستر الواقعة في قلبها، جنة لكل من يحب ركوب القوارب الشراعية أو زوارق التجديف، كما إنها إحدى مناطق الالتقاء المفضّلة للراحة وممارسة رياضة الجري أو المشي. ومن المعالم التي تستحق الزيارة يبرز مبنى البلدية «رات هاوس» المشيد من الحجر الرملي والذي يعود تاريخه لأكثر من مئة عام، ويتكون من 647 غرفة ويقف على أكثر من 4000 عمود من شجر البلوط. أقدم بورصة وبجانب مبنى البلدية مباشرة، تقع بورصة هامبورج، التي تعد أقدم بورصة من نوعها في ألمانيا، وتسيطر على صورة المدينة أبراج الكنائس المهمة وهي «سانت كاترينين» و»سانت بيتري» و»سانت ياكوبي» و»سانت نيكولاي» و»سانت ميشائيليس» المسماة «ميشل»، وتعد الأخيرة أهم مبنى كَنَسي في شمال ألمانيا ويعود إلى عصر الباروك. وبالقرب من «ميشل» تقع شقق مكاتب التجار «كراميرامتس فونونغن» وهي عبارة عن نصب تاريخي ومنطقة صغيرة من هامبورج القديمة التي تعود إلى القرن 17، وتم الإبقاء على إحدى شقق التجار التاريخية هذه في وضعها الأصلي وتأثيثها من قبل متحف تاريخ هامبورج بأثاث كامل يعود إلى الأعوام 1850/1860. كما تشتهر المدينة بمتاحفها المرموقة، بالإضافة إلى الكثير من بيوت وصالات عرض الفنون كصالة الفن (كونست هاله) التي تُعد متحفاً للفن وموطناً للعديد من المجموعات الفنية. وفي هامبورج كذلك مدينة المخازن «شبايشر شتادت» التي يمتد عمرها إلى أكثر من 100 عام، أكبر مجمع لمخازن السلع في العالم، وتخزن فيها بضائع كالقهوة والشاي والكاكاو والتوابل والتبغ وأجهزة الكمبيوتر، كما يوجد فيها أكبر مخزن للسجاد الشرقي في العالم. وخلف الحائط الضخم لمدينة المخازن يمكن للسائح أن يتمتع بجو رومانسي بين قنوات المياه الجارية وأبنية عصور قديمة وأبراج غريبة الشكل. مشاريع التطوير وما بين (شبايشر شتادت) والميناء، يتم حالياً تأسيس حي جديد يطلق عليه اسم (هافن ستي) أي (مدينة الميناء). ويعتبر هذا الحي من أكبر مشاريع التطوير الحضري وأكثرها جاذبية في أوروبا، حيث يغطي مساحة 157 هكتارا ويساهم في زيادة مساحة وسط المدينة بنسبة 40%. وهو مشروع يثير الفضول في نفوس زوار وضيوف المدينة، ويذهل السياح بمبانيه الحديثة، بل إن الفضول دفع أهل هامبورج أنفسهم إلى التجول على طول الشوارع الممتدة على جوانب أحواض الميناء ليشاهدوا التغييرات التي تطال شكل (مدينة الميناء) باستمرار بسبب تسارع أعمال البناء في هذا المشروع الذي يهدف باختصار إلى بناء: نموذج مصغر لمدينة كبيرة، تجمع عدداً من الوحدات السكنية والتجارية والترفيهية في منطقة خضراء موحدة تمثل نموذجاً مستداماً للمشاريع. معلم فني عالمي ومن أروع الأعمال الهندسية لهذا المشروع تبرز القاعة الجديدة للأوركسترا والحفلات الموسيقية «إلب فيلهارموني» التي مازالت تحت الإنشاء، حيث يمزج تصميمها بين العراقة والحداثة. ومن المقرر لهذا المبنى أن يكون معلماً لتمثيل مدينة هامبورج عالمياً، ويضم 26 طابقاً. ولمحبي الأطعمة تتوفر مطاعم تقدم وجبات البحارة والبيتزا البسيطة وأطعمة هامبورج التقليدية، بالإضافة للمطاعم الفخمة المنتشرة على طول نهري الإلبه والألستر، وليكتمل مشهد المدينة لابد من زيارة سوق السمك، إذ يتزاحم الناس صباح أيام الأحاد في الممرات الضيقة، حيث تباع كافة أنواع المأكولات والفواكه والسلع بأسعار رخيصة ويمكن الحصول على شتى البضائع تحت سقف قاعة المزاد العلني التي يبلغ عمرها مائة عام. وتقدم المدينة كذلك نشاطات ترفيهية للكبار والصغار، ففي حديقة الحيوانات «هاغين بيكس» سيحظي الأطفال بفرصة إطعام الزرافات والفيلة أو مشاهدة ببغاوات الآرا الطائرة. كما يجذب حوض الأحياء المائية الزوار، حيث يمكن الذهاب في رحلات استكشافية ودخول أعماق المياه الاستوائية، والغابات الاستوائية وشبه الاستوائية، والمغاور والكهوف الغامضة. وفي قلب مدينة هامبورج، حيث تقع الجدران التاريخية «التين فال انلاغين» والمنطقة الخضراء الشهيرة «بلانتن اون بلومن»، يفضل الكثير من الناس قضاء أوقات فراغهم، حيث توجد حديقة النباتات والأشجار والبيت الاستوائي وأكبر حديقة يابانية في أوروبا. وهامبورج مدينة للموسيقى بامتياز فتعود التقاليد الثقافية فيها إلى العصور الوسطى. وترك الشعراء ومؤلفو الموسيقى المشهورون عالمياً آثارهم في تاريخ ثقافتها الطويل. وهي من أكبر المدن العالمية لعروض المسرحيات الغنائية الموسيقية في العالم. ومنها انطلقت فرقة البيتلز الشهيرة ففي مطلع الستينات عندما كانوا مغمورين قدموا عروضهم التي تمتد لثمان ساعات في نادي النجوم وقد خلدت المدينة الفرقة الموسيقية في متحف خصص لهم يضم أهم مقتنياتهم وأزيائهم.