الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الهجرة النبوية .. قيم متجددة لمواجهة التحديات الراهنة

الهجرة النبوية .. قيم متجددة لمواجهة التحديات الراهنة
24 أكتوبر 2014 02:03
حسام محمد وأحمد مراد (القاهرة) أرست الهجرة النبوية الشريفة عدداً من القيم والدروس، في مقدمتها التضحية والفداء والإيثار وحب الأوطان، ولا تزال هذه المعاني نبراساً تهتدي به أمتنا العربية والإسلامية، خاصة في هذه الأوقات، حيث تجابه الأمة العديد من المخاطر والتحديات التي تستوجب الاستفادة من دروس الهجرة واستقراء دلالاتها. «الاتحاد» استطلعت آراء نخبة من علماء الدين حول كيفية استفادة الأمة من هذه الدروس في عصرنا الراهن. طالب علماء الدين المسلمين بضرورة الاستفادة من دروس الهجرة النبوية لبناء مجتمعاتنا الإسلامية على أسس قوية من خلال تبني القيم السمحاء لرسالة المهاجرين الأوائل، مؤكدين أن المسلمين اليوم في أشد الحاجة إلى قيم الهجرة النبوية لمواجهة التحديات الصعبة التي يعيشونها الآن. وشددوا على أن دروس الهجرة النبوية تصلح للتطبيق في كل زمان ومكان، ومن خلالها يستطيع المسلمون أن ينتقلوا من حالة الضعف إلى القوة، ومن حالة التفرقة إلى الوحدة. أسس البناء يقول الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر والأمين العام لهيئة كبار العلماء: «لا بد من توحيد الكلمة والهدف والإخلاص في النية والقول والعمل من أجل تخطي تحديات هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الأمة الإسلامية، والاستفادة من معاني وقيم حدث الهجرة النبوية الشريفة كالتضحية والفداء والإيثار وحب الأوطان»، مشيراً إلى أن تلك المعاني تمثل أسس بناء الأمم وصمام أمان المجتمعات. ويوضح أن الهجرة النبوية المشرفة كانت البداية الحقيقية لوضع الأسس والمبادئ الحضارية لبناء الدولة المدنية الحديثة القائمة على تفعيل وتطبيق مفاهيم العدل والمساواة بين البشر، ثم انطلقت بعد ذلك نحو ترسيخ مبادئ الوسطية والتسامح والارتقاء بالمعاني الإنسانية والقيم الروحية، ووضعت الإنسان في مقدمة الاهتمامات، لافتاً إلى أن الهجرة النبوية الشريفة كانت الحدث الفارق الذي غير مجرى الحياة والتاريخ، وبدأت معه الأمة في مسيرتها الحضارية والإنسانية ببناء دولتها الإسلامية بمفهومها الحديث والقانوني المعاصر والمتمثل في ثلاثية الترابط والتوافق والتناغم بين الشعب والدولة والدستور. التخطيط الجيد ويلفت الدكتور عبد المقصود باشا، أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر، النظر إلى أن التخطيط الجيد للهجرة برز من جوانب عدة، أولها رد أمانات الكفار إليهم، ثم اختيار رفيق الطريق، ثم تجهيز رواحل الركوب، ثم الدليل الذي قادهما في هذه الرحلة الشاقة، ثم خداع المشركين بإيهامهم بنوم علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، مكان النبي صلى الله عليه وسلم، ثم متابعة أخبار الكفار، ثم محو آثار الأقدام حتى لا يتتبعها أحد، كل هذه الخطط المحكمة والقرارات الرشيدة تمثل تخطيطاً دقيقاً للهجرة، لا بد أن نستفيد منها اليوم، فلا بد أن يتوقف الجميع عن إقصاء المخالفين لهم في الرأي، ولابد من التخطيط الدائم والمراجعات الشاملة والاستعداد الجيد للمستقبل، لأن ما نعيشه اليوم من تخبط وعشوائية في معظم أمور حياتنا سببه غياب التخطيط الجيد. ويطالب بضرورة أخذ الدروس والعبر من الهجرة النبوية، وأولها التوكل على الله واتباع أوامره. التضحية ويؤكد الدكتور صبري عبد الرؤوف، أستاذ الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر: أن «الهجرة النبوية تعد مدرسة تتجدد كل عام، وفي مقدمة الدروس المستفادة منها، تعلم المسلمين كيفية التضحية بالغالي والنفيس في سبيل نصرة الإسلام ديناً وأمة، ولذلك كان تشريع مبدأ الهجرة في الإسلام من أجل الاستمساك بالدين وإقامة دعائمه وجعلها مصدر قوة المسلمين، ولتحقيق ذلك اليوم، يجب على الدعاة والعلماء أن يجندوا إمكاناتهم وعلمهم لنصرة الإسلام أولاً وإحياء مبادئه وتعاليمه في نفوس كل المسلمين، حتى تعود لهم عزتهم وكرامتهم، ويختفي التعصب الفكري الذي استشرى في مجتمعنا». البحث عن بدائل ويلفت الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق نظرنا إلى أن الرسول لم يأخذ بالحلول الجاهزة، فعلى سبيل المثال كان هناك اقتراح بأن تكون الهجرة إلى الحبشة على اعتبار أن النجاشي ملك الحبشة استقبل المسلمين من قبل وحماهم من بطش كفار قريش، وعرف عنه العدل والتسامح، كما كانت هناك محاولات سابقة باتجاه البحث عن أماكن أخرى أكثر أماناً من مكة التي تشكل خطراً يهدد حياة النبي وأصحابه ويهدد مستقبل الإسلام، ونجحت فكرة الهجرة إلى يثرب التي سميت فيما بعد بالمدينة، وهو ما يجعلنا نؤكد أن فكرة الحلول الجاهزة ليست صحيحة، ففي كل وقت وفي كل ظرف، يجب أن يبذل الناس أقصى وسعهم، وأن يبذلوا كامل جهدهم في التفكير وتوطين النفوس على تحمل المشاق ومواجهة الصعاب. المجتمع الجديد وتشير الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، إلى أن في الهجرة النبوية بياناً للأمة في كل زمان ومكان بضرورة توثيق الصلة بالله تعالى، فقد بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أول عمل بعد هجرته من مكة إلى المدينة بإقامة المجتمع الجديد على توثيق الصلة بالله، فبنى المسجد النبوي أولاً، ليكون همزة الصلة بين العباد وربهم. ثم كان الأساس الثاني في بناء الدولة الجديدة، هو إقامة التعاون والمؤاخاة بين الذين هاجروا وتركوا أوطانهم وبين المقيمين في المدينة من الأنصار، فكانت المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، ثم كان الأساس الثالث في بناء الدولة تلك الوثيقة التي تعتبر أول وثيقة عرفتها البشرية لحقوق الإنسان، والمعروفة بصحيفة المدينة التي حدد فيها النبي حقوق وواجبات المسلمين وغير المسلمين الذين كانوا يعيشون في المدينة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©