الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

يهود يعادون الصهيونية ويناصرون القضايا العربية

20 يناير 2007 23:35
غادة سليم: منذ أقدم العصور نشط اليهود في تضخيم تاريخهم وترديد أكاذيب تدعي أنهم وحدهم العنصر الأرقى والجنس الأذكى والشعب المختار· ومع مرور الوقت نجحت المنظمات اليهودية عبر تغلغلها في العديد من المجتمعات الغربية والمنظمات الدولية في وضع إستراتيجيات تجرّم أي شخص يعارض احتلال إسرائيل لفلسطين أو ينتقد اجتياح غزة، أو لا يوافق على إقامة المستوطنات أو يدين جدار الفصل العنصري أو يشجب حرب إسرائيل على لبنان؛ لأنّ تهمة معاداة السامية باتت جاهزة دوماً للتنكيل بكل من يجرؤ على معاداة إسرائيل حتى وإن كان يهودياً من أبناء جلدتهم· وفي الآونة الأخيرة ارتفعت أصوات كثير من المفكرين اليهود الذين يعتبرون الصهيونية العالمية وجوداً طفيلياً يفترس البشرية ويحاول السيطرة على العالم، ويتخذون من القضايا العربية مواقف منصفة، بل ويلعبون دوراً بارزاً في تنوير العالم بأساليب إسرائيل المخادعة في لي الحقائق وسلب الحقوق· إلا أن العرب لم يحسنوا استغلال هذه الورقة لصالحهم في الصراع العربي الإسرائيلي، ولم يحاولوا تقديم هؤلاء للعالم لكشف الوجه الحقيقي للممارسات الصهيونية، خاصة أن تلك الشخصيات اليهودية التي تغرد خارج السرب أصواتها مسموعة لدى الغرب وتتمتع بقدر كبير من الصدقية· ولا بد لنا هنا من وقفة لتوضيح الهدف من فكرة استعراض مجموعة من المفكرين اليهود المعادين للصهيونية فهي ليست من باب ''·· وشهد شاهد من أهلها'' أو من باب الترويج لفكرة الحوار مع الآخر أو الاختراق، ولكنها محاولة للعثور على المفاتيح المنسية واستخدامها لعل أحدها يساهم في فتح الأبواب المغلقة · فرنسا·· بلا صهيونية هناك قائمة طويلة تضم مفكرين وعلماء يهود لم تشفع لهم ديانتهم اليهودية من الوقوع تحت طائلة معاداة السامية عقاباً لهم على انتقادهم لإسرائيل ومساندة الحقوق الفلسطينية· ويبرز لنا من وسط القائمة اسما الباحثان اليهوديان الفرنسيان 'إستر بن باسا' و'جون كريستوف إتياس' واللذان أعلنا عن رفضهما لوصاية إسرائيل الأبدية على يهود فرنسا ورفضا تعامل تل أبيب معهم على أنهم من رعاياها وكأنهم ضيوف على الأراضي الفرنسية· وفي كتاب لهما بعنوان 'العداء للسامية: الابتزاز الذي لا يطاق'' طالبا بفك الارتباط بين يهود فرنسا وإسرائيل بل والحركة الصهيونية في العالم· وعلى الساحة الفرنسية أيضاً لا يمكن أن نغفل كتابات الصحافي اليهودي ''إريك حزان'' والذي أعلن عداءه للصهيونية في مواقف كثيرة، وقام بفضح الأساليب المخادعة للمجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية ''الكريف''· ومن أبرز مقالاته تلك التي وصف فيها قادة الطائفة اليهودية الفرنسية بالكذب والمراوغة والخداع، لقيامهم بتنظيم مسيرات احتجاج في الشوارع الفرنسية على المقاومة الفلسطينية تم فيها الخلط بين العداء للسامية والعداء للصهيونية· وأظهر ''حزان'' أن هناك تحالفاً ضمنياً بين اليمين المسيحي المتطرف واليمين الصهيوني، مؤكداً على أن القاسم المشترك الوحيد بينهما هو كراهية العرب· وقال حزان: إن الأمر واضح وضوح الشمس لقد بدأ الرأي العام الفرنسي يميل إلى صف الفلسطينيين وهذا ما يرعب ''الكريف''· أما الكاتبة اليهودية الفرنسية ''جوديث بيتلر'' فكان لها مواقف منصفة من القضايا العربية ومعادية للصهيونية، دافعت فيها عن يهود فرنسا وضرورة تحريرهم من قيود الصهيونية· وقالت في إحدى مقالاتها إن تسميم كل نقاش حول الصراع العربي الإسرائيلي والتلويح المستمر بتهمة معاداة السامية هو أسلوب معتاد لإسرائيل، الهدف منه تحييد 6 ملايين مسلم فرنسي عن الصراع العربي الإسرائيلي· وتحويل فرنسا إلى ساحة خالية من المعارضة للتعبير عن مظاهر التضامن المطلق مع إسرائيل سواء من خلال حفلات دعم جيش الدفاع الإسرائيلي، أو من خلال حملات الابتزاز المنظمة للحبر الأكبر ليهود فرنسا ''جوزيف ستريك'' والتي يبتز فيها رجال الأعمال والسياسة تحت شعار 'كلنا إلى إسرائيل··''! من داخل الكيان حتى من داخل الكيان الصهيوني نفسه هناك أصوات رغم انتمائها لجنسية الدولة العبرية، إلا أنه لا يمكن تجاهل ما تسببه لإسرائيل من إحراج بما تحمله من رؤى منصفة للقضايا العربية· من أبرز هذه الأصوات ''يوري أفنيري'' مؤسس حركة ''غوش شالوم'' أي السلام الآن، وأحد المدافعين عن مشروعية قيام دولة فلسطينية، وأول إسرائيلي أقام علاقات متواصلة مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات منذ حصار بيروت عام ،1982 وأحد اليهود القلائل الذين زاروه في مقر المقاطعة المهدم في رام الله قبيل وفاته· وهو الذي اكتشف الوجه القبيح للممارسات الإسرائيلية عن قرب من خلال عمله جنرالاً سابقاً في الجيش الإسرائيلي وعضواً سابقاً في الكنيست· واليوم يوصف بأنه أحد العقلاء النوادر في إسرائيل وأبرز المدافعين عن قيام دولة فلسطين وقائد الصف المعادي للسياسية الأميركية المنحازة لإسرائيل ونال على ذلك جائزة حقوق الإنسان الفلسطينية· وكان من أجمل ما كتبه ''أفنيري'' هو مقال ''سيف محمد'' الذي دافع فيه عن تسامح الإسلام رداً على هجوم بابا الفاتيكان· ونظراً لكثرة مقالات ''أفنيري'' التي يدافع فيها عن الحق العربي ضد الآلة الوحشية الإسرائيلية العسكرية والسياسية، فإن آراءه كثيراً ما تشغل مساحة من الصحف العربية· وننتقي هنا مقالاً نشر له أثناء الاعتداء الإسرائيلي الأخير على لبنان طالب فيه العرب بكشف حقيقة الصهيونية أمام الغرب· وقال: إن إسرائيل أشبه بالعضو الدخيل الذي زرعته الصهيونية في الجسم العربي المسلم· فهبت قوى المناعة الطبيعية في الجسم لرفضه، فما كان من الأطباء (أميركا وأوروبا) إلا أن قاموا بإعطاء الجسم مزيداً من الأدوية ذات العيار الثقيل للقضاء على المناعة الطبيعية (تزويد إسرائيل بالأسلحة)، ولكن الجسم استمر في الرفض!! وكما هو الحال في أي زراعة من هذا النوع، فإن تلك العملية يمكن أن تستمر إلى زمن طويل حتى تنتهي بقبول العضو الدخيل أو موت الجسم والعضو الدخيل معاً· ولو أن العرب عموماً والفلسطينيين خصوصاً أعاروا اهتماماً لما يطرح اليهود من آراء معادية للصهيونية ومؤيدة للحق العربي لكانت في أيديهم اليوم أوراق قوية لفضح إسرائيل أمام الرأي العام العالمي وكشف ابتزازها لمعارضي سياستها من خلال تلويحها الدائم بتهمة معاداة السامية· فها هو ''صموئيل جوردون'' الكاتب الإسرائيلي في صحيفة ''معاريف'' يؤكد في مقال له بعنوان ''معاداة إسرائيلية للسامية'' بأن دائرة المعارف العبرية وصفت معادة السامية بأنها كل مظاهر الكراهية والعنصرية الموجهة ضد الساميين· وقال: وهذا يدل على أن معاداة السامية تشمل كل مظاهر الكراهية والعنصرية الموجهة ضد العرب· فمن المغالطات المقصودة أن توجه تهمة معاداة السامية إلى العرب الذين هم أصل السامية· وكأن العرب هنا يكرهون ويعادون أنفسهم·!! وأكد في مقاله أن صفة السامية لا تنطبق على كل اليهود، بل على الأقلية منهم، ومن الخطأ الجسيم نفي السامية عن العرب وهم قلبها وأصلها· اليهودي الغاضب وإذا كنا سنضرب أمثلة بمفكرين يهود من داخل الكيان عادوا الصهيونية بشراسة وناصروا القضايا العربية بموضوعية فلا يمكن أن نغفل أبداً عالم الكيمياء العضوية واليهودي الغاضب دائماً المتمرد ''إسرائيل شاحاك''· فما قدمه من إسهامات قيمة في فضح المخططات الصهيونية السياسية والدينية لا يقدر بثمن· وهو ما دفع بصحف أميركية موالية لإسرائيل إلى إعلان وفاته وهو على قيد الحياة، وفشلت كل جهود الرجل في إثبات أنه حي يرزق رغم حرصه الدائم على توجيه ضربات موجعة لدولة الحاخامات كما يحب أن يسميها· وله عشرات الكتب الهامة من بينها ''التاريخ اليهودي·· الديانة اليهودية·· وطأة ثلاثة آلاف عام ''والذي كتب مقدمته المفكر الفلسطيني د· إدوارد سعيد· قال شاحاك إنه بدأ نشاطاته المعادية للصهيونية عام 1965 عندما شاهد بعينيه يهودياً متعصباً يرفض استخدام هاتفه يوم السبت لاستدعاء سيارة إسعاف من أجل فلسطيني مصاب في القدس· وعندما سأل شاحاك هيئة المحكمة الحاخامية عن شرعية هذا التصرف من الناحية الدينية أقره الحاخامات مستندين إلى الشرائع التلمودية التي تقر عدم مساعدة الأغيار أي (غير اليهود) خاصة يوم السبت· وما كان من شاحاك إلا أن كتب مقالاً في صحيفة ''هآرتس'' تسبب نشره في فضيحة إعلامية كبرى آنذاك· ولقد لعبت مجزرة كفر قاسم دوراً كبيراً في ترسيخ عدائه للصهيونية· أما صدمته التالية فكانت عام 1956 عندما سمع ''بن جوريون'' يقول في خطاب شهير أمام الكنيست قبل شن العدوان الثلاثي على السويس: ''إننا نريد إعادة مملكة داود وسليمان إلى حدودها التوراتية''· ويقول إسرائيل شاحاك: إن الخطر الرئيسي الذي تشكله إسرائيل كدولة يهودية على شعبها وجيرانها هو سعيها بالدافع الأيديولوجي إلى التوسع الإقليمي وما يترتب عليه من حروب محتومة· فحدود إسرائيل التوراتية تشمل كل سيناء وجزءاً من شمالي مصر حتى ضواحي القاهرة الجنوبية، والأردن بأكمله وجزءاً كبيراً من السعودية وكل الكويت وجزءاً من العراق وكل أراضي لبنان وسوريا، وجزءاً كبيراً جداً من تركيا حتى بحيرة فان وقبرص· وعبر شاحاك عن مقته للأيديولوجية الحصرية التي تتبعها إسرائيل لتهويد القدس والجليل وغيرها من المدن متسائلاً: ''ترى ماذا ستكون ردة فعل يهود الولايات المتحدة الأميركية لو أن الإدارة الأميركية اقترحت خطة بتحويل نيويورك إلى منطقة مسيحية فقط وأمرت بتهجير كل اليهود من بروكلين··!! لقد بذل شاحاك جهداً كبيراً في فضح عنصرية التعاليم اليهودية ضد ''الغوييم'' أو غير اليهود والتي فسرت لنا سر وحشية الجنود الإسرائيليين في التعامل مع الأطفال والنساء والشباب العرب وأوضحت لنا سر تبلدهم عند اقتراف جرائم ضد الإنسانية· فيخبرنا شاحاك أن كلمة إنسان أو بني آدم في دائرة المعارف اليهودية تشير إلى اليهودي فقط· وأن غير اليهود في التلمود هم حرفياً أبناء الشيطان· وأن اليهودي الذي يقتل ''غوييم'' عمداً يحاكم في السماء فقط، والذي يقتل ''غوييم'' بالخطأ لا يحاكم على ذلك لا في الأرض ولا في السماء''· وأوضح لنا أيضا أن هناك نصوصاً توراتية تعتبر الأتراك والبدو والسود في مرتبة الحيوانات البكماء ومن واجب المرء إبادتهم بيديه··!· وقال إن هذه النصوص تدرس بالعبرية في المدارس الإسرائيلية وتمنح رخصة القتل المتعمد للمدنيين الأبرياء لليهودي وتهبه راحة نفسية عظيمة ولا تحمله شعوراً بالذنب لغياب البعد الإنساني للآخر· ويرى شاحاك أن الفضح الكامل للشوفينية اليهودية والتعصب الديني هو أساس النضال من أجل اجتثاث الصهيونية· وربما كان خطاب' ''شاحاك'' في فترة من الزمان وحيداً وشاذاً بين اليهود· إلا أنه لم يعد كذلك اليوم فلقد تضاعف عدد اليهود المعادين للصهيونية الرافضين للأسس العنصرية التي قامت عليها دولة إسرائيل وتزايد عزمهم على فضح الكيان المتوحش·· وفي الحلقة القادمة نستعرض آراء المزيد من اليهود الذين عادوا الصهيونية وناصروا القضايا العربية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©