الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«البنديرة» تستعير حياة البحر وتكشف الخلل في المعتقدات الخاطئة

«البنديرة» تستعير حياة البحر وتكشف الخلل في المعتقدات الخاطئة
11 أكتوبر 2011 09:42
(دبي) - شيء من حياة البحر والحارة، حياة النوخذة وأسرته وبحارته، الحياة الاجتماعية والمعتقدات والخرافات، كلها كانت أحداث في مسرحية «البنديرة» التي قدمها مسرح دبي الأهلي ومن تأليف وإخراج الفنان أحمد مال الله، وشارك فيها ثلاثة فنانين وثلاث فنانات، وذلك في اليوم التاسع من أيام مهرجان دبي لمسرح الشباب التي تقام على مسرح ندوة الثقافة والعلوم بدبي وتنتهي بعد غد الأربعاء. قبل انفتاح الستارة تنطلق من الخشبة إيقاعات عود حزينة، ثم تنكشف الستارة عن إضاءة خفيفة في الزاوية اليمنى على امرأة تتأوه وتتنقل، ثم يظهر البحارة بأغانيهم الـ«هيلي يا مال»، ويبرز من بينهم النوخذة متحدثا عن شيخ النواخذة، وعن رحلته القادمة في البحر، وتعود المرأة وهي تهمس «ما باه»، لكنها تبدو في حالة ولادة، ويأتي الطفل الذي سيمنحه والده اسم أحمد، لكن والدته حليمة حين تنظر في وجهه ترى ما يجعلها تفر منه إلى حد رفض التعامل معه. وذلك كله وسط إيقاعات موسيقية وتنويع في الإضاءة بما يلائم الموقف. يقرر النوخذة الرحيل (الممثل عبد الله الباهتي)، ويوصي زوجته حليمة (الممثلة صوغة) أن ترعى الابن الجديد أحمد (سالم التميمي)، لكنها تكون قد وصلت إلى درجة الشعور بالنبذ والانفصال تجاهه. بينما تهتم بابنها الأول ناصر (عبد الله سعيد حيدر) وتدلله وتطلب منه الاهتمام بالدكان مصدر الرزق في غياب الوالد. وحين يغدو أحمد في الخامسة عشرة تقوم علاقة حب بينه وبين أسماء (الممثلة عذاري)، ثم فجأة يقرر تركها لشعوره أنها تشفق عليه، رغم تشبثها به، ويرحل بحثاً عن والده. وفي تصعيد درامي، تقرر حليمة طلب يد أسماء لابنها ناصر، وبعد تردد توافق أسماء وأمها (الممثلة ريم)، ويقام العرس التقليدي، ويستغل المخرج الموروث من الغناء الإماراتي بمرافقة الطبل والعود. وفي المقلب الآخر يظهر البحارة وهم عائدون، ويظهر من بينهم أحمد ليصرخ «راجعين لك يا أسماء»، وسط مشهد إضاءة يكثف لحظة العودة، بينما هي تدخل بيت زوجها. وخلال فترة قليلة تحمل وتبدأ الخلافات مع زوجها على ضرورة تأمين سكن آخر بعيداً عن أمه، وتهدده «يا أنا وطفلي، يا أمك»، وتمر الشهور، ويرسم المخرج خلالها العديد من المشاهد القصيرة، مرة من البحر ومرة من حياة العائلة، ثم تأتي لحظة الولادة، فتقرر أسماء أنها لا تريد الطفل، وتهمس بالطريقة نفسها التي همست بها حليمة من قبل «ما باه»، وفعلا بعد أن تنظر في وجهه تلقيه لوالده، فيقرر أن يسميه أحمد، ويسلمه إلى والدته لترعاه. العجوز الملتفحة بقطعة قماش وتبدو متعبة، تلتف هي والطفل وتختفي تحت غطائها، ويعود المشهد للبحر والعائدين، بإيقاعات متسارعة، وفجأة يظهر من تحت غطاء العجوز الشاب أحمد الذي عرفناه. فأي معتقد أو خرافة تقف وراء هذا السلوك الذي تسلكه المرأة في الحالتين، هل هو الفأل السيئ والتشاؤم، أم ثمة أسباب نفسية أو اجتماعية أخرى وراء ذلك؟ هنا يقع العرض في بعض الغموض. ولعل النهاية التي انتهت إليها حليمة ببؤسها تعلمنا باكتشافها أنها هي سبب العطب أو الخلل الذي بدأ بها وامتد لزوجة ابنها. المشهد الأخير مشهد تراجيدي يحمل عذابات البحر وأهواله، خصوصا للنوخذة الذي يغيب خمسة عشر عاما ويعود مع ابنه الطامح بالزواج من حبيبته التي لا نعرف مصيرها، بينما تتقدم السفينة وتبرز من فوقها «البنديرة» التي ترمز للقيادة والسمو. وربما كان ثمة أكثر من مستوى للتعامل مع البنديرة، وعلى الأقل هناك المستويان الحقيقي والرمزي، المستوى الحقيقي في هذه «الخيمة» التي تظلل العائلة كلها من البحارة، والمستوى الرمزي الذي يجسده الأب الراعي للعائلة حتى وهو في رحلته من أجل الغوص والبحث عن الرزق. يتحكم المخرج بنصه بشكل جيد، ويقدم عرضا متوازنا من حيث علاقة العناصر ببعضها البعض، سواء على صعيد الاختيار المقنن للإضاءة أو للمؤثرات الصوتية، أو على صعيد تحريك الممثلين وإبراز تعبيراتهم على نحو واضح. ويؤدي الممثلون أدوارهم بصورة مقبولة ومقنعة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©